هآرتس: في حربه مع بوتين ومكافحته أضرار الترامبية.. هل بقي لبايدن وقت لإسرائيل؟

2022-07-05

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (ا ف ب)

تم انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، لإصلاح الجمهورية الأمريكية المحطمة، التي تحتفل اليوم بذكرى الاستقلال الـ 246. لقد تنافس في 2020 لأن خصمه دونالد ترامب والترامبية أعلنوا الحرب على “روح أمريكا”، حسب قوله. وقد قرر الرد على الحرب بكل قوته وقوة الأغلبية. انتخب بفارق 7 ملايين صوت ليعيد الاحترام للبيت الأبيض والعلم والوقائع والحقيقة، وليعيد ترميم النموذج ويغير الأجواء، ويخفف ويسحب السم من الخطاب السياسي ومن العلاقات بين البيت الأبيض والكونغرس.

انتخب بأغلبية ديمقراطية قليلة في مجلسي النواب والشيوخ، من أجل إنقاذ أمريكا من الإهمال، إهمال البنى التحتية، وإضعاف شبكة الأمان الاجتماعية ومنظومة صحية منقسمة بصورة فظة ووحشية بين الأغنياء والفقراء. بالنسبة له، انتخب أيضاً لإنقاذ الولايات المتحدة من فكرة “أمريكا أولاً” الفظيعة، وإنقاذها من الانفصالية وإهمال التحالفات والتخلي عن الالتزامات، لا سيما فيما يتعلق بالصين، ومنذ شباط فيما يتعلق بروسيا وسياستها.

لم يتم انتخابه للتوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، أو من أجل توسيع “اتفاقات إبراهيم”، أو من أجل ترميم علاقات الولايات المتحدة مع السعودية، أو للدفع قدماً باتفاق نووي مع إيران. فهذه قضايا تحاول، وتنجح بشكل جزئي، التسلل إلى جدول أعماله والصعود إلى أعلى سلم أولوياته، ولكنها ليست جوهرية لرئاسته.

عوائق، حواجز، شلل سياسي للأنظمة وإخفاقات في الولايات المتحدة، مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لوباء كورونا، كل ذلك لون السنة الأولى بألوان قاتمة. بعد ذلك جاء غزو روسيا لأوكرانيا، الذي سيشكل التراث التاريخي للرئيس بايدن. وهو يفضل تأطير رئاسته كمحاولة بطولية لإنقاذ الجمهورية من إرخاء العنان العام للحزب الجمهوري ونشاط قانوني وسياسي بصورة واضحة للمحكمة العليا اليمينية – المحافظة، لكن هزيمة بوتين هي التي ستحدد رئاسته.

للرئيس بايدن عدوان تقتضي رئاسته مواجهة شاملة معهما: فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. الأول سعى ويسعى إلى تقويض أسس النظام السياسي – الأمني الأوروبي، وغزا أوكرانيا. والثاني سعى إلى تقويض أسس الديمقراطية الأمريكية، وحاول غزو تلة الكابتول.

بالنسبة لبايدن، فإن بوتين وترامب هما نفس الظاهرة: تحد مستفز للنظام، وهجوم على المبنى القضائي والبنية المعمارية السياسية، واستخدام القوة سواء العسكرية أو السياسية، من أجل تقويض أسس الديمقراطية. المجهر الذي يرى بايدن من خلاله الواقع الذي يربط بوتين وترامب، البوتينية والترامبية، يبين خطراً واحداً كبيراً؛ بوتين يعلن الحرب على النظام العالمي، ويعتبر حليفاً للصين في محاولة لتشكيل نظام جديد. وفي الولايات المتحدة الحزب الجمهوري يستغل عيوب النظام السياسي والمحكمة العليا ويعلن الحرب على أمريكا بايدن.

بايدن نتاج للحرب الباردة. السنوات المشكلة والتجارب المؤسسة حولته إلى الرئيس المثالي للوقوف أمام بوتينية عدائية وعنيفة. ولكن أقل ملاءمة واحتمالية عندما يجب مواجهة الترامبية التي تهدد الديمقراطية الأمريكية وتسمم النظام السياسي مع قطع جميع الغرز التي وحدت الولايات المتحدة. نفس الخصائص ونفس التجارب التي مكنت بايدن من إدارة بصورة مثالية سياسة خارجية حازمة ومنظمة وناجعة ضد بوتين، هي التي تقيده بشكل كبير في الساحة الأمريكية الداخلية.

القدرة على بلورة وتعزيز وتحديد أهداف واضحة وإقامة تحالف دولي ضد بوتين، وتأطير المواجهة معه كمواجهة بين الديمقراطية الليبرالية والديكتاتورية العنيفة التي تريد تغيير قواعد اللعب وتحدي النظام العالمي الأمريكي، غير موجودة عندما يجب مواجهة حزب جمهوري تحول إلى طائفة ترامبية، حتى لو لم يكن فيها ترامب، وكونغرس صاخب غير مستعد للتعاون في أي موضوع، وشعبوية وديماغوجيا تعتبران الحقائق والوقائع قيماً نسبية خاضعة للتلاعب والتفسير. الثقافة السياسية تغيرت، الخطاب تغير، الأدوات السياسية تغيرت، واكتشف بايدن أن قواعد اللعب قد تغيرت. ففي الوقت الذي يتحدث فيه عن التعاون بين الأحزاب (الشراكة)، مثلما كانت العادة منذ يومه الأول في الكونغرس في 1972، يجد الجمهوريين يتحدثون عن قمع التصويت وينفون محاولة الانقلاب التي قام بها ترامب في 6 كانون الثاني 2021، ويبررون حمل فتاة عمرها 12 سنة اغتصبت في سفاح القربى، ويفكرون في استخدام الكلاب لشم الحوامل اللواتي يردن الانتقال من ولاية تحظر الإجهاض إلى ولاية تسمح به. هذا لا يعتبر مبالغة. استمعوا إليهم جيداً.

لذلك، ربما يجدر التسلح بالقليل من التناسب عندما نأتي لوصف زيارة الرئيس بايدن للشرق الأوسط. نعم، يريد اتفاقاً نووياً مع إيران إذا كان هذا ممكناً، وبذلك يرفع هذه المسألة عن جدول الأعمال. نعم، سيكون سعيداً إذا وافقت السعودية على التطبيع مع إسرائيل وشكلت وزناً مضاداً لإيران. نعم، يفضل ألا يكون نتنياهو رئيساً للحكومة بعد تشرين الثاني. ولكن لا، ولا أي أمر من هذه الأمور يهمه حقاً، لكن بوتين يهمه كل ذلك.

 

بقلم: ألون بنكاس

هآرتس 5/7/2022







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي