هآرتس: هكذا منحتنا حكومة التغيير هدوءاً نفسياً دفع ثمنه الفلسطينيون بأرواحهم وممتلكاتهم

2022-07-01

مقابل هذا الهدوء الذي حصلنا عليه، دفعنا بالعملة الفلسطينية، فتاجرنا بدمائهم مقابل مصالحاتنا، وتاجرنا أيضاً بأمنهم الشخصي (أ ف ب)

“العقلانية” كلمة يرغب بها وزراء الحكومة المغادرة. في الوقت الذي أصبح فيه مصطلح “حكومة التغيير” مريراً ومثقباً، تحولت العقلانية إلى رسالة رئيسية. في حكومة متشاجرة مع نفسها وعالقة وتتخلى عن أعضاء جسدها كجسم مجذوم، ظلت “العقلانية” رسالة رئيسية. لا أستخف بهذا؛ فطوال أكثر من عقد بثت حكومات اليمين لجزء تزايد شيئاً فشيئاً من الجمهور بأنهم عفونة زائدة، خونة، شيء ما يمكن احتماله الآن، إلى أن يتم العثور على حل.

الحياة في ظل نتنياهو كانت تحت هجوم فكري على كل الجبهات، ومجموعة أكاذيب فجة مسمومة تبرز من كل شاشة ومن كل عنوان في صحيفة. وصفها عاموس عوز نهاية ولايته الأولى بـ”كومبريصة” توقفت عن العمل تحت الشرفة. ولايات نتنياهو التالية كانت أسوأ. وفجأة عم الهدوء. توقف الناس عن سماع الأخبار. لا لأنها حكومة كاملة الأوصاف، بل لأنها حققت الحد الأدنى الضروري، ألا وهو “العقلانية”.

أعرف “ماكينة السم” التي وصفها نفتالي بينيت، فهو واييلت شاكيد زيّتا عجلاتها بسرور. وأعرف ما يشعران به عندما تدعو وزيرة العدل على سبيل المثال، إلى فتح تحقيق سياسي ضد صديق وزميل لا لشيء إلا ليقولا في نهاية مهزلة محاكة بإهمال: إنه كاذب. رفيقهم في الحزب وصفهم بـ “لاساميين” قبل دقائق من دخوله إلى حكومة “العلاج”. أعرف كيف يكون الحال عندما يصفك الأقوياء في الدولة بالخائن، وأنت تسترق النظر إلى الخلف للتأكد من أنه لا أحد يتبعك.

لهذا اتضح لي أيضاً الفخ الذي وجد حزبا “ميرتس” و”العمل” نفسيهما فيه، بفضل نزع الشرعية المتزايد لحكومة نتنياهو. من الواضح لي لماذا شعر قادة هذين الحزبين أن مصوتيهما لن يغفروا لهما إذا سمحوا بعودة نتنياهو إلى مركز اتخاذ القرار في إسرائيل، ولماذا كانا مستعدين لتقديم تنازلات بعيدة المدى من أجل عدم حدوث مثل هذا السيناريو.

ولكن مقابل هذا الهدوء الذي حصلنا عليه، دفعنا بالعملة الفلسطينية، فتاجرنا بدمائهم مقابل مصالحاتنا، وتاجرنا أيضاً بأمنهم الشخصي وبأراضيهم. لقد توقفنا عن عد عدد التحقيقات النزيهة التي قررت أن جنود الجيش الإسرائيلي أطلقوا النار على الصحفية شيرين أبو عاقلة وقتلوها. وهجمات المستوطنين أصبحت عادة قاسية جعلت من تصريحات بيني غانتس وعومر بارليف النارية التي أطلقاها أمام عدسات الكاميرات محل استهزاء، وأن الأراضي يتم سلبها في وضح النهار بحماية عسكرية ودعم حكومي في “حومش” و”أفيتار”، وما زال اللصوص يحتفظون بمسروقاتهم، في الوقت الذي تعطي فيه الحكومة الملايين للمستوطنين لتمويل شراء حوامات يمكنها العثور على “بناء فلسطيني غير مرخص”.

صادق قضاة المحكمة العليا على تهجير أكثر من 1200 شخص في مسافر يطا؛ لتحويل بيوتهم إلى معسكر تدريب. ومن أجل تشجيع السكان على تهجير أنفسهم، شرع الجيش في تدريباته وبالذخيرة الحية منذ أسبوع بالقرب من بيوت المواطنين. أعلن وزير الدفاع عن ست جمعيات فلسطينية رئيسية كمنظمات إرهابية، مع تقديم بينات رفضتها الدولة بكل احتقار، ويمكن مواصلة تقديم الأمثلة.

الحكومة الحالية فتحت لمنظمات مثل “محطمو الصمت” كوة ضيقة من أجل التنفس والعمل والتفكير. لم يعد بإمكان الوزراء أن يصفوك خائناً، لأن أشخاصاً كانوا يحملون آراء مشابهة جلسوا معهم في الائتلاف نفسه. ولكن قدرتنا على الحديث والعمل بحرية ليست هي الهدف، ومن المحظور علينا التمسك بها كتمسك الفقير بفضلات الطعام. من غير المعقول أن يتحول الحق في حرية التعبير إلى عنوان للنضال الحالي، ومن المحظور أن تنسينا الهجمات التي علينا لماذا ناضلنا منذ البداية من أجل حرية التعبير. على بعد كيلومترات معدودة عنا، يقوم جنود بتعزيز نظام دكتاتوري باسم سرقة أراضي وتفوق يهودي. يومياً، بثمن دموي، والذي نادراً ما يجد طريقه إلى وسائل الإعلام. في السنة التي دفع فيها الفلسطينيون ثمناً للهدوء الذي نتمتع به، بات حقهم في الدفاع عن أنفسهم يكتنفه الشك.

 

بقلم: افنير جبرياهو

هآرتس 30/6/2022







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي