معاريف: إلى بايدن قبل الزيارة.. لا شريك فلسطينياً اليوم لأي تسوية  

2022-06-14

 

الرئيس الامريكي جو بايدن (ا ف ب)

علم في الآونة الأخيرة أن السلطة الفلسطينية “بدأت تمارس ضغطاً شديداً على الإدارة الأمريكية للحصول على بادرة طيبة ذات مغزى في أثناء زيارة بايدن، مع أنه من الصعب أن نرى السلطة الفلسطينية “تمارس ضغطاً على الولايات المتحدة. الزيارة التي كانت ستتضمن السعودية، تأجلت على أي حال، وقد تتأجل أكثر، سواء بسبب الحكومة المنهارة في إسرائيل أم بسبب المعارضة في أوساط أجزاء واسعة من الكتلة الديمقراطية في الكونغرس، وبخاصة في الجناح اليساري لتحسين العلاقات مع السعودية. بسبب أزمة النفط، كانت الزيارة إلى السعودية أحد الأهداف الأساسية للرحلة. ولإسرائيل مصلحة في عدم التصعيد بين واشنطن والرياض، سواء لإقامة العلاقات مع السعودية على أساس دائم وأكثر علانية، أم لتعزيز الجبهة الإقليمية ضد إيران، ونتيجة لذلك مقاومة ميول أمريكا للعودة إلى الاتفاق النووي.

لن يكون الموضوع الفلسطيني في مركز الزيارة المخطط لها، إذا ما جرت، لكن يمكن الافتراض بأن الرئيس سيكون مطالباً بتقديم بادرات طيبة معينة تجاه السلطة الفلسطينية، وذلك إرضاء للجناح اليساري في الحزب الديمقراطي الذي أصبح أعداؤه لإسرائيل أحد البنود الأساس في أجندته السياسية. ذكرت مواضيع مثل زيارة المستشفى العربي في شرقي القدس، وإعادة فتح مكتب م.ت.ف في واشنطن، وأولًا وقبل كل شيء، فتح قنصلية أمريكية منفصلة في القدس الشرقية، الفعل الذي معناه العملي والقانوني هو الإلغاء الفعلي للاعتراف الأمريكي بالقدس الموحدة كعاصمة إسرائيل.

على أي حال، تفتقد العصبة المنقسمة والمتعثرة التي تسمى “حكومة التغيير” للعمود الفقري السياسي والقدرة على التصدي لمعظم التحديات التي أمام إسرائيل، وهذه ستكون مهمة الحكومة التالية، سواء قامت في الكنيست الحالية أم بعد الانتخابات. إسرائيل لا تعيش وحدها، والأزمة العالمية حول الحرب في أوكرانيا، والتصدي المحتدم بين فكرين متنافسين حول النظام العالمي، والتهديد بأزمة اقتصادية عالمية تشدد ذلك بقوة أكبر. وثمة تشوش وسوء فهم وانعدام خط توجيه في تناول الموضوع الفلسطيني الذي يتعلق بنا مباشرة، وذلك ليس في اليسار فقط. أولئك الذين في اليسار قد يدّعون بأن إسرائيل مذنبة في عدم تحقيق السلام، ويتجاهلون عن وعي أو غير وعي، أن الشرط الفلسطينيين الأساس لكل حل، سواء كانوا -زعماً- معتدلين أكثر مثل أبو مازن، أم متطرفين مثل حماس، هو حق العودة للاجئين إلى إسرائيل، والذي يعني شطب دولة إسرائيل. كل ما تبقى، بما في ذلك حل الدولتين، ليس سوى وسيلة انتقالية لتحقيق هذا الشرط.

وأكثر من ذلك، فإن إقامة دولة فلسطينية الآن معناه ليس فقط دولة بسيطرة حماس أو محافل متطرفة أخرى، بل أيضاً جلب إيران إلى حدودنا الشرقية، وتهديد على وجود الأردن، وموجة لا تتوقف من الحروب. إن من خاض المفاوضات من الإسرائيليين إلى اتفاقات أوسلو في حينه، تجاهلوا هذه الحقيقة، وجلبوا قيادة م.ت.ف برئاسة ياسر عرفات إلى البلاد، وأسسوا التكاتف الفكري والعملي بين الشتات الفلسطيني وسكان الضفة الغربية وغزة. بالمقابل، يأمل أجزاء من اليمين بأن بناء مكثفاً في يهودا والسامرة سيقلب الواقع رأساً على عقب، بينما في الهوامش نوع من الحلف غير المكتوب بين عضوي الكنيست كسيف وبن غفير، اللذين يسعيان، لأسباب متعاكسة بالطبع كل على طريقته، إلى دولة واحدة من البحر إلى النهر، مما يعني القضاء على إسرائيل كدولة يهودية.

النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني الذي جذوره أيديولوجية وليست إقليمية في أساسها، ليس النزاع القومي الوحيد في العالم الذي لا حل له. لكن هذا لا يعني عدم وجود تسويات جزئية تخفض لهيب العنف، وتضمن المصالح الإسرائيلية الأمنية والصهيونية، وإلى جانب ذلك توسع المجال الفلسطيني لإدارة شؤونه بذاته. في هذه اللحظة لا يوجد في الجانب الفلسطيني شريك لأي تسوية، جزئية كانت أم غيرها، وعليه فسيستمر الوضع الراهن الحالي، وهذه هي الرسالة الوحيدة التي يمكن للرئيس بايدن، إذا ما جاء، أن يأخذها معه عائداً إلى واشنطن.

 

بقلم: زلمان شوفال

معاريف 14/6/2022







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي