كيف ردت كوريا الشمالية على استعراض القوة الأمريكي؟

الأمة برس - متابعات
2022-06-08

أرشيفية نشرتها وكالة الأنباء الكورية الشمالية للزعيم كيم جونغ أون(ا ف ب)

تأتي الاختبارات بعد إجراء مناورات بحرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وكانت آخر مرة أجرت فيها بيونغ يانغ تجارب صاروخية في نهاية رحلة بايدن في مايو (أيار).

نشرت وكالة بلومبرج الاقتصادية الأمريكية تقريرًا لصوفي جاكمان وسانجمي تشا حول الاختبارات الصاروخية التي أجرتها كوريا الشمالية يوم الأحد 5 يونيو (حزيران) 2022 والتي شملت إطلاق ثمانية صواريخ من أربعة مواقع مختلفة، وهو ما يمثل تطورًا جديدًا في اختبارات الأسلحة الكورية الشمالية.

وتقول الكاتبتان في مستهل تقريرهما: أطلقت كوريا الشمالية ثمانية صواريخ باليستية قصيرة المدى يوم الأحد يونيو (حزيران) 2022، مما يدفعها إلى رقم قياسي من عمليات الإطلاق في عام واحد تحت قيادة كيم جونج أون، الذي يبدو أنه مستعد لتصعيد التوترات بأول اختبار له لقنبلة نووية منذ عام 2017.

وقال جيش كوريا الجنوبية إنه اكتشف إطلاق الصواريخ من أربعة مواقع مختلفة، بما في ذلك منطقة حول مطار بيونج يانج الرئيس باتجاه المياه قبالة الساحل الشرقي لكوريا الجنوبية، ومن المرجَّح أن يكون وابل الصواريخ الباليستية ليوم واحد هو الأكبر منذ تولى كيم السلطة قبل عقد من الزمان، حيث تفوقت عمليات الإطلاق هذا العام على الرقم القياسي السابق البالغ 24 صاروخًا. وأطلقت كوريا الشمالية حتى الآن 31 صاروخًا باليستيًّا في عام 2022، والتي تشمل محاولتين فاشلتين على الأقل.

وقالت هيئة الأركان المشتركة لكوريا الجنوبية في بيان: «بينما عزَّز جيشنا مستويات المراقبة واليقظة للتحضير لأي عمليات إطلاق إضافية، فإننا نحافظ على وضع الاستعداد الكامل بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة».

اليابان: اختبارات الصواريخ تهديد للسلام

ونقل التقرير عن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا قوله إنه أُبلِغ أن الصواريخ سقطت خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة لبلاده، واصفًا الإطلاق بأنه تهديد للسلام. واجتمع مجلس الأمن القومي في كوريا الجنوبية لمناقشة أنشطة كوريا الشمالية.

وقالت كوريا الجنوبية إن الصواريخ وصلت إلى ارتفاع أقصى يتراوح بين 25 و90 كيلومترًا (16-56 ميلًا) بسرعة تقترب من 3 إلى 6 ماخ، وقطعت ما يقرب من 110 إلى 670 كيلومترًا. وقالت وزارة الدفاع اليابانية إن صاروخًا واحدًا على الأقل كان مساره غير منتظم.

وتوضح الكاتبتان أن المبعوث الأمريكي لسياسة كوريا الشمالية، سونغ كيم، إلى جانب نظرائه في كوريا الجنوبية واليابان، استنكروا بشدة عمليات الإطلاق الأخيرة بوصفها انتهاكًا صريحًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واستفزازًا خطيرًا يزيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة المجاورة، في الجنوب، وفقًا لما ذكرته وزارة الخارجية الكورية الجنوبية في بيانٍ لها.

وتضيف الكاتبتان: يأتي الاختبار الأخير بعد أن أجرت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة تدريباتٍ بحرية مشتركة في المياه الدولية قبالة جزيرة أوكيناوا اليابانية. وتعهَّد الرئيس الكوري الجنوبي الجديد يون سوك يول بتعاون أمني أوثق مع بايدن وتكثيف التدريبات العسكرية المشتركة – التي انتقدتها بيونج يانج لسنوات بوصفها مقدمة لغزو محتمل.

وقالت سو كيم، محللة السياسات في مؤسسة راند، والتي عملت سابقًا في وكالة الاستخبارات المركزية، إن: «التزام كيم الصمت بعد ذلك (التدريبات البحرية المشتركة) كان سيشكِّل علامة ضمنية على الاستكانة».

كوريا الشمالية والاختبار النووي

وفي متابعة لتصريحها قالت سو كيم مستدركة: «ولكن كيم جونج أون لم يجرِ تجربة نووية. ونحن نعلم أنها قادمة، لذا فالمسألة تتعلق بوقت إجرائها، وليس هل كان سيجريها أم لا»، مضيفةً أن بيونج يانج ستراقب كيف يستجيب بايدن ويون لهذه الموجة الأخيرة من اختبارات الصواريخ «بوصف ذلك مقياسًا لإجراءاتهما إزاء استفزاز أكثر حدة».

ويشير التقرير إلى تصريح القيادة الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ إنها على علم بآخر عمليات إطلاق الصواريخ، قائلةً في بيان لها إن إطلاق تلك الصواريخ «يسلِّط الضوء على التأثير المزعزع للاستقرار لبرنامج الأسلحة غير المشروعة لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية»، في إشارة إلى كوريا الشمالية باسمها الرسمي.

وقال بارك وون جون، أستاذ دراسات كوريا الشمالية في جامعة إيوا النسائية في سيول، إن الغرض من الإطلاق الأخير للصواريخ يحمل معنًى تكتيكيًّا، لأن ثمانية صواريخ أُطلِقت من أربعة مواقع مختلفة.

وأضاف: «يصبح من الصعب الكشف عن الصواريخ المتعددة والدفاع ضدها عندما تطلق في وقت واحد من مواقع مختلفة. وتحاول بيونج يانج إيصال رسالة تفيد بأن الردع المعزَّز الذي اتفق عليه بايدن ويون وأن التدريبات العسكرية الأخيرة لن تساعد في محاربة استفزازهم».

وكانت آخر مرة أطلقت فيها كوريا الشمالية صواريخ في 25 مايو (أيار)، بعد ساعات فقط من إنهاء جو بايدن رحلته الأولى بصفته رئيسًا إلى كوريا الجنوبية واليابان. وكانت واحدة من أكبر الاستفزازات التي تزامنت مع زيارة رئيس أمريكي للمنطقة ووُضِعت جهود بايدن لتعزيز العلاقات الدفاعية مع الحليفين الأمريكيين على المحك آنذاك.

شاشة تلفاز تظهر لقطة من الارشيف لاختبار صاروخي كوري شمالي في سيول بتاريخ 5 آذار/مارس 2022 (ا ف ب)

روسيا والصين لا تدعمان المساعي الأمريكية

وتشير الكاتبتان إلى أنه قد لا يكون لبايدن وحلفاء الولايات المتحدة نفوذ كبير في محاولة إبطاء الاختبارات أو تشديد العقوبات الدولية لمعاقبة بيونج يانج على استفزازاتها. وسمح مسعى الولايات المتحدة لعزل روسيا بسبب حرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا، إلى جانب العداء المتزايد تجاه الصين، لكيم بتقوية ردعه النووي دون خوف من مواجهة مزيدٍ من العقوبات في مجلس الأمن الدولي.

ولا توجد فرصة تقريبًا لأن تدعم روسيا أو الصين، اللتان تتمتعان بحق الفيتو في مجلس الأمن، أي إجراءات ضد كوريا الشمالية، كما فعلتا في عام 2017 بعد سلسلة من اختبارات الأسلحة التي دفعت الرئيس آنذاك دونالد ترامب إلى التحذير من «النيران والغضب». وفي أواخر مايو، استخدم البلَدَان حق النقض ضد قرارٍ لمجلس الأمن صاغته الولايات المتحدة يقضي بتشديد العقوبات على كوريا الشمالية بسبب تجاربها الصاروخية الباليستية هذا العام.

وقد تجري كوريا الشمالية أيضًا تجربة نووية قريبًا، وفقًا لما ذكره مسؤولون حكوميون أمريكيون وكوريون جنوبيون ويابانيون في اجتماع الأسبوع الماضي. وكوريا الشمالية ممنوعة من اختبار الصواريخ الباليستية والقنابل النووية بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي.

ووجد كيم أيضًا طرقًا للتهرب من العقوبات من خلال الجرائم الإلكترونية وسرقة العملات المشفرة. وقال محققون من الولايات المتحدة والأمم المتحدة إن نظامه قد حصل بالفعل على ما يقرب من 3 مليارات دولار – أو نحو 10% من اقتصاده السنوي – من خلال جرائم الإنترنت، ومن المرجح أن يحصل على المزيد.

وقالت كوريا الجنوبية إن الاختبار الذي أُجري في 25 مايو تضمن ما يشتبه في كونه صاروخًا باليستيًّا عابرًا للقارات وصل إلى ارتفاع نحو 540 كيلومترًا وقطع مسافة نحو 360 كيلومترًا. وقال خبراء أسلحة إن كوريا الشمالية أطلقت على ما يبدو صاروخًا باليستيًّا قصير المدى برأس حربية يمكنها المناورة بالإضافة إلى صاروخ آخر فشل بعد وقت قصير من انطلاقه. وصُمِّم الصاروخ الباليستي العابر للقارات لحمل رأسٍ نووي قادرًا على الوصول إلى البر الرئيس للولايات المتحدة، وفق ما تختتم به الكاتبتان تقريرهما.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي