تونس: قال زعيم جبهة الخلاص الوطني في تونس أحمد نجيب الشابي، إن الجبهة لن تشكل "حكومة ظل" ولكنها ستعمل على إدارة حوار وطني تنبثق عنه حكومة إنقاذ، كما توقع في نفس الوقت فشل الاستفتاء الشعبي و"نزولا مدويا" للرئيس قيس سعيد.
وأعلن السياسي المخضرم، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ) في مكتبه بضاحية البحيرة في العاصمة، عن مكونات جبهة الخلاص الوطني التي ستضم خمسة أحزاب وخمس حركات سياسية، إلى جانب مستقلين، سيعملون من أجل تنظيم حوار وطني يفضي إلى صعود حكومة إنقاذ بكفاءات سياسية يصادق عليها البرلمان (المنحل).
وتابع الشابي، الذي عارض حكمي الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، إن الهدف هو التوافق على إصلاحات سياسية واقتصادية قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة تشريعية ورئاسية، مضيفا أن الدعوة موجهة للرئيس قيس سعيد للمشاركة في الحوار باعتباره الطرف الرئيسي في الأزمة الحالية.
وعكس ما تردد، نفى الشابي أي خطط للجبهة بتكوين "حكومة ظل" موزاية للحكومة الحالية. وقال لـ(د. ب.أ): "نحن واقعيون... لن نشكل حكومة ظل لا تأثير لها ومن الممكن أن تخلق نزاعا وهميا على الشرعية، ليس لنا تفكير فوضوي لتكوين حكومة بلا سند وطني ولا شرعية".
وأوضح الشابي أن "المأمول أن تتكاتف كل القوى التي تعمل من أجل العودة إلى الشرعية الدستورية والفصل بين السلطات واحترام الحريات وصولا إلى تنظيم انتخابات مبكرة التشريعية والرئاسية معا".
ووفق ما ذكره الشابي، تضم الجبهة خمسة أحزاب هي حركة النهضة الإسلامية و"ائتلاف الكرامة" و"قلب تونس"، وهي أحزاب ممثلة في البرلمان المنحل وكانت داعمة لحكومة هشام المشيشي المقالة من قبل الرئيس، إلى جانب "حركة أمل" التي يقودها الشابي نفسه و"حراك تونس الإرادة" للرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.
كما تضم الجبهة خمس حركات سياسية وهي "مواطنون ضد الانقلاب" و"اللقاء الوطني للإنقاذ" و"توانسة من أجل الديمقراطية" وتنسيقية سياسية تجمع نواب من البرلمان المنحل الذين شاركوا في الجلسة العامة الافتراضية يوم 30 آذار/مارس الماضي أصدر بعدها الرئيس قرارا بحل البرلمان.
ولا تعترف جبهة الخلاص بقرارات الرئيس قيس سعيد يوم 25 تموز/يوليو الماضي، وما تلاها من مراسيم وأوامر بتجميد البرلمان ثم حله، وتعليق العمل بمعظم مواد الدستور وحل هيئات دستورية وتغيير تركيبة هيئة الانتخابات إلى جانب الاستفتاء على الإصلاحات السياسية، والمقرر يوم 25 تموز/يوليو المقبل.
وقال الشابي :"لا نلتقي مع الرئيس في شيء، هو رفض الحوار الوطني... واقترح حوارا يقصي كل من يعارضه، بالنسبة لمن ناصره...مشاركتهم غير واضحة لكن إلى حد الآن هم مقصيون... الرئيس يريد أن يبصم إرادة فردية ولا وجود لحوار تعددي ولا بلورة تشاركية للخيارات الممكنة".
ويرى الشابي أن "الرئيس في عملية هروب إلى الأمام، وفي طريق مسدود"، مضيفا "هذا الهروب يضعف يوما بعد يوما، بالنظر إلى موقف الاتحاد العام التونسي للشغل وعمداء الكليات القانونية، والجامعيين وجمعيات مختلفة من المجتمع المدني، رقعة النقد تتسع والقوة السياسية لقيس سعيد تتهاوى".
ويستدل زعيم جبهة الخلاص على موقفين حديثين بشأن اهتزاز موقف الرئيس سعيد على المستوى الإقليمي، من بينها تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في لقائه بالرئيس الإيطالي وإعلانه استعداد البلدين لإخراج تونس من "المأزق" ومساعدتها على العودة إلى طريق الديمقراطية.
ويضاف إلى ذلك موقف سفير الاتحاد الأوروبي في تونس، والذي طالب باستئناف الحياة البرلمانية.
واستطرد الشابي: "سعيد بدأ يفقد قوته إقليميا ودوليا وداخليا... دورنا هو حشد القوة ميدانيا وتنظيم الاجتماعات العامة للوقوف في وجه ما يريد فرضه سعيد والإرادة الاستبدادية.. قيس سعيد في نزول مدوي ونحن في صعود".
وتابع الشابي :"ما نعيشه اليوم مغامرة استبدادية لا رؤية ولا برنامج سياسي لها.. القيادة السياسية الحالية تجهل تماما مشاكل المجتمع وكيفية معالجتها".
وعلى الرغم من حالة الاحتقان الاجتماعي بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار والوضع الاقتصادي الدقيق، استبعد الشابي أن تشهد البلاد ما حدث في نهاية حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2010 من انتفاضة شعبية قادت إلى الإطاحة بحكمه، لكنه شدد على أن حالة "عدم الاستقرار السياسي الحالي في البلاد هي أكثر من أي وقت مضى".
وقال الشابي: "مقارنة بأحداث 2010 هناك احتقان اجتماعي وتوسع لدائرة النقد لكن المواطن يهتم أكثر إلى أوضاعه المعيشية التي تسوء وهذا يغذي الأزمة السياسية".
وأحدث الرئيس قيس سعيد لجنة استشارية ستتولى صياغة دستور جديد للبلاد، وسيعرض للاستفتاء يوم 25 تموز/يوليو المقبل، ولجنة أخرى مكلفة بإعداد الحوار الوطني من دون مشاركة معارضيه، وقد أثار هذا خلافا مع الاتحاد العام التونسي للشغل ، المنظمة الأكبر في البلاد، الذي يطالب بصيغة أكثر تشاركية في صياغة القرارات والتوافق على الإصلاحات.
وقال الشابي :"نقدر دور الاتحاد، لكن نختلف معه في نقاط... هو يضع نفسه تحت طائلة شرعية 25 تموز/يوليو ويطلب تحسين الشروط... نحن خارج هذه الشرعية ونعتبر كل ما حصل انقلاب على الدستور".
وتابع زعيم جبهة الخلاص :"نحن لا نسكت على المحاكمات العسكرية وحل هيئات دستورية واقتياد مدنيين إلى القضاء لتهم وهمية... هذا لم يكن موضوع اهتمام اتحاد الشغل... نقدر ظروف اتحاد الشغل ولا نطلب منه أكثر مما يستطيع".
ومضى يقول: "نحن واثقون من أن تطور الأوضاع الاجتماعية ستدفع الاتحاد إلى اتخاذ موقعه كقوة رائدة تعمل مع باقي القوى الوطنية على تخليص الشعب التونسي".
وبخصوص الاستفتاء الشعبي الذي يتوقع أن ينقل البلاد إلى نظام حكم جديد، رئاسي، قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في نهاية 2022 بقانون انتخابي جديد، شدد الشابي على موقف الجبهة الرافض للمشاركة.
وقال:"لا سبيل للمشاركة في الاستفتاء... لن نكون شهود زور في استفتاء لا يتوفر على أدنى شرط من الشفافية أو حياد هيئة الانتخابات المشرفة عليه ولا على مشاركة في بلورة الخيارات".
وأضاف الشابي: "المشاركة ستعني تزكية الاستفتاء وهزيمة لنا... اتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الأدنى... هذه ليست رغبة (منا) ولكن بالعودة إلى سلبية مؤيدي سعيد في الاستشارة الوطنية الإلكترونية... سيفشل بلا شك".