الغابون تعتمد على سيّاح محمية لوانغو الوطنية للمحافظة على أحد أنواع الغوريلا  

أ ف ب-الامة برس
2022-05-27

 

غوريلا صغير يجلس فوق ظهر أحد والديه في محمية لوانغو الوطنية في الغابون في 16 أذار/مارس 2022 (ا ف ب) 

عند منعطف مسار صغير يصل إلى عمق محمية لوانغو الوطنية في الغابون، يجلس الغوريلا كامايا على غصن إحدى الأشجار ويراقب بهدوء وصول الزوار ويتناول طعامه كأنّ أحداً لم يمر.

وبحركة بطيئة، ينهش الغوريلا ذو الظهر الفضي والذي يزن 150 كيلوغراماً أوراق الشجرة التي يجلس عليها، ثم ينزل عن الجذع من دون أن يبدو خائفاً، قبل أن يغفو تحت أنظار حفنة من الزوار تسنّت لهم فرصة رؤية هذا الحيوان.

بعد عامين من الإغلاق التام جراء جائحة كوفيد-19، قررت وكالة المتنزهات العامة في الغابون إعادة فتح المحمية أمام الزوار لمشاهدة غوريلا السهول الغربية، آملةً في أن يشكل هذا النوع الذي يمثل رمزاً في الغابون بمثابة "دعوة" للسياح ليزوروا المحمية ويعيدوا بالتالي إنعاش القطاع السياحي في البلد.

ويعيش كامايا مع مجموعة تضم نحو عشرة حيوانات غوريلا، وكلها معتادة على البشر بفضل عمل استغرق وقتاً طويلاً أنجزته مجموعة من المتعقبين والعلماء بهدف جمع معلومات وبيانات عن الغوريلا والحصول على تبرعات لحماية هذا النوع المهدد بالانقراض، بالإضافة إلى إحراز تقدم في السياحة المرتبطة بها.

وتبلغ كلفة تمضية ساعة مع كامايا ومجموعته 300 ألف فرنك أفريقي (نحو 468  دولاراً)، من دون احتساب تكلفة الوصول إلى المحمية والإقامة.

 وتستحق محمية لوانغو التي تمتد على 155 ألف هكتار، المجهود المبذول لزيارتها، إذ يستغرق الوصول إليها أربع إلى خمس ساعات يتعين على الزائر خلالها سلوك الطريق المؤدي الى بور-جانتي، وهي ثاني كبرى مدن الغابون، ثم اتخاذ مسار ثانٍ، لتنتهي الرحلة بالوصول إلى المحمية بواسطة أحد القوارب.

 وتقلّ تكلفة الدخول إلى هذه المحمية بكثير عن تلك الخاصة بمحميات أوغندا أو رواندا. كما أنها تدر إيرادات لتشغيل هذه الأماكن التي توفر مكانا آمناً للحيوانات.

-الصيد الجائر-

ويقول مدير مشروع "غوريلا لوانغو" كورو فوغت إنّ "السياحة تشكل استراتيجية حماية مفيدة للغوريلا". واستفادت الغوريلا الجبلية، وهي حيوانات تكاد تكون منقرضة، من المكاسب السياحية في رواندا وأوغندا، لتتضاعف في العدد خلال ثلاثة عقود، إذ وصلت أعدادها حالياً إلى نحو ألف غوريلا.

أما غوريلا السهول الغربية فأعدادها تفوق تلك الخاصة بالغوريلا الجبلية، إذ تقدر بـ360 ألف حيوان موزعة على ستة بلدان في وسط إفريقيا.

وتضم الغابون نحو ربع العدد، حوالى 1500 منها موجود في متنزه لوانغو الواقع على بعد حوالى 280 كيلومتراً جنوب العاصمة ليبرفيل.

وتشير دراسات علمية أجراها معهد "ماكس بلانك" للأنثروبولوجيا التطورية والمتخصص تحديداً في القردة الكبيرة، إلى أنّ أعداد غوريلا السهول الغربية تنخفض بنسبة 3% سنوياً بسبب تدمير موائلها والصيد الجائر وإصابتها بالأمراض. ويُعزى الانخفاض في العدد إلى الوصول الأكبر إلى المناطق المحمية حيث تعيش الغوريلا، والتجارة بلحوم الطرائد، بالإضافة إلى الفساد وعدم تطبيق القوانين كما يجب.

ولا يعيش في المحميات التي تشكل من الناحية النظرية مكاناً آمناً للحيوانات كمحمية لوانغو، إلّا نحو 20% من هذه القردة الكبيرة.

 غوريلا ذو ظهر فضي في محمية لوانغو الوطنية في الغابون في 16 آذار/مارس 2022 (أ ف ب)

ويقول الأمين التنفيذي لوكالة المتنزهات العامة في الغابون كريستيان تشيمامبيلا "بهدف المحافظة على الغوريلا، ينظّم حراسنا دوريات في المتنزهات الوطنية للحد من النشاطات غير الشرعية وتوقيف ممارسي الصيد الجائر".

ويضيف أنّ "هذا النوع الذي يمثل رمزاً في الغابون يشكّل كذلك عنصر جذب للزوار الأجانب"، مؤكداً أنّ تطوير السياحة البيئية من أبرز أهداف استراتيجية الوكالة.

وبين يونيو/حزيران 2016 وبداية العام 2020، زار محمية لوانغو الوطنية 845 سائحاً أُتيحت لهم فرصة مراقبة الغوريلا.

 -عملية تستغرق طويلاً-

وتخترق أشعة الشمس قمم الأشجار لتصل إلى موكيبو (15 عاماً) وصغيرها إيتشوتشوكو الجالس على ظهرها والذي لم يتجاوز عمره العام الواحد. ويقوم هذا الصغير بحركات ثم ينظر إلى بضعة رجال يراقبونه قبل أن يختبئ بخجل خلف والدته.

أما في الأسفل، فيقترب واكا، وهو غوريلا ذكر بالغ، من الزائرين بفضول، إذ لا يبدو خائفاً ولا تظهر عليه أي علامة تؤشر إلى سلوك عدواني، ثم يجلس بسلام على بُعد أمتار قليلة.

ويشير المرشد البيئي هيرمان لاندري إلى أنّ "العملية تستغرق طويلاً، إذ يتطلب كسب ثقة الغوريلا سنوات من العمل، فيما النجاح ليس مضموناً".

ويوضح لاندري الذي كان يمارس الصيد الجائر وأصبح مولعاً بالغوريلا أنّ "تتبع هذه الحيوانات إجراء ضروري يومياً وعلى مدار السنة من دون كلل"، مضيفاً "نفقد أثرها أحياناً لأيام عدة، وهو أمر خطر لأنّ الغوريلا يمكن أن تستعيد خوفها الطبيعي من البشر".

وخلال المرحلة الأولى من التعوّد على الأشخاص، تظهر الغوريلا خوفاً منهم وتهرب عندما يقتربون منها. وفي المرحلة التالية، تتوقف هذه الحيوانات عن الفرار من البشر لكن يمكن أن تردّ بعدوانية. أما في المرحلة الأخيرة، فتتفاعل بهدوء وتواصل نشاطاتها من دون أن تقلق بسبب الوجود البشري.

وتضم الغابون مجموعتين من الغوريلا المعتادة على البشر، إحداهما في لونغو والأخرى في متنزه موكلابا دودو الوطني (جنوب غرب) حيث لا تزال البنية التحتية السياحية بالكاد معدومة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي