شبان وفقراء ومن أقليات.. حال الجنود الروس القتلى في أوكرانيا

أ ف ب - الأمة برس
2022-05-17

مواطن ينظر إلى دبابة روسية مدمرة قرب منزل في قرية مالا روغان شرق خاركيف، في 15 أيار/مايو 2022 (ا ف ب)باريس - يقول مراقبون إن معظم قتلى الجيش الروسي الذين سقطوا بالآلاف في غزو أوكرانيا، هم من الشبان اليافعين ومن خلفيات فقيرة وينتمي العديد منهم إلى أقليات عرقية.
انصب الانتباه على عدد الجنرالات والضباط الكبار الروس الذين قتلوا في الغزو الذي شنه الرئيس فلاديمير بوتين على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير والذي ثبت أنه أكثر تكلفة بكثير مما توقعه الكرملين.

ووسط اعتقاد المراقبين أن خسائر روسيا قد تتعدى الآن ما تكبدته من خسارة 15 ألف جندي سوفياتي خلال احتلالها أفغانستان بين 1979 و1989، فإن الخسائر في صفوف الجنود العاديين مدمرة.

تتكتم روسيا على عدد جنودها القتلى، وأفادت بمقتل ما مجموعه 498 جنديا في الثاني من آذار/مارس، وحدثت الرقم في 25 آذار/مارس معلنة عن 1351 قتيلا. ولم تقدم بعدها أي معلومات.

تقدر أوكرانيا عدد قتلى الجيش الروسي ب27 ألفا، وبينما تعتبر معظم المصادر الغربية ذلك العدد مرتفعا إلا أن أرقامها أعلى بكثير من التقديرات الروسية.

قالت وزارة الدفاع البريطانية الأحد إن "روسيا تكبدت حاليا على الأرجح خسارة ثلث قوتها البرية المقاتلة التي أعلنت حشدها في شباط/فبراير" ملمحة إلى احتمال أن يكون نحو 50 ألف جندي روسي قتلوا أو جرحوا.

وفي لفتة نادرة من نوعها تشير إلى حجم الخسائر، كرم بوتين العسكريين الذين قتلوا في الغزو من دون أن يذكر أعدادهم، خلال مراسم إحياء يوم النصر في التاسع من أيار/مايو.

وقال "ننحني أمام رفاقنا في السلاح الذين ماتوا بشجاعة في معركة عادلة من أجل روسيا. إن موت كل جندي وضابط سبب حزن لنا وخسارة لا تعوض لأحبائنا"، معلنا عن حزمة تدابير لمساعدة عائلات الجرحى والقتلى.

- تذكروهم -
قال الموقع الالكتروني مديازونا الناطق بالروسية إنه تمكن من توثيق مقتل 2099 جنديا روسيا في ساحة المعركة حتى تاريخ السادس من أيار/مايو، بناء فقط على معلومات منشورة.

وقال إن الغالبية العظمى ممن قتلوا كانوا في الفئة العمرية بين 21 إلى 23 عاما، و74 منهم لم يكونوا قد بلغوا بعد سن العشرين.

وأظهر فرز بحسب المناطق أن معظم القتلى جاؤوا من جنوب روسيا ومنها منطقة شمال القوقاز ذات الغالبية المسلمة، وكذلك من وسط سيبيريا.

وعدد قليل من الوفيات سجل في صفوف جنود قدموا من موسكو وسان بطرسبرغ، ثاني أكبر المدن الروسية، واللتان تعدان أكثر ثراء من باقي أنحاء روسيا.

وأعداد الوفيات المؤكدة (135) كانت لجنود من منطقة داغستان بشمال القوقاز المسلم، تليها بورياتيا موطن إتنية البوريات المنغولية في سييريا (98 وفاة).

وقال المعلق في موقع ريدرل راشا الإخباري الالكتروني بافل لوزين إن "العدد الأكبر من الجنود والضباط في القوات البرية، جاؤوا من بلدات وقرى صغيرة في روسيا. وذلك مرتبط بالتقسيمات الاجتماعي الطبقية وبالتالي الثقافية".

وأوضح أن "متطلبات الالتحاق بالخدمة العسكرية في القوات البرية متدنية نسبيا، والجنود المتعلمون والمستقبليون يذهبون إلى فروع أخرى في القوات المسلحة الروسية مثل القوات الجوية والفضائية وسلاح الصواريخ والبحرية الإستراتيجيان".

وتمتلئ وسائل الإعلام المحلية وقنوات منصة تلغرام في داغستان، والتي تحارب منذ سنوات تمردا إسلاميا وتعد من أكثر المناطق الروسية فقرا، بصور أقارب مفجوعين يتلقون التعازي من مسؤولين رسميين.

من تلك الأمثلة، نشر كميل إزييف، مسؤول منطقة بويناكسكي في داغستان، في السادس من أيار/مايو تسجيل فيديو على حسابه في تلغرام يظهر فيها خلال مراسم منح ميداليات لعائلات خمسة من مواطني داغستان قتلوا في الحرب، تسلمتها زوجات وأمهات محجبات.

وقال "ينبغي أن تعشن كأمهات أبناء ضحى آباؤهم بحياتهم كأبطال. الأقارب الأعزاء، تذكروا أن الإنسان يبقى حيا ما دام في الذاكرة. فلنتذكر هؤلاء الرجال".

وأول جندي روسي أكدت موسكو مقتله رسميا هو نورماغوميد غادزيماغوميدوف، وهو شاب داغستاني قالت وسائل إعلام رسمية إنه قتل بينما كان ينقذ رفاقه الجنود. ومنحه بوتين بعد الوفاة ميدالية "بطل روسيا" في الرابع من آذار/مارس.

ودفع مقتله ببوتين للإشادة علنا بالدور الذي تلعبه مجموعات عرقية غير روسية في الحرب التي تشنها روسيا، وقال إنه "فخور في أن يكون جزءا من هذا العالم، هذا الشعب الروسي القوي والمتعدد القوميات".

- مقاومة في الخفاء -
تسبب الغزو السوفياتي لأفغانستان بصدمة وطنية، أرّختها الكاتبة زفيتلانا أليكسييفيتش حائزة جائزة نوبل في كتاب "فتيان الزنك" الذي يستقي اسمه من النعوش التي عادت فيها جثامين الجنود الشبان. وساهمت تلك الصدمة في انهيار الاتحاد السوفياتي.

والرقابة الصارمة التي فرضتها موسكو في حملتها في أوكرانيا، والتي تعني أن ما يسميه الكرملين "عملية عسكرية خاصة" لا يمكن تسميتها حربا في روسيا، تمكنت من كبت الأصوات المعارضة فيما قلة من الناس يتجرأون على التعبير عن القلق إزاء الخسائر البشرية.

ومن تلك الأصوات النادرة يبرز صوت نتاليا بوكلونسكايا، المدعية السابقة في شبه جزيرة القرم التي أصبحت نائبة في البرلمان الروسي ومسؤولة روسية بعد ضم القرم.

فهي تأخذ على السلطات استخدام الحرف "زد - Z" للدعاية الإعلامية وقالت إن ذلك "يرمز إلى مأساة لكل من روسيا وأوكرانيا. لماذا؟ لأن جنودا روسا يُقتلون؟".

وقال لوزين إن عدم وجود مؤشرات علنية في الأقاليم الروسية ومناطق الأقليات الإتنية على الاحتجاج إزاء الخسائر البشرية، لا يعني غياب رد فعل في المستقبل.

وأضاف "لكن رد فعلهم لن يكون مقاومة علنية إنما في الخفاء، سيبدأون في تجنب التجنيد الإجباري والتعاقد في الخدمة العسكرية".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي