لوموند: اليمين المتطرف في الولايات المتحدة سم ناقع للعقول

2022-05-17

الدافع وراء هذه الهجمات، وفقا للصحيفة، هو العنصرية والهوس بأن البلاد تتعرض لغزو المهاجرين (أ ف ب)

تناولت افتتاحية صحيفة لوموند الفرنسية Le Monde المذبحة العنصرية المتعمدة التي شهدتها مدينة بوفالو الأميركية، مشددة على أنها تكشف أن الإرهاب الذي يهدد الأمريكيين أصبح الآن داخليًا بدافع ما يعرف تفوق البيض.

وقالت إن ما يؤكد ذلك هو الأحداث الدامية التي طالت حيا تقطنه أغلبية من الأميركيين الأفارقة في هذه المدينة الواقعة بولاية نيويورك يوم السبت 14 مايو/أيار الجاري.

وأضافت لوموند أن هذا الهجوم شبيه بهجمات أخرى من أهمها ذلك الذي استهدف كنيسة كان يرتادها الأميركيون من أصل أفريقي في تشارلستون كارولينا الجنوبية عام 2015 والذي أدى لمقتل 10 أشخاص أغلبهم من السود، وهجوم مركز التسوق في إل باسو (تكساس) بالقرب من الحدود المكسيكية في أغسطس/آب 2019 مما أسفر عن مقتل 20 شخصا وإصابة 26 آخرين، وكان لدى صاحبه نفس المبررات التي ساقها منفذ هجوم بوفالو.

والدافع وراء هذه الهجمات، وفقا للصحيفة، هو العنصرية والهوس بأن البلاد تتعرض لغزو المهاجرين، ناهيك عن العزف على نظرية المؤامرة التي تتحدث عن "استبدال عظيم" للأميركيين بالمهاجرين.

وهذا ما يعكسه ما جاء في البيان المروع، الذي يرجح أن قاتل بوفالو أعده قبل مغامرته الفتاكة، كما يتأكد أيضا ضراوة معاداة السامية داخل اليمين الأميركي المتطرف، حسب لوموند.

وأبرزت الصحيفة ما شدد عليه كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" (FBI) منذ فترة طويلة بأن تهديد تعصب البيض ماثل في المجتمع الأميركي، لكن دون أن يكون هذا المدير قادرا على محاربة المناخ الذي تحدث فيه جرائم الكراهية المذكورة.

وإذا كانت الجماعات الصغيرة المتعصبة تنتمي إلى التاريخ المظلم للعنف السياسي الأمريكي، فإنها اليوم، حسب لوموند، تستفيد بالفعل من الوضع الهستيري الحالي الذي يتبناه، بشكل أساسي، طرف متعصب من الحزب الجمهوري الأميركي.

وأردفت الصحيفة أن الرئيس السابق دونالد ترامب حافظ، طوال فترة ولايته، بقوة على زخم هذا الانجراف، من خلال خطاباته اللاذعة المعادية للأجانب مثل رفضه التنديد باعتداءات البيض المتطرفين على محتجين في شارلوتسفيل (فرجينيا) وذلك بعيد وصوله إلى البيت الأبيض عام 2017، كما شارك بنشاط في عمليات التشويش على المعايير الديمقراطية، وذلك بتصنيفه الخصم على أنه عدو يجب هزيمته، لدرجة أن أقلية جمهورية، لا يستهان بها، أصبحت تعتبر استخدام العنف في السياسة أمرا مشروعا.

وأشارت لوموند إلى الاعتداء الذي شنه بعض مؤيدي ترامب على مبنى الكابيتول في يناير/كانون الثاني 2021، وعناد الجمهوريين في الكونغرس لعدم السماح للجنة تحقيق بممارسة عملها للكشف عن تواطؤ محتمل بين مثيري الشغب وحاشية ترامب.

وحذرت من أن المسؤولية في هذه القضية ليست سياسية فقط وإنما إعلامية أيضا، إذ يغذي المذيع المثير للجدل في قناة فوكس نيوز تاكر كارلسون كل ليلة كراهية الأجنبي، بينما ينكر التهديد الذي يشكله المتعصبون البيض، وذلك بمباركة مالكي هذه القناة المحافظة، عائلة رجل الأعمال روبرت مردوخ، هذا فضلا عما تصبه شبكات التواصل الاجتماعي من زيت على هذه النار الملتهبة أصلا من خلال إعادة بث مقطع هجوم بافالو الإرهابي، الذي بثه مرتكب الهجوم المزعوم على الهواء مباشرة.

وتختتم لوموند بأن ما يزيد دراماتيكية هذه الأحداث حدة كونها تقع في بلد يعاني أصلا من حمى الأسلحة النارية، وفي هذا الصدد يتصدى الحزب الجمهوري بكل قوة لأي تشريع من شأنه أن يدفع لتنظيم سوق السلاح ويضرب عرض الحائط بكل الحلول التوافقية بشأن هذه المسألة. والمؤسف، أن الآثار المدمرة لعملية تسميم العقول هذه هي المزيد من قتل الأنفس البريئة، وفقا للوموند.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي