شغف الأتراك بمسابقة "يوروفيجن" ينمّ عن حنين إلى ماضٍ أفضل

أ ف ب - الأمة برس
2022-05-13

من عرض لافرقة "ذي راسموس" خلال مسابقة "يوروفيجن" في مدنينة تورينو الإيطالية في 12 ايار/مايو 2022 (ا ف ب)

مع اقتراب المرحلة النهائية لـ"يوروفيجن" التي تقام مساء السبت في مدينة تورينو الإيطالية، يأسف أتراك كثر لغياب بلدهم تكراراً منذ نحو عشر سنوات عن مسرح المسابقة الموسيقية الأوروبية، ويرون فيه استبعاداً لتركيا من أوروبا. 

في العام 2003، فازت نجمة الأغنية التركية المعاصرة سيرتاب إرينر بجائزة "يوروفيجن" عن أغنيتها الإيقاعية "إيفريواي ذات آي كان" التي تمزج بين البوب والموسيقى التقليدية ، مصحوبة برقص شرقي حديث.

وروى بولند أوزفيرين الذي تولى طوال 37 عاماً تقديم "يوروفيجن" على المحطة التلفزيونية التركية العامة "كانت سعادة كبيرة. لقد تأثرت جداً إلى درجة أنني رحت اصرخ على الهواء + فازت تركيا! +".

ولم تكتف تركيا بهذا الانجاز، بل حققت بعده نجاحات أخرى، واحتل ممثلوها أكثر من مرة واحداً من المراكز الخمسة الأولى في صدارة "يوروفيجن".

وترافقت هذه الانجازات في المسابقة الموسيقية الأوروبية مع شروع تركيا عام 2005 في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وفي تنفيذ مجموعة من الإصلاحات ذات الطابع الديموقراطي.

لكنّ الأمور بدأت تتخذ منحىً مختلفاً اعتباراً من سنة 2013، عندما اعتمدت الحكومة التركية نهجاً متشدداً في التعامل مع معارضيها، وعندما توترت علاقاتها على مرّ السنين مع الدول الغربية.

وانسحبت تركيا في تلك السنة من المسابقة، واصفةً نظام تصويت جديد اعتُمد عام 2010 بأنه "غير عادل"، إذ يقلل من تأثير تصويت الجمهور في الترتيب النهائي.

ولم تعد القناة التلفزيونية التركية العامة "تي آر تي" مذّاك تنقل حفلة "يوروفيجن".

- الأكثر رواجاً على تويتر-

وقالت ناشرة موقع ESCHalley التركي المخصص لـ"يوروفيجن" أوزغو دينيس "ربما اعتقد المسؤولون  في +تي آر تي+ أن أحداً في تركيا  لن يتذكر +يوروفيجن+ بعد بضع سنوات إذ لم تعد الحفلة تُنقل مباشرة، ولكن الناس بدأوا يحضرونها عبر الإنترنت". 

وكانت الحفلة النهائية لـ"يوروفيجن" العام الفائت الموضوع الأكثر رواجاً على تويتر في تركيا التي يبلغ عدد مستخدمي هذه الشبكة الاجتماعية فيها 16 مليوناً. 

وثمة عدد من وسائل الإعلام التركية على الإنترنت يتابعها عشرات الآلاف من المشتركين مخصصة لـ"يوروفيجن"، فيما لا تنفك أحزاب المعارضة وجماعات المعجبين تدعو الحكومة باستمرار لإعادة تركيا إلى المسابقة.

في عام 2021 ، أثار المدير العام لـ "تي آر تي" يومها تأثراً كبيراً بإعلانه نيته معاودة نقل "يوروفيجن"، لكنّ استُبدِل قبل أن يرى مشروعه النور.

إلا أن تصريحات كثر من مسؤولي المحطة وكذلك المسؤولين السياسيين، توحي أن ثمة أسباباً أخرى وراء انسحاب تركيا من المسابقة.

وقال مدير "تي آر تي" ابراهيم إيرين عام 2018 "لا يمكنني أن أعرض على الهواء مباشرة عبر القناة العامة مشاهد لشخص لا يقبل أي انتماء جنساني، ملتح ويرتدي تنورة، في توقيت يكون فيه الأطفال أمام شاشة التلفزيون"، في  إشارة إلى المغني النمسوي المتخنث كونشيتا فورست الذي فاز بدورة العام 2014 من مسابقة "يوروفيجن". 

وانسحبت حكومة رجب طيب أردوغان المحافظة عام 2021 من اتفاق اسطنبول، وهو معاهدة دولية للوقاية من العنف ضد النساء والعنف العائلي ومكافحتهما، معتبرة أنها تشجع المثلية الجنسية وتهدد بنية الأسرة التقليدية.

ولاحظت أوزغو دنيس إن "يوروفيجن" مسابقة متاحة للمثليين والمتحولين جنسياً، "وثمة مجموعات من مشجعي المثليين تحضر الحفلة النهائية مما أزعج المسؤولين الأتراك".

كذلك أوضح بولند أوزفيرين أن الملابس الكاشفة التي ترتديها بعض المغنيات تزعج ايضاً السلطات التركية، وتفوق قدرة الحكومة على التحمل.

وتوقع أوزفيرين أن تكون عودة تركيا إلى المسابقة ممكنة "في حال حصل تغيير في السلطة بعد الانتخابات" المقرر إجراؤها في حزيران/يونيو 2023.

- "رمز تركيا الأوروبية"  -

واعتبر عدد من المراقبين أن شغف الأتراك بالمسابقة ينمّ عن حنينهم إلى السنوات التي كان يؤمل فيها أن يصبح بلدهم أكثر ديموقراطية نظراً إلى احتمال انضمامه إلى الاتحاد الأوروبي.

وتزامن الابتعاد من الغرب الذي تسعى أنقرة منذ مدة إلى تجاوزه، مع أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل، إذ قارب التضخم نسبة 70 في المئة تجعل الحياة اليومية صعبة.

ولاحظت أوزغو دنيس أن "ثمة حنيناً إلى الماضي، إلى السنوات التي شاركت خلالها تركيا في +يوروفيجن+. كانت هذه المسابقة رمزاً لتركيا أكثر أوروبيةً".

أما ناشرة موقع "يوروفيجن تركيا" الأخباري بيغوم بولوكباسي فقالت "من خلال هذه المسابقة، كنا نشعر بأننا جزء من أوروبا".

واشارت أوزغو دنيس في هذا الإطار إلى نكتة تداولها مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي التركية، وفيها: "هل تعلم كيف نعرف ما إذا كانت الأمور أفضل في تركيا؟ عندما نشارك في +يوروفيجن+ مجدداً".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي