كيف يرى الكرملين روسيا والعالم بعد 9مايو؟

د ب أ- الأمة برس
2022-05-07

يبدو أن ما تحتاجه روسيا، بالنسبة لباتروشيف، هو نظام ينتج نجاحات علمية ومواطنين مطيعين (أف ب)

نيويورك: بعد غد الاثنين، التاسع من أيار/ مايو، يوم مهم بالنسبة لروسيا، ويعرف بيوم النصر ويتم فيه الاحتفال بذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا، وهناك توقعات واسعة النطاق بان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يعلن فيه عن مرحلة جديدة في حربه ضد أوكرانيا.

ويقول الدكتور ستيفن سيستانوفيتش، كبير زملاء الدراسات الروسية والأوروآسيوية في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إنه في ظل التقدم البطىء للقوات الروسية في أوكرانيا، يعتقد بعض المحللين أن بوتين سوف يهدد بتصعيد عسكري وسيدعو إلى التعبئة الجماهيرية؛ ويتوقع آخرون ضما رسميا للأراضي الأوكرانية؛ بينما يتوقع غيرهم إعلان الانتصار من خلال أهداف مختصرة المهام.

ويضيف سيستانوفيتش في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية أنه مهما كان ما سيعلنه بوتين في كلمته، ستكون الخيارات التي سيطرحها هو ومستشاروه فيما يتعلق بموقف روسيا العالمي في المدى الطويل- والسياسات المطلوبة لتحقيقها- بنفس القدر من الأهمية، وربما أكثر.

وقد استعرض نيكولاي باتروشيف، رئيس مجلس الأمن الروسي والذي يعتبره الكثيرون مستشار بوتين الأكثر تأثيرا، خيارات موسكو في مقابلة مهمة الاسبوع الماضي مع روسيسكايا جازيتا ، الصحيفة الروسية الحكومية الرئيسية التي تنشر المراسيم والبيانات والوثائق. ولم يكن لدى باتروشيف الكثير ليقوله عن الحرب نفسها- أكثر من توقع "تفكك أوكرانيا إلى عدة دول"- ولكنه قدم صورة واضحة عن العالم بعد 9 أيار/مايو، من وجهة نظر الكرملين.

ويقول سيستانوفيتش، الذي عمل في وقت سابق مستشارا خاصا لوزير الخارجية الأمريكي وكان كبير مسؤولي الوزارة بالنسبة للسياسة تجاه روسيا وغيرها من دول الاتحاد السوفيتي السابق إنه مهما كان الذي سوف تتكشف عنه الحرب ، تفترض الدائرة المقربة لبوتين أنه لا تهاون في مواجهة روسيا الأوسع نطاقا مع أوروبا والولايات المتحدة.

ويرى باتروشيف أن الحكومات الغربية سوف تواصل هدف" إذلال وتدمير روسيا". والأمر المهم هو أن حديثه يشير إلى أن التهديد سوف يتزايد: وهو يتوقع" إحياء الأفكار النازية في أوروبا"، وذلك من ناحية نتيجة لوصول أعداد كبيرة من اللاجئين الأوكرانيين إلى أوروبا. ويشير إلى أن هؤلاء" المتطرفين وجدوا بالفعل لغة مشتركة مع الأوروبيين المعجبين بهتلر".

ويقول، سيستانوفيتش ، وهو حاصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد واستاذ الدبلوماسية بجامعة كولومبيا إن تقييم باتروشيف يتضمن زعما مألوفا بأن الغرب في حالة تدهور شديد. ويرى أن" القيم غير الليبرالية"، في إشارة إلى ما يعتبره نزعة استهلاكية وفردية سائدة، تقوض مؤسسات الدول في أوروبا ويقول: " في ظل هذه العقيدة، ليس هناك مستقبل لأوروبا والحضارة الأوروبية". وبالمثل يؤكد على أن " الامبراطورية العالمية الأمريكية في محنة". ويضيف أن مثل هذا التوقع لايمثل مصدر ارتياح لروسيا ، نظرا لأن الولايات المتحدة تحاول حل مشاكلها" على حساب باقي العالم".

ويتساءل سيستانوفيتش عن كيف سوف تتعامل روسيا مع هذه الظروف الدولية وهذه العقوبات الاقتصادية المستمرة، وغيرها من الحملات العسكرية، والعداء السياسي والتخريب الأيديولوجي؟ ويقول إن الإجابة على ذلك واضحة بالنسبة لباتروشيف، وهي أن الدولة تحتاج إلى ضوابط داخلية تهدف لعزلها عن الاتصالات والتأثيرات الخارجية. فالنموذج الضمني( وأحيانا الصريح) لهذا التشديد هو النموذج السوفيتي للاكتفاء الذاتي، وهي محاولة وطنية تؤثر على كثير من المجالات، بما في ذلك التجارة والسياسة النقدية، والتعليم، ودعم العلم، وتنظيم الانترنيت.

وتبدأ التعديلات التي حددها باتروشيف في حديثه بتحول( فرضته العقوبات الغربية) بعيدا عن الأسواق الأوروبية إلى أسواق آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية. ولكنها تتبنى أيضا بصورة جذرية بديلا للواردات، ونموذجا حمائيا للاستغناء عن السلع المستوردة والاستعاضة عنها بسلع مصنعة محليا لإنهاء الاعتماد على الشركاء الأجانب. وسوف يتعين إنتاج السلع ذات التقنية العالية التي تدعم الاقتصاد الحديث في داخل البلاد؛ وسوف يتم الحد من واردات الأغذية.

ويؤكد باتروشيف أنه سوف تكون هناك ضرورة لتعديلات سياسية أيضا: فتحقيق النجاح، يتطلب إحلال الواردات، ويتطلب من الجميع" اتباع تعليمات رئيس الدولة". ومن أجل حماية قيمة الروبل، وتجنب كارثة العجز عن سداد الديون، هناك ضرورة أيضا لنظام نقدي جديد(في ظل دور مهم لكن غير محدد للذهب).

وتعتبرإعادة الهيكلة الاقتصادية مجرد بداية التغييرات التي يتصورها باتروشيف: فهو يؤكد أن التنمية الناجحة تعتمد على حماية نظام تعليم، لدى الأعداء إصرار على تدميره. ويقول باتروشيف إن ادخال نماذج" تقدمية" للتعليم هو "مهمة استراتيجية للغربيين تماما مثل مهمة العمل على جعل حلف شمال الأطلسي أكثر قربا من حدودنا".

ويبدو أن ما تحتاجه روسيا، بالنسبة لباتروشيف، هو نظام ينتج نجاحات علمية ومواطنين مطيعين- يفهمون منذ طفولتهم المبكرة ما الذي نعيش ونعمل كلنا من أجله كشعب واحد" . نظام " يطور التفكير المنطقي"بدون نزعة فردية أكثر من اللازم، وبدون اتصال مع العالم الخارجي أكثر من اللازم، وبدون اعتماد على الاتصال الخارجي أكثر من اللازم. و(يُذّكِر باتروشيف القراء بأن الانترنت يمكن أن يكون " مصدرا للتضليل").

ويوضح سيستانوفيتش أن أيديولوجية بوتين تمجد الفخر الوطني، وردد باتروشيف في حديثه ما يشير إلى ذلك مرارا وتكرارا . ويقول إن روسيا اختارت مسار" الحماية الكاملة للسيادة، والدفاع الحازم عن المصالح الوطنية، وقيمها الثقافية، والهوية الروحية، والقيم التقليدية والذاكرة التاريخية". ويوضح حديثه مع صحيفة روسيسكايا جازيتا الأهداف التي حددها الكرملين لنفسه بعد يوم النصر.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي