هذا هو الشيء المخيف الذي لم يعترف به أحد حول الحرب في أوكرانيا

2022-05-01

هذا هو الشيء المخيف الذي لم يعترف به أحد حول الحرب في أوكرانيا (ا ف ب)

نشرت مجلة «سلايت» الأمريكية مقالًا لفريد كابلان، مؤلف كتاب «القنبلة: الرؤساء والجنرالات والتاريخ السري للحرب النووية»، حول الوضع الحالي للحرب الأوكرانية. ويرى الكاتب أنه إذا زادت قناعة بوتين بأنها حرب بالوكالة يشنُّها الناتو ضد روسيا، فقد يوسِّع نطاقها، وهو ما قد ينطوي على مخاطر كبيرة.

ويستهل الكاتب مقاله بالقول: تتطور الحرب بين روسيا وأوكرانيا بسرعة إلى حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو). وهذا أمر جيد من ناحية لأنه يمنح أوكرانيا فرصة أكبر لصد غزو موسكو، بل تحقيق النصر عليها أيضًا. ومن ناحية أخرى، يُعد الأمر محفوفًا بالمخاطر: فكلما اتسع نطاق الحرب وبدا أن روسيا تخسر، سيكون فلاديمير بوتين مضطرًّا أكثر إلى الهجوم بعنف شديد.

وجرت الإشارة إلى هذا التحول في نهج الغرب تجاه الحرب لأول مرة يوم الاثنين الماضي، عندما قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إن أهداف الولايات المتحدة في الحرب ليست مقصورة على حماية أوكرانيا بصفتها دولة ديمقراطية ذات سيادة، ولكن أيضًا من أجل «إضعاف» روسيا بصفتها قوة عسكرية. وكان هذا واضحًا لبعض الوقت، ولكن حتى بعض المسؤولين الأمريكيين فوجئوا بسماع أوستن يعبر عن تلك الحقيقة على هذا النحو الصريح.

وبعد أيام قليلة، استضاف أوستن اجتماعًا لمسؤولي الدفاع من 40 دولة، وكذلك الأمين العام لحلف الناتو ينس شتولتنبرج، في قاعدة رامشتاين الجوية، مقر القيادة الجوية لحلف الناتو في ألمانيا، لتنسيق المساعدة العسكرية لأوكرانيا. ودفع الاجتماعُ وزيرَ الخارجية الروسي سيرجي لافروف للشكوى، قائلًا: «إن الناتو، في جوهره، يخوض حربًا مع روسيا من خلال وكيل وهو يسلِّح ذلك الوكيل. إن الحرب تعني الحرب».

تهديد الأسلحة النووية

وبالعودة إلى فبراير (شباط)، وفي اليوم الذي غزا فيه بوتين أوكرانيا، حذَّر من أن «كل مَنْ يحاول إعاقة عملنا» سيواجه «عواقب لم تواجهونها في تاريخكم» – والتي عَدَّها كثيرون، وفق ما يقوله العقل، تهديداتٍ باستخدام الأسلحة النووية. وقال بوتين في وقت لاحق إنه سيَعُدُّ تدخل الناتو المباشر تهديدًا لروسيا، مما يؤدي إلى العواقب نفسها.

ويوضح الكاتب أنه لهذا السبب، امتنع الرئيس جو بايدن والقادة الغربيون الآخرون عن إرسال قواتهم الخاصة أو إقامة منطقة حظر طيران بطائرات الحلف، مشيرين إلى أن القيام بذلك سيعني إعلان الحرب على روسيا، مما قد يؤدي إلى اندلاع الحرب العالمية الثالثة. وخلال الأسابيع العديدة الأولى من الحرب، رفض هؤلاء القادة أيضًا إرسال «أسلحة ثقيلة» إلى أوكرانيا، بما في ذلك مدافع الهاوتزر وقذائف المدفعية التي يمكن أن تضرب الأراضي الروسية إذا أطلقت من شرق أوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، خفَّفت الدول الغربية من القيود المفروضة على الأسلحة الثقيلة. حتى البرلمان الألماني – الذي ابتعد قبل شهرين لأسباب تاريخية عن أي نوع من التدخل في الحروب الخارجية – صوَّت بأغلبية ساحقة توافق على إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا. وفي وقت سابق، عزَّز المستشار الألماني ميزانية الدفاع في بلاده بمبالغ باهظة.

الإنفاق في أوكرانيا يفوق الإنفاق في أفغانستان

ويوضح الكاتب أنه في يوم الخميس، طلب بايدن من الكونجرس 33 مليار دولار أخرى بوصفها مساعداتٍ لأوكرانيا – ثلثاها للمساعدة العسكرية، وهو ما يكفي لمواصلة القتال لمدة خمسة أشهر أخرى. هذا بالإضافة إلى 13.6 مليارات دولار طلبها بايدن قبل شهرين فقط. ولوضع هذا في إطاره الصحيح، يتجاوز المبلغ الإجمالي لما سبق 40 مليار دولار بقليل، وهو المبلغ الذي كانت تنفقه الولايات المتحدة في المتوسط ​​كل عام لدعم حربها التي استمرت 20 عامًا في أفغانستان.

واستند بايدن أيضًا إلى قانون الإعارة والتأجير الذي كان مستخدمًا في حقبة الحرب العالمية الثانية لتسريع نقل الأسلحة من مخزون الجيش الأمريكي. ويسمح هذا التشريع بإقراض المعدات العسكرية للدول الأجنبية «التي يرى الرئيس أن دفاعها أمر حيوي للدفاع عن الولايات المتحدة». كما يعني إعلان بايدن نفسه أن الدفاع عن أوكرانيا «أمر حيوي للدفاع عن الولايات المتحدة».

وربما ردًّا على هذه الزيادة في المساعدة الأمريكية ومساعدة حلف شمال الأطلسي – على الرغم من أنه لا شك أيضًا في تصعيد الأداء الرهيب لجيشه – يقترب بوتين من رؤية الصراع على أنه ليس مجرد «عملية عسكرية خاصة» ضد أوكرانيا، والتي وصفها بأنها دولة أسطورية، لكنها حرب شاملة ضد قوة عظمى عالمية. ويوم الأربعاء، عيَّن بوتين فاليري جيراسيموف، رئيس الأركان العامة الروسية، لتولي قيادة الهجوم في شرق أوكرانيا، ما يعني أن بوتين أعاد تقييم طبيعة الحرب ورفعَ مستوى مخاطرها.

الأمم المتحدة مؤسسة خارجية معادية

يضيف الكاتب: كما لم يتنازل بوتين عن أي أرض لأوكرانيا، على الرغم من الانسحاب الأخير للقوات الروسية من المنطقة المحيطة بكييف. وعلى الرغم من أن القتال يتركز الآن في منطقة دونباس الشرقية في البلاد، حيث يتبادل الجانبان نيران المدفعية الشرسة، وأطلقت روسيا صاروخين كروز على كييف بعد ساعات فقط من زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، للعاصمة واجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

يشير توقيت الهجوم الصاروخي – الذي يَعُدُّه قليلون مجرد مصادفة – إلى أن بوتين يرى الأمم المتحدة مؤسسة خارجية أخرى مصطفة ضد وطنه الأم. وسواء كان يؤمن بذلك حقًّا أم لا، فإنه يتماشى مع حملته السياسية المحلية لتطهير روسيا من جميع التأثيرات الغربية – ولتقديم الحرب في أوكرانيا، التي يصورها على أنها جحيم يقوده النازيون، بوصفها واجهة واحدة في هذه الحملة.

ويضيف الكاتب: إن وابل الهجمات المكثفة والخطاب الشيطاني المتزايد يجعل من الصعب أن نتخيل وقفًا لإطلاق النار أو إجراء محادثات سلام هادفة في أي وقت قريب.

مناورة دبلوماسية

يلفت الكاتب إلى حدث واحد غير متوقع هذا الأسبوع قدَّم بعض الأسباب للشعور بقليل من التشاؤم، إذ أجرت الولايات المتحدة وروسيا، يوم الأربعاء، عملية تبادل أسرى جرى التخطيط لها تخطيطًا متقنًا. وأُطلِق سراح تريفور ريد، وهو من قدامى المحاربين في مشاة البحرية الأمريكية، من سجن في موسكو حيث كان يقضي ثلاث سنوات من عقوبة طويلة لاعتدائه على ضابط.

كما أُطلِق سراح قسطنطين ياروشينكو، وهو طيار روسي، من سجن فيدرالي حيث كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 20 عامًا بتهمة تهريب المخدرات. وتمامًا كما يحدث في أي مشهد سينمائي، توقفت طائرتان – واحدة أمريكية والأخرى روسية – جنبًا إلى جنب على مدرج في تركيا؛ نزل كل سجين من طائرته، وسار بضع ياردات، وصعد إلى الطائرة الأخرى.

كما أشارت وكالة «أسوشيتد برس»، فإن تبادل الأسرى «كان يمكن أن يكون مناورة دبلوماسية ملحوظة حتى في أوقات السلم»، ناهيك عن وقت كانت الحرب في أوكرانيا «قد دفعت العلاقات مع الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها منذ عقود». ولا توجد مؤشرات على أن الدبلوماسية المثمرة في هذه المسألة الصغيرة نسبيًّا قد تُترجم إلى نجاحات مماثلة على مستوى الحرب والسلام.

وفي الواقع، بينما كان بايدن يُشِيد بمبادلة الأسرى، فإنه أحبط أي شخص يفكر في مثل هذه التداعيات. ومع ذلك، تشير مقايضة ريد – ياروشينكو إلى أن العلاقات الدبلوماسية – الاتصال المدني بين المسؤولين الأمريكيين والروس – لا تزال قائمة على مستوًى ما.

ويختتم الكاتب مقاله بالقول إنه من المقبول عقلًا أن يشعر بوتين، الذي يرى الحرب على أنها صراع جبار مع الولايات المتحدة، بالجرأة لجس نبض واشنطن تجاه السلام، إذا شعر يومًا بأنه يرغب في إيقاف الحرب على الإطلاق. وقد يشعر بمزيد من الكرامة عند التفاوض مع رئيس الولايات المتحدة أكثر مما يشعر بذلك مع رئيس أوكرانيا. أما مسألة هل من مصلحة أي شخص السماح له بالشعور بمزيد من الكرامة، فهذا أمر آخر. ولكن إذا خرجت الحرب عن نطاق السيطرة وبدت على وشك التصعيد وصولًا إلى فظائع جديدة بعيدة المدى، فقد يكون السعي نحو السلام أفضل من البديل.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي