
ابراهيم درويش - في التأبين الذي اقيم في الاربعينية الاولى لوفاة المفكر المسلم البريطاني غاي ايتون بداية الشهر الماضي ( 12 نيسان/ ابريل)، اختار المنظمون مكانا له حميمية في حياة غاي ايتون ( 1921 - 2010) وهو المسرح الشيكسبيري الجديد غلوب، ذلك ان ايتون كان ممثلا في بداية حياته وشارك مع رفيقه واستاذه مارتن لينغس في اكثر من مناسبة لعلها محاضرة لينغس الشهيرة ضمن مهرجان 'شيكسبير والاسلام'، وفي الاحتفالية تذكر المتحدثون الراحل وقدموا العديد من الصور والتنوعات في حياة هذا المسلم البريطاني الذي عاش حتى النهاية ارستقراطيا، وظل يفكر في آمال وأماني قومه المسلمين البريطانيين حيث كان وجهه معروفا في المركز الثقافي الاسلامي في ريجنت بارك، وعمل على تدبيج وكتابة اول دستور للمجلس الاسلامي البريطاني الذي اطلق عام 1996 كمظلة تجمع المسلمين البريطانيين المنقسمين دائما بناء على ولاءاتهم العرقية والطائفية والوطنية. والاهم من كل هذا فغاي ايتون الذي اعتنق الاسلام في 1951 اي منتصف القرن الماضي كان مفكرا وكاتبا وخطيبا، اصدر العديد من الكتب المهمة والمؤثرة في الفكر الاسلامي والمقروءة بين المسلمين في الغرب ولعل اهمها 'الاسلام ومصير الانسان' وهو الكتاب الذي يعد من اهم انجازاته في ملاحقة فكرة القدر والمصير في الفكر الانساني وكان اخر كتبه الفكرية قبل وفاته 'ذكر الله' وهو رحلة صوفية تذكر بكتب الذكر والدعاء التي كتبها المتصوفة الكبار يراها سيرة ذاتية روحية، وهو من كتبه الهامة التي صدرت عام 2000 وألحقه بكتاب آخر اسمه 'فكرة الله في الاسلام' ( 2005). غاي ايتون الذي بدأ حياته ممثلا وعمل صحافيا ومحاضرا في القاهرة والتي فيها تعرف على زميله ودليله للاسلام مارتن لينغس 'ابو بكر سراج الدين' ثم دخل السلك الدبلوماسي، ظل يفرق بين 'انا ـ غاي اولى وثانية' انا وهي غاي ايتون، ابن غير شرعي لارستقراطي انكليزي تعرف على فتاة انكليزية كانت تعيش في فرنسا، وولدته في سويسرا وعاش حياته لا يعرف الكثير عن الدين او اهميته للحياة الانسانية، ذلك ان امه ربته بلا دين على الرغم من شعوره ثقافيا بانه مسيحي، ثم انا عبدالحكيم حسن او سيدي حسن، المسلم. في البداية لم تكن هذه الهوية واضحة وحتى بعد ان تلفظ الشهادة ظل سنوات يعتبر نفسه مسلما من دون التزامات او واجبات ثم جاءت فترة الاكتشاف والالتزام التي قرنت بالانتماء للمجتمع المسلم البريطاني.
سيرة الجاهلية
وهو ان اخبرنا عن الجانب الاخير في حياته او الوجه الثاني في حياته كمسلم، الا ان المذكرات التي صدرت قبل شهر من وفاته مشغولة بالبحث في البئر الاولى والتفتيش في حياة عائلته الارستقراطية وتاريخ الجد الكبير - لأمه الذي يلاحق مغامراته في الهند واستراليا ومصر وامريكا الشمالية، الفيكتوري الذي كان يعرف رموز زمنه من المؤلفين من امثال تشارلس ديكنز وارثر كونان دويل. ويرى ايتون في مذكراته هذه التي تحمل عنوان 'بداية غير جيدة والطريق للاسلام' وهو في هذا يتأسى بمقولة عمر من لا يعرف الجاهلية لا يعرف الاسلام. اذ ان حياته التي اتسمت بالتهميش ذلك انه عاش في بيت كله إناث، ورافقت حياته سرا خبأته الام حتى بلغ الابن عمر السادسة عشرة، وفي بداية المذكرات يخبرنا ايتون عن شخصية 'الرجل الكبير' جد العائلة مؤلف عدد من روايات المغامرة. فقد ولد الرجل الكبير، جيمس ادوارد جاسبر مادوك عام 1842، وترك وراءه عددا من الروايات ومذكراته التي جاءت بعنوان 'صفحات من حياة مغامرات'.
سر وزواج وهمي وولادة
تبدأ قصة 'بداية غير جيدة في الطريق للاسلام' بحكاية بدأت قبل ولادة ايتون عام 1921. فوالدة غاي، روث، التي يصفها بالناشطة الانثوية، كانت خليلة لمحام متزوج من امرأة 'ارستقراطية - تحمل لقبا' غير سعيد بزواجه واسمه فرانسيس ارينغتون، محام مرموق لكنه ضج بعمله الممل، وكان فرانسيس يكبر الام بعقود، وتثمر العلاقة حملا ترفض الام اجهاضه،وهنا تدخل في العلاقة مشكلة مكانة المحامي وسمعته، ويبدأ بالبحث عن حل للمشكلة حيث توافق الام على حل تآمري يخفي العلاقة ويحمي الولد الذي كان يتشكل في رحمها ويمنع في النهاية فضيحة. واقتضت الخطة ان تسافر الام في رحلة قصيرة الى كندا، حيث تعيش هناك وتعقد زواجها على زوج وهمي اعطي اسم تشارلس ايتون ( اسم متجر في مونتريال) ولكن صورة الاب هي صورة واحد من الجنود الذين ماتوا في خنادق الحرب العالمية الاولى ولاحد اصدقاء فرانسيس، ومن اجل التغطية على خبر اختفاء الاب فقد تم اختيار قصة تقول انه ذهب بعد ولادة الابن في 5 نيسان ( ابريل) 1921 للعمل كمهندس مناجم في ايطاليا ويموت بسبب التهاب في الزائدة الدودية. ولأن الام لم تعد تثق بالطب في ايطاليا، فهي ترحل الى لوزان في سويسرا حتى تلد. وتبدو عناصر قصة ايتون وولادته صحيحة لكن الحقيقة تقول ان ايتون ولد قبل ذلك بثلاثة اشهر في اليوم الاول من السنة الجديدة في عام 1921. قضت الام فترة قصيرة في سويسرا بعد الولادة ثم عادت للندن، وتميزت حياته الاولى بانها كانت محاطة بالكامل بنساء فيما ظل في مركز عناية وحب امه وظل ينام معها في السرير حتى بلغ سن السادسة ولم يعرف اي شيء عن الدين، حيث حذرت الام الحاضنات المتعددات اللاتي اعتنين به انهن سيخسرن وظائفهن لو ذكرن اسم الله امامه. ومن هنا يعبر الابن في مرحلة قادمة من مذكراته عن دهشته عندما شاهد بنتا تركع امام صليب وعندما يسأل تقول الام انها كانت تصلي للرب. ولم يعرف غاي بعيدا عن الحاضنات الا شخصية رجل كان يحضر للبيت تحت اسم 'العم' وخارج البيت لم يكن للعائلة اية اصدقاء فقد ركزت الام في ذهن الولد نمطية عن الانكليز انهم 'باردون، اغبياء، بلا عقل وبلا ثقافة ويعانون من حرمان جنسي وشاذون'، وهذه الفكرة ستعود اليه عندما كان في القاهرة يدرس طلابه مادة الشعر وكان يبكي امامهم لتفاعله مع القصائد، إلى درجة ان بعض طلابه عبروا عن حبهم له قائلين 'كنا نظن ان الانكليز' باردون بلا قلب، لكن الطلاب لم يكونوا يعرفون ان المدرس وهو غاي كان يقرأ الشعر ويتذكر حبيبته فلو الصينية التي تعرف اليها في جامايكا قبل قدومه الى القاهرة. وبالعودة الى سر العائلة يكتب غاي في مذكراته ان زوجة العم توفيت عام 1933 وتوقع ان تتزوج الام الاب مشيرا إلى انه 'صديق كبير لأبي' وعندما اقترحت الام ان يقوم الابن بمناداة العم بأبي تردد الابن قائلا ان هذا ليس عدلا لذاكرة الاب 'الحقيقي'. ولم يعرف الابن الحقيقة الا عندما بلغ السادسة عشرة حيث اخذت منه وعدا بعدم اخبار ارينغتون انه كان يعرف. وتظل الطريقة التي تعرف فيها الابن الحقيقة ملتوية. وعليه ظلت قضية البحث عن الحقيقة جزءا مهما في حياته، ففي بيته اخذ يدرس ديكارت وهيوم وكانت واسبينوزا وشوبنهاور وراسل وغيرهم باحثا عن ملامح للحقيقة دون اجابة.
حياة متقلبة فاشلة
تتميز حياة ايتون 'الجاهلية' بالتقلب والفشل لاسباب تتعلق بقلق المؤلف وبحثه عن رضى ذاتي فهو ظل ممثلا فاشلا، وزوجا فاشلا وجنديا وجاسوسا فاشلا وخط حياته يبدأ عندما دخل جامعة كامبريدج عام 1939 بداية الحرب العالمية الثانية، لدراسة التاريخ لكنه تخرج بعد عامين، حاصلا على تقدير ضعيف بسبب اهماله لدروسه، كل هذا بسبب مراسلاته مع الروائي ليو مايرز الذي حثه على دراسة الاديان الشرقية، الهندوسية والتاوية وزين اليابانية. ومع انه عمل في وحدة الاستخبارات عام 1942 الا ان اداءه لم يكن حسب ما اراده منه رؤساؤه ونقل بعدها الى وحدة رويال ويست كينت وقبل ان يرسل للجبهات سقط في الامتحان الطبي. وظل في الخدمة العسكرية حتى عام 1943 مع انه لم يكن يقوم بأي واجب. بعد وفاة والده اكتشفت والدته ان الاب اوصى بميراثه لكل اولاده من زوجته الاولى، فيما رأته والدته روث عملا انتقاميا ولهذا اجبرته الظروف على البحث عن عمل. وبدأ العمل في فرقة للتمثيل المسرحي كانت في جولة في ويلز، وقبل عمله كان تعرف على ممثلة وهي كي كلايتون وتزوجا عام 1944. وانجبت له ولده الاول ليو، ولم يكن بينهما الكثير من الامور المشتركة حيث كانت كي تتعامل مع الزواج عبر منظور المصلحة، وما فاقم المشاكل هو عدم قدرة ايتون الحصول على عمل مستمر، خاصة ان كلايتون هي ابنة مسؤول اداري ومالي في بورما. مشكلة ايتون الدائمة كانت البحث والتفكير والقراءة وهو يشير في مذكراته الى الساعات الطويلة التي كان يقضيها وهو يقرأ كتبا عن الاديان الشرقية، فبدلا من البحث عن عمل مفيد ماليا للعائلة ظل يتنقل من مهمة الى اخرى لم ينجح فيها وخلال مهمة البحث تعرف على سكرتيرة تعمل مع الشاعر تي إس اليوت حيث يتذكر زيارة له في مكتبه وانه لم يشاهد من الرجل العملاق إلا رجليه الصخمتين اللتين كانتا نافرتين من تحت مكتبه في دار نشر فابر اند فابر. وفي هذه الفترة كتب مجموعة من المقالات او الانطباعات متأثرا بماير ورينيه غوينون نشرت عام 1949 تحت عنوان 'الطريق الاجمل' ( حرفيا: الشريان الاغنى). تتميز حياة ايتون في هذه الفترة بالبوهيمية وفقدان البوصلة فقد انتقل الى جامايكا وتعرف خلالها على فتاة صينية اسمها فلو، وكانت علاقة عاطفية مضطربة عاد بعدها الى لندن عام 1950 في محاولة منه لاعادة العلاقة مع زوجته الاولى دون نجاح وعندها سافر الى القاهرة للتدريس، مع انه لم تكن لديه خبرة بالتدريس، وقدم خلال عمله دروسا حول روائيي القرنين الثامن والتاسع عشر، مع انه وباعترافه لم يعرف عن ادب المرحلتين الا قراءته لروايات جين اوستين.
صوفية تقود للاسلام
لكن مرحلة القاهرة تظل مهمة في الطريق الذي قاده للاسلام فمن ناحية تأثر بمارتن لينغس ومن اخرى بدأ تحت هذا التأثير دراسة ادبيات الصوفيين وتشجع لاعلان اسلامه عام 1951. اسلامه لم يعن سوى مرحلة على الطريق وهي مترددة في البداية اذ انه ظل مرتبطا بحبل من الهروب يشده نحو المجهول فبعد اسلامه اختفى في جامايكا بحثا عن فلو. كان ايتون محظوظا برحيله عن مصر حيث تجنب المظاهرات والانتفاضات المعادية للانكليز والملك في مصر قبل الثورة 'الضباط الاحرار' وادت الى مقتل عدد من زملائه. وظلت جامكايا بالنسبة إلى ايتون جنته المفقودة وحبه الاثير. ففي الرحلة الثانية قضى تقريبا ثلاثة اعوام فيها،عمل في البداية مدرسا، ثم محررا في صحيفة 'جامايكا فويس' التي كان يملكها الكسندر بوستامانتي من حزب العمال الجامايكي. عاد ايتون للندن عام 1954 ولكن حنينه للجزيرة الكاريبية ظل شديدا وحينها التقى بمعرفة قديمة وهي كورا هاميلتون، وهي رسامة من جامايكا، وتزوجا عام 1959 . وتحتل كورا مكانا خاصا في حياته فهي وان لم تسلم الا انه ظل مخلصا له وكون معها عائلة سعيدة وانجبت له 3 اولاد. يشير ايتون الى التوتر الذي اصاب علاقته مع امه روث التي لم تقبل ان تكون لها 'كنة' سوداء لكن قبوله وظيفة في السلك الدبلوماسي حل اشكالية التوترـ وعند هذه النقطة بدأ بالبحث اكثر عن تعاليم دينه واخذ طريقه للالتزام، حيث عمل اولا في المدراس الهندية ، مسؤولا عن الاتصالات في مكتب نائب المفوض البريطاني اثناء عمله في غانا وترينداد. وبعد أن تنقل في السلك الدبلوماسي عاد الى لندن عام 1974 للاستقرار وفي هذه المرحلة الجديدة جدد علاقته مع مارتن لينغس الذي قبله مريدا في الطريقة العلوية. وباستقراره في لندن بدأ ايتون حياة جديدة من البحث والنشاط والانخراط في الحياة العامة ومتابعة قضايا المسلمين والتفكير في حلها، فمن ناحية كان ايتون من دعاة تأكيد الهوية البريطانية المسلمة ودعاة الاعتدال وهو ان اعطى موقفا مترددا من الحرب على العراق، فمن ناحية قبل ايتون لدرجة نسبية تبرير الحرب والتخلص من صدام الذي اعتبره 'شريرنا' لكنه لم يكن مرتاحا لما جرى، وظل يدور داخل دائرة الوسط مدفوعا برؤيته الصوفية التي تطبع تجربة اكثر من 20 الف مسلم بريطاني 'ابيض'. ومن هنا ظل ايتون يدعو المسلمين الى الاستقرار وتشكيل مجتمعهم ، مجتمع حقيقي واكتشاف حياة الاسلام البريطاني الحقيقية' وفي بعض المواقف المثيرة للجدل عبر عن قلقه من استمرار قدوم المهاجرين غير المتعلمين الذين لا يعرفون الانكليزية من شبه القارة الهندية مؤكدا ان الجزر البريطانية ليست في النهاية 'جزر كاري'.
المهم ان تجربته الفكرية وان ظلت تستلهم التراث الصوفي وثقافته الحداثية الا انه قدم رؤى عميقة حول مصير الانسان وخياراته. ويظهر هذا في كتابه عام 1977 'الملك القلعة: الاختيار والمسؤولية في العالم المعاصر'، ولقي الكتاب اهتماما من النقاد وقدم له المعلق برنارد ليفين عرضا بالغ في مدحه ومدح الرؤية الفكرية التي قدمها ايتون. واكد الكتاب موقع ايتون كمفكر مسلم بريطاني مهم، وفي نفس العام دعاه مدير المركز الاسلامي، الدكتور زكي بدوي، للعمل معه كمساعد محرر في تحرير 'الدورية الاسلامية' التي كانت تصدر عن المركز.
سيرة الجاهلية
تظل مذكرات ايتون مهمة من ناحية تصويرها لرحلة البحث، وأرق مثقف عاش حياته الاولى متقلبا بين افكار وثقافات حتى انتهى به الامر للاسلام، وهي شهادة مثقف عن عصره وزمنه فهو يقول انه فكر بكتابة مذكراته وهو في سن السادسة عشرة، وعندما بدأ بكتابتها كان قد بلغ 84 عاما. والذكريات التي تنتهي عام 1959 فهي عن رجل غريب عنه او هكذا صار. فايتون يعترف ان الكشف او ادب الفضيحة والكشف عما ستره الله يعتبر اثما وان لم يكن اثما فهو عيب. وكان عليه ان يبحث عن ذرائع لتسجيل حكاية شخص كانه واصبح جزءا من ماضيه وهنا نفهم انه اختار الحديث باسم 'غاي' الذي مضى وحل محله الرجل الذي اكتشف ذاته ونفسه. ويسميها ترجمة ذاتية 'اتوبيوغرافي' وليس 'بيوغرافي'. ويقول انه ركز في سيرته الذاتية على طفولته التي يراها غير عادية لانه اكتشف فيها ما حدث له لاحقا. كما ان ايتون وهو يركز على طفولته لا ينسى والده فرانسيس الذي ولد عام 1854 وجده لامه المغامر وامه التي شكلت رؤيته للحياة. في آخر كتبه الفكرية 'ذكر الله: تأملات في الاسلام' الذي صدر عام 2000 وصف بانه سيرة روحية للكاتب فيما يقول ان 'بداية غير جيدة' تمثل السيرة 'الجاهلية' المدنسة والمجدفة. وبين السيرتين نكتشف طريقين وفيهما نرى ثقافة وحيوات وتاريخ واحداث وصورة لندن التي يتحسر على اختفاء مقاهي الشاي فيها بعد الحرب العالمية الثانية ولندن المسلمة التي يدعو ابناء قومه الى تأكيد صورتهم وبناء هويتهم بناء على ارضية المكان الجديد. وبالعودة الى 'بداية غير جيدة' ففيها ينقل الينا ايتون هنا صورة عن دراسته في كامبريدج بل وقبل ذلك دخوله المدرسة التي يشير الى انها تجربة قاسية، فالكتب المدرسية تتحدث عن آكلي اللحوم البشرية في اراض بعيدة لكنهم اي البدائيين ليسوا بعيدين عن بلده انكلترا، مشيرا الى تجربة المدارس الداخلية. وغاي مشغول الذي يشير الى بطله باسمه المباشر دون استخدام 'هو' او 'انا' في السرد بأخذ قارئه في رحلة مع ثقافة عصره الطبقية من الارستقراطيين الذين كان السفر بالنسبة لهم يمثل الحياة، اما فقراء المدن والقرى فقد كان السفر يعني الخروج الى ارض بدائية يأكل سكانها طعاما فاسدا. وتظهر المذكرات وعي الكاتب بعالمه وبحثه وأرقه، سواء كان هذا الارق نابع من اضطراباته العاطفية وتجربة الحب في ظل الحرب حيث عمل في وحدة الاستخبارات في كامبريدج ودخل اثناءها بعلاقة حب مع شابة كانت صاخبة ينقل الينا تفاصيلها ثم يذوي الحب، وهو هنا يصور لنا طبيعة العلاقات العاطفية في ظل الحرب وانها تعطي انطباعا لابطالها انها دائمة وابدية، هذا قبل ان يبدأ علاقته مع كي. في النهاية تشكلت حياة ايتون بالحرب وبعدها بالسلام الذي وجده في الاسلام، فهو يقول انه ابن فترة الحرب وما جلبته من تعقيدات ثقافية وفكرية واخلاقية.
A Bad Beginning and the Path to Islam
Gai Eaton
Archetype
Cambridge/ 2010