معجزة في الخلق لايمكن وصفها : اكتشاف الشكل الذي تستخدمه أدمغتنا لتخزين الذاكرة البصرية العاملة

ساينس ألرت
2022-04-15

على مدى عقود، تساءل العلماء كيف وأين يقوم الدماغ بترميز الذكريات العابرة (أونسبلاش)كُسرت "الشيفرة السرية" التي يستخدمها الدماغ لإنشاء نوع رئيسي من الذاكرة، يسمى بالذاكرة العاملة، حيث يسمح للأشخاص بالاحتفاظ بالمعلومات ومعالجتها مؤقتا لفترات زمنية قصيرة.

وتستخدم ذاكرة العمل، على سبيل المثال، عندما تبحث عن رقم هاتف ثم تتذكر بإيجاز تسلسل الأرقام من أجل الاتصال، أو عندما تسأل صديقا عن الاتجاهات إلى مطعم ثم تتبع المنعطفات أثناء القيادة هناك.

ويمثل العمل الجديد "خطوة أساسية إلى الأمام" في دراسة الذاكرة العاملة، كما قال ديريك ني، الأستاذ المساعد في علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة ولاية فلوريدا، لـ "لايف ساينس" في رسالة بالبريد الإلكتروني.

وعلى مدى عقود، تساءل العلماء كيف وأين يقوم الدماغ بترميز الذكريات العابرة.

وتقترح إحدى النظريات أن الذاكرة العاملة تعتمد على "مخازن" خاصة في الدماغ، منفصلة عن المكان الذي يتعامل فيه الدماغ مع المعلومات الحسية الواردة من العين أو الأنف، على سبيل المثال، أو حيث الذكريات طويلة المدى - مثل ذكريات من حضرت حفلة موسيقية معهم، أو المعرفة التأسيسية التي تعلمتها في المدرسة - يتم تخزينها، كما قال ني، الذي لم يشارك في الدراسة الجديدة.

وتشير نظرية أخرى متعارضة إلى أنه "لا توجد مثل هذه المخازن الخاصة".

وفي هذه النظرية البديلة، تعتبر الذاكرة العاملة في الأساس ظاهرة ناشئة - تظهر "عندما يتم الاحتفاظ بالتمثيلات الحسية والحركية بينما نربط الماضي بالمستقبل"، كما قال ني.

ووفقا لهذه النظرية، تضيء خلايا الدماغ نفسها عندما تقرأ لأول مرة من خلال رقم هاتف كما تفعل عندما تقوم بتشغيل هذا الرقم مرارا وتكرارا في الذاكرة العاملة.

وتتحدى الدراسة الجديدة، التي نُشرت في 7 أبريل في مجلة Neuron، هاتين النظريتين.

وبدلا من عكس ما يحدث أثناء الإدراك أو الاعتماد على مخازن الذاكرة الخاصة، يبدو أن الذاكرة العاملة تعمل خطوة واحدة من جمع المعلومات الحسية؛ يستخرج فقط المعلومات الحسية الأكثر صلة من البيئة ثم يلخص تلك المعلومات في رمز بسيط نسبيا.

وقال كبير معدي الدراسة كلايتون كيرتس، أستاذ علم النفس والعلوم العصبية في جامعة نيويورك (NYU): "كانت هناك أدلة لعقود على أن ما نخزنه في الذاكرة العاملة قد يكون مختلفا عما نتصوره".

ولحل ألغاز الذاكرة العاملة، استخدم كيرتس والمعدة المشاركة يونا كواك، طالبة الدكتوراه في جامعة نيويورك، تقنية مسح الدماغ تسمى التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، والتي تقيس التغيرات في تدفق الدم إلى أجزاء مختلفة من الدماغ. وتتطلب خلايا الدماغ النشطة مزيدا من الطاقة والأكسجين، لذلك يوفر التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي مقياسا غير مباشر لنشاط خلايا الدماغ.

واستخدم الفريق هذه التقنية لمسح أدمغة تسعة متطوعين أثناء قيامهم بمهمة تشغل ذاكرتهم العاملة؛ أكمل معدا الدراسة أيضا المهمة وساهما بمسح للدماغ في الدراسة.

وفي إحدى التجارب، شاهد المشاركون دائرة مكونة من حواجز شبكية على شاشة لمدة أربع ثوان تقريبا؛ ثم اختفى الرسم، وبعد 12 ثانية، طُلب من المشاركين أن يتذكروا زاوية الشرط المائلة.

وفي تجارب أخرى، شاهد المشاركون سحابة من النقاط المتحركة التي تحولت جميعها في نفس الاتجاه، وطُلب منهم أن يتذكروا الزاوية الدقيقة لحركة السحابة النقطية.

وقال كيرتس: "توقعنا أن المشاركين سيعيدون ترميز الحافز المعقد - النقاط المحززة الزاوية أو النقاط المتحركة - إلى شيء أكثر بساطة وملاءمة للمهمة قيد البحث".

وطُلب من المشاركين الانتباه فقط إلى اتجاه الخطوط المائلة أو زاوية حركة السحابة النقطية، لذلك افترض الباحثون أن نشاط أدمغتهم سيعكس فقط تلك السمات المحددة للرسومات.

وعندما حلل الفريق بيانات مسح الدماغ، هذا بالضبط ما وجدوه.

واستخدم الباحثون النمذجة الحاسوبية لتصور نشاط الدماغ المعقد، وإنشاء نوع من الخرائط الطبوغرافية التي تمثل قمم ووديان النشاط في مجموعات مختلفة من خلايا الدماغ.

وتمتلك خلايا الدماغ التي تعالج البيانات المرئية "مجالا تقبليا" محددا، ما يعني أنها تنشط استجابة للمنبهات التي تظهر في منطقة معينة من المجال البصري للشخص.

وأخذ الفريق هذه المجالات الاستقبالية في الاعتبار في نماذجهم، ما ساعدهم على فهم كيفية ارتباط نشاط دماغ المشاركين بما لاحظوه على الشاشة أثناء مهمة الذاكرة.

وكشف هذا التحليل أنه بدلا من تشفير جميع التفاصيل الدقيقة لكل رسم، قام الدماغ بتخزين المعلومات ذات الصلة فقط اللازمة للمهمة قيد البحث.

وعند عرضها على الخرائط الطبوغرافية، بدا نشاط الدماغ المستخدم لتشفير هذه المعلومات وكأنه خط مستقيم بسيط.

وتتطابق زاوية الخط مع اتجاه الشبكات أو زاوية حركة السحابة النقطية، اعتمادا على الرسم الذي عرض على المشاركين.

وظهرت أنماط نشاط الدماغ التي تشبه الخطوط في القشرة البصرية، حيث يتلقى الدماغ المعلومات المرئية ويعالجها، والقشرة الجدارية، وهي منطقة رئيسية لمعالجة الذاكرة وتخزينها.

وأشار ني إلى أن أحد قيود الدراسة هو أن الفريق استخدم رسومات مبسطة للغاية، والتي لا تعكس بالضرورة التعقيد البصري للعالم الحقيقي.

ويمتد هذا القيد إلى العديد من دراسات الذاكرة العاملة، وقال ني إنه يستخدم رسومات بسيطة مماثلة في بحثه الخاص.

وتعمل الذاكرة العاملة بشكل أساسي كجسر بين الإدراك (عندما نقرأ رقم الهاتف) والعمل (عندما نطلب هذا الرقم).

وقال ني: "هذه الدراسة، في تحديد شكل تمثيلي لا يشبه ما تم إدراكه ولا ما سيتم فعله ولكن يمكن قراءته بوضوح من الإشارات المرئية، تقدم نظرة غير مسبوقة إلى هذه المنطقة الوسيطة الغامضة بين الإدراك والعمل".

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي