غزو أوكرانيا يوفر الفرصة والغطاء لأذربيجان لاختبار مهمة حفظ السلام الروسية

د ب أ- الأمة برس
2022-03-31

مع اعتماد هيكل حفظ السلام على سمعة الضمانات الأمنية الروسية، أعيد الآن صياغة الوضع بعد عام 2020 في ناجورني كاراباخ من خلال غزو روسيا لأوكرانيا (أ ف ب)

واشنطن: تجددت التوترات في منطقة ناجورنو كاراباخ المتنازع عليها بين أرمينيا وأذربيجان بالتزامن مع الغزو الروسي لأوكرانيا، بعدما تردد أن قوات أذربيجانية استولت على قرية في المنطقة الخاضعة لسيطرة قوات حفظ السلام الروسية التي تم نشرها بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار.

وقال الدكتور لورانس برورز هو باحث مشارك في مركز آسيا الوسطى المعاصر والقوقاز، بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس والمعروف رسمياً باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية إنه منذ غزو روسيا لأوكرانيا، اختبرت أذربيجان بشكل متزايد إرادة وقدرة بعثة حفظ السلام الروسية المنتشرة في الأراضي المتبقية التي كانت لا تزال تحت السيطرة الأرمينية في نهاية حرب كاراباخ عام 2020.

وفي أوائل آذار/مارس، شوهدت القوات الأذربيجانية بالقرب من القرى الأرمينية وهي تحث السكان عبر مكبرات صوت على الإخلاء، وسرعان ما تلى ذلك تقارير عن تزايد انتهاكات وقف إطلاق النار. وفي 8 آذار/مارس، انقطع خط أنابيب حيوي يزود السكان الأرمن في كاراباخ بالغاز عن الأراضي التي تسيطر عليها أذربيجان، مما ترك السكان دون تدفئة لمدة أسبوعين. وعلى الرغم من إصلاح خط الأنابيب، فقد قيل إنه انقطع مرة أخرى، ثم تمت استعادته.

ثم تقدمت القوات الأذربيجانية إلى المنطقة التي تخضع ظاهريا لسيطرة قوات حفظ السلام الروسية، مما أجبر على إخلاء قرية أرمنية، وأخذ مرتفعات استراتيجية للإشراف على قرى أخرى، وتردد أنه تم استخدم غارات الطائرات بدون طيار لقتل ثلاثة جنود أرمن محليين وجرح 15 آخرين.

 وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الروسية ذكرت أن القوات الأذربيجانية انسحبت في وقت لاحق، إلا أن مصادر أذربيجانية وأرمينية نفت ذلك. واتخذت كل من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الرؤساء المشاركون لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا المكلفة بالتوسط في الصراع الأرمني الأذربيجاني، الخطوة النادرة المتمثلة في وصف أذربيجان بأنها منتهكة لنظام وقف إطلاق النار.

 واستفادت أذربيجان من المادة 4 من بيان وقف إطلاق النار الصادر في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، والتي تنص على انسحاب القوات الأرمينية، لتبرير أفعالها. ولكن على الرغم من أن ثلاثة آلاف جندي من أرمينيا قد غادروا بعد اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن صياغة البيان تترك وضع القوات الأرمينية المحلية في كاراباخ، التي تطلق على نفسها اسم جيش الدفاع عن ناجورني كاراباخ، غامضا.

وتعتبرهم باكو جماعة مسلحة غير مشروعة على أراضيها، لكن السلطات المحلية والسكان يعتبرونهم دفاعا أساسيا عن النفس. ولكن مع عدم انسجام الوحدات الأرمنية المحلية في كاراباخ مع الجيش الأذربيجاني، فإن قوات حفظ السلام الروسية وحدها هي التي تقف بين القوات الأذربيجانية والمدنيين الأرمن في كاراباخ.

ويقول برورز  إنه إذا كانت البنية التحتية الأمنية لما بعد عام 2020 في كاراباخ محفوفة بالمخاطر، فإن مصادر هذه التوترات الجديدة تتعلق أيضا بالغزو الروسي لأوكرانيا الذي خلق نافذة من الفرص لأذربيجان بطريقتين حاسمتين.

أولا، يكشف الإلهاء الروسي عن نقاط الضعف في بعثة حفظ السلام في كاراباخ، التي تضم  1960 جنديا وحوالي ألفي  موظف دعم مدني ولكنها لا تزال تفتقر إلى ولاية أو قواعد اشتباك محددة.

وقد كان هذا مناسبا لباكو، التي تحرص على التأكيد على الطبيعة المؤقتة للوجود الروسي.

ومع ما يتردد عن إعادة تكليف وحدات من مناطق أخرى متنازع عليها، مثل أوسيتيا الجنوبية، في أوكرانيا، فقد كانت هناك تكهنات لا أساس لها من الصحة بأن الوحدات الروسية من كاراباخ قد تحذو حذوها. ويزيد من هذا الضغط الانتقاد المتزايد لبعثة حفظ السلام الروسية في الصحافة الأذربيجانية.

ثانيا، يوفر رد الفعل الدولي على الغزو الروسي فرصة ذهبية لتجانس مختلف صراعات ما بعد الاتحاد السوفييتي خطابيا وشرعية ادعاءات مختلف الجهات الفاعلة فيها. ومع تعبئة أوروبا والولايات المتحدة بشكل لم يسبق له مثيل حول السلامة الإقليمية لأوكرانيا وعدم شرعية الاحتلال، فإن الحجج حول الفروق الدقيقة والمسارات المتغيرة لصراعات أوراسيا يتم تجاهلها بسهولة.

وفي خضم المعركة، يفوق الإجماع على السلامة الإقليمية الأوكرانية الصرامة التاريخية، والعناية بالسببية، والقلق المبرر بشأن حقوق الإنسان لأي سكان محبوسين خلف حدود متنازع عليها.

ويرى برورز أن التعبئة الغربية من أجل أوكرانيا هي أيضا تذكير مرير لباكو بأنه لم يظهر مثل هذا الإجماع على الإطلاق بشأن سلامة أراضي أذربيجان. وبعد التطهير العرقي الجماعي لعدة مقاطعات من قبل القوات الأرمنية في التسعينيات، فقد أصبح هذا بمثابة رش الملح على الجرح.

ويضيف أن  الصراع الأرمني الأذربيجاني اتسم دائما بجولات متكررة ومتبادلة من التطهير العرقي تاركا الطائفتين الوطنيتين منفصلتين تماما. وزعمت رواية أذربيجانية شعبية بعد حرب عام 2020 أن باكو قد أنهت هذا التقليد الشنيع ، لكن هذا غير صحيح. ولم يبق أي أرمن في الأراضي التي استعدتها أذربيجان في عام 2020.

ومع اعتماد هيكل حفظ السلام على سمعة الضمانات الأمنية الروسية، أعيد الآن صياغة الوضع بعد عام 2020 في ناجورني كاراباخ من خلال غزو روسيا لأوكرانيا. وإن انخراط موسكو في غزو أوكرانيا المستنزف، والذي لا يمكن الدفاع عنه، يمنح أذربيجان النطاق التشغيلي والغطاء المعياري لاختبار الوجود الروسي داخل حدودها. ويخلص برورز إلى أن هذا الوجود هو الرمز الأكثر وضوحا واستياء لانتصار أذربيجان المقتطع في عام 2020.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي