لوفيجارو: الفشل في أوكرانيا أحبط المشاريع الجيوسياسية لـ3 رؤساء أمريكيين

2022-03-13

مناظر عامة من العاصمة الاوكرانيية كييف (ويكيبيديا)سلطت صحيفة "لوفيجارو"، الأحد، الضوء على تسبب الفشل في التعاطي مع ملف أوكرانيا في إحباط المشاريع الجيوستراتيجية لـ 3 رؤساء أمريكيين، آخرهم الرئيس الحالي "جو بايدن".

واعتبرت الصحيفة الفرنسية، في تقرير لها، أن "جوانب للفشل المستمر للبيت الأبيض أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تجسدت في تعامل آخر 3 رؤساء للولايات المتحدة مع الصراع الروسي الأوكراني".

وأورد التقرير أن الرئيس الأمريكي الأسبق "باراك أوباما" تعاطى مع الملف من خلال الحفاظ على مسافة بينه وبين الصراع بحذر، وأهمل التهديد الروسي، بينما حاول الرئيس السابق "دونالد ترامب" الاستفادة الشخصية من الصراع عبر دعمه لكييف، في حين ذهبت محاولة "جو بايدن" عبثًا بعدم الانجرار إلى الصراع، بعدما وجد نفسه بمواجهة حرب في أوروبا.

ورغم الاختلافات فيما بينهم، إلا أن كلا من "أوباما" و"ترامب" و"بايدن" يجمعهم قرار واحد، هو أنّ أوروبا ليست أولوية، وأن الحرب الباردة انتهت، وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى توجيه مواردها إلى أماكن أخرى.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا دعم انتقادات في واشنطن مفادها أن مساعدةً أمريكية كثيفة لهذا البلد كان يمكن أن تردع موسكو عن الهجوم.

وتعود هذه الانتقادات إلى بداية عام 2014، عندما فاجأت الأزمة الأوكرانية "أوباما"، الذي تم انتخابه في عام 2008 لوضع حد للمغامرات العسكرية الأمريكية، وحصل على جائزة نوبل للسلام حتى قبل توليه منصبه، ولم يرغب في الانجرار إلى مواجهة مع موسكو.

كان خجل إدارة "أوباما" في التعاطي مع ملف أوكرانيا موضع انتقاد، إذ قال السناتور الجمهوري "جون ماكين"، عام 2015: "يُذبَح الأوكرانيون ونرسل نحن البطانيات والوجبات".

وفي تقرير نشرته مؤسسة "بروكينجز" عام 2015 ناشد 8 من الدبلوماسيين والجنود الأمريكيين السابقين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي تقديم أسلحة لأوكرانيا، دون استجابة من إدارة "أوباما".

ويشير "ستيف بيفر"، السفير الأمريكي السابق في أوكرانيا، في هذا الصدد، إلى أن مناشدة الدبلوماسيين والجنود السابقين حظيت بدعم العديد من الأشخاص في البنتاجون ووزارة الخارجية، قائلا: "في الواقع استطعنا أن نقنع الجميع تقريبًا، ماعدا الرئيس".

أما "ترامب"، الذي سبب دخوله إلى السلطة في يناير/ كانون الثاني 2017 زلزالًا استراتيجيًا، فأعلن إعجابه بشخص "بوتين"، ولم يخف نفوره من حلف الناتو، وكان مرتابًا في شأن إمداد أوكرانيا بالسلاح.

هذا ما قالته "كاثرين كروفت"، التي كانت عضوًا في مجلس الأمن القومي في ذلك الوقت، بشهادتها في ذلك الحين، مبينة أن "ترامب" كان أيضًا "يعتقد أنّ ذلك البلد فاسدٌ وغنيٌّ بما يكفي لدفع ثمن الأسلحة بنفسه".

في حين رأى "ترامب" الربحَ الشخصي، الذي يمكن أن يجنيه من هذه القضية، إذ إنه في ربيع عام 2019 حظر المساعدات الأمريكية لأوكرانيا بشكل غامض، دون الإعلان عن القرار، وسعى بهدوء للحصول من الرئيس الأوكراني الجديد "فولوديمير زيلينسكي" على معلومات حول خصمه الديمقراطي المستقبلي "جو بايدن" الذي يعمل ابنه في مجلس إدارة شركة غاز أوكرانية.

وذهب مبعوثو "ترامب" الشخصيون، ولا سيما محاميه "رودي جولياني" إلى كييف لمحاولة التأثير على الأوكرانيين.

وانفجرت القضية في سبتمبر/أيلول 2019 عندما حذّر أحد عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الكونجرس من أنّ ترامب حاول ابتزاز أوكرانيا.

وخلال الأشهر التالية وضع التحقيق الذي فتحه الكونجرس وإجراءات المساءلة التي بدأت ضد ترامب أوكرانيا في مركز اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية، وبدأ عدد من الدبلوماسيين المحترفين، والمسؤولين الرئيسيين للسياسة الأمريكية في أوكرانيا يتوافدون للإدلاء بشهاداتهم علنًا، لوصف دخل الرئيس ومبعوثيه الخاصين في أوكرانيا.

وأكد المسؤولون جميعهم محاولة "ترامب" غير المعقولة جني مكاسب سياسية شخصية من قضية خطيرة تتعلق بالسياسة الخارجية.

ومع ذلك، ورغم أن قضيةُ تجارة ابنه في أوكرانيا كادت تكلفه خسارة الانتخابات الرئاسية، ظل خليفة ترامب "جو بايدن" لا يرى أوكرانيا كأولوية، إذ تقع أولوياته الاستراتيجية في مكان آخر، مثل الصين وهي المنافس الأكبر للولايات المتحدة، ولطالما أعلن أنه يريد تركيز جهوده على منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، وليس على أوروبا.

بل إن "بايدن" أعلن أنه يريد أن يقيم مع بوتين "علاقة مستقرة ويمكن التنبؤ بها"، ويريد إعطاء فرصة للحوار، وأن يتناوب مع نظيره الروسي مزيجًا من الحزم والانفتاح، وكان أحد قراراته الأولى بعد توليه منصبه هو تمديد معاهدة تخفيض الأسلحة مع روسيا لمدة 5 سنوات.

كما رفع "بايدن" العقوبات الأمريكية التي فرضها "ترامب" على خط أنابيب الغاز الروسي الألماني ”نورد ستريم 2″، وعندما حشدت روسيا قواتها لأوّل مرة على الحدود الأوكرانية في ربيع عام 2021 عرض على "بوتين" عقد اجتماع قمة، وعلّق مؤقتًا المساعدة العسكرية لأوكرانيا كعلامة على التهدئة.

كما أنّ الرئيس الجديد كان ملتبسا إزاء كييف، إذ واصلت إدارته تسليم الأسلحة إلى هذا البلد، لكنه لم يعيّن سفيراً في أوكرانيا، وفي سبتمبر/ أيلول الماضي استقبل الرئيس "زيلينسكي" أخيرًا في البيت الأبيض وأعلن عن مساعدة عسكرية جديدة بقيمة 60 مليون دولار، إلا أنه رفض توريد صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ، أو صواريخ هاربون المضادة للسفن.

وفي الشهر التالي وقّعت واشنطن شراكة استراتيجية مع كييف، لكنّ الأوكرانيين لم يحصلوا على أي وعود من "بايدن" بشأن احتمال انضمامهم إلى الناتو.

وحاول "بايدن" تحقيق توازن دقيق لردع "بوتين" من خلال تهديدات العقوبات، بينما استبعد التدخل العسكري في أوكرانيا، وضاعف التحذيرات للعالم كله وللأوكرانيين أنفسهم حول اقتراب غزو، ولكونه كان على حقّ، أصبحت أوكرانيا التحدي الأكبر لولايته.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي