الغارديان: جشع وكسل الغرب سبب في خسارته المستمرة أمام بوتين

2022-02-27

لو كان بوتين “غير عقلاني” ومصابا بـ”الرهاب” فمن الناحية المنطقية لم يعد هناك إلا مسار واحد للعمل (أ ف ب)

“الخجل والجشع والكسل” هي الأسباب التي تجعل الغرب يخسر أمام فلاديمير بوتين، كما يقول سايمون تيسدال في مقال نشرته صحيفة “الغارديان”. وأوضح تيسدال: “في المواجهة مع بوتين، يقاتل الغرب ويده مقيدة خلف ظهره ويفعل هذا باختياره بسبب جشعه وكسله وخجله. وهذا هو الوضع منذ أكثر من عقدين، وهو نفس الوضع في أوكرانيا”.

ويقول الكاتب بحسب وصفه: “عندما قتل زعيم المافيا الروسي فلاديمير بوتين، المعارضَ ألكسندر ليتفيننكو، وغزا جورجيا ودعم جرائم الحرب في سوريا وضم القرم وأرسل المرتزقة القتلة إلى ليبيا ومنطقة الساحل بأفريقيا وخرب الانتخابات الأمريكية وشن حربا سبرانية واستخدم الإنترنت كسلاح، وسمم العميل سكريبال، لم تكن هناك عقوبات، وإن وجدت، فقد كانت قصيرة وغير فعالية. فقد كان الساسة ورجال الأعمال الغربيين يعرفون بوتين وطبيعته. وكانوا يفهمون قدرة نظامه المارق على عمل ما يريده، إلا أن الكثيرين منهم تظاهروا بعدم المعرفة، غضوا الطرف أو أخذوا أمواله كما فعلت فرنسا وألمانيا واعتقدوا أنه رجل طبيعي. وتكررت هذه الأشكال قبل غزو أوكرانيا، وحتى بعد شجبهم ما قالوا إنه أكبر تهديد أمني لأوروبا منذ عام 1945، فشل قادة الغرب في التحرك بشكل عاجل بناء على تحذيراتهم، وعندما أخرجوا لكماتهم كان الوقت قد فات، ولهذا السبب يخسر الغرب”.

ويضيف تيسدال: “منذ بداية الأزمة ظل الغرب في موقع الدفاع، وحان الوقت للتحرك نحو الهجوم كما يقول لاعبو كرة القدم الأمريكيين”.

فلو كان بوتين “غير عقلاني” ومصابا بـ”الرهاب” فمن الناحية المنطقية لم يعد هناك إلا مسار واحد للعمل.

فبعد فشلهم في منع الغزو، على الحلفاء الآن البحث عن تغيير للنظام في موسكو. ويجب التخلص من بوتين والإطاحة به عن عرشه. ولن ينقذ أوكرانيا والنظام العالمي وروسيا نفسها إلا عملية قطع النظام في الكرملين. وعلى الغرب مساعدة كل الروس الذي يبحثون عن قيادة جديدة في بلادهم، وتغذية رهاب بوتين والعمل على تآكل قاعدته بدرجة لا يشعر معها بالأمان حتى من أصدقائه.

ويتساءل الكاتب: “لماذا لا يطلب جو بايدن وبوريس جونسون الإفراج عن أليكسي نافالني، الناشط والمعارض الروسي القادر والرجل الذي حاول بوتين اغتياله بغاز الأعصاب عام 2020 وبعد ذلك أعاد سجنه؟ ولماذا لاي  يطالبان بانتخابات حرة؟”. ويقول :على الغرب إخبار الروس الوطنيين في كل مكان أن عليهم أخذ صفحة من كتاب الثورة الأوكرانية عام 2014 وتحدي أمن بوتين كما فعلوا أثناء الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، ومن ثم تطهير روسيا من بقايا العهد السوفييتي”.

وتساءل أيضا: “هل سيقومون بهذا؟ غير محتمل. فنفس القادة الذين يحذرون  من التهديدات غير المسبوقة من القيصر المختل عقليا، يخافون أنفسهم من استفزازه. وهم خائفون من فقدانهم السيطرة على نتائج غير متوقعة. والشيء الوحيد الذي يمكنهم منعه هو تجنب صدام في المستقبل ومساعدة الروس للتخلص من بوتين، وهو الشيء الوحيد الذي لا يتجرأون على عمله. ولهذا السبب نخسر دائما”.

ويتابع الكاتب: “لماذا لم تتم مناقشة العرض الذي قدمه الناتو قبل الغزو لأوكرانيا بالانضمام، في وقت رفض فيه بوتين سحب قواته؟ فانضمام كييف للناتو هو ما يخشاه إيفان الرهيب الثاني أكثر. ولو تمت مناقشة الأمر أو تقديم العرض لكانت بيد الغرب ورقة نفوذ”.

ويضيف: “من هو العبقري في واشنطن الذي قرر التأكيد لبوتين أن قوات الناتو لن تقاتل من أجل أوكرانيا لو قرر الغزو؟ ربما كان هذا ضوء أخضر، فلو اتخذ الحلفاء موقفا غامضا من الأزمة لما كان هناك ضرر في هذا”.

وطالب توبياس إيلوود، النائب المحافظ والجندي البريطاني السابق، قبل عدة أسابيع من الغزو، بإرسال عدد محدود من قوات الناتو إلى أوكرانيا لكي تكون بمثابة الردع للقوات الروسية. والآن تم تجاهل الدعوات لتغطية الناتو المجال الجوي الأوكراني. في الوقت الذي تحدث فيه جونسون، الذي كان يقلد تشرتشل، أثناء زيارته إلى كييف بتفاؤل عن التضامن لمنع العدوان الروسي، لكن القيام بعمل شجاع مثل نشر قوات بريطانية هناك والمخاطرة، كان أمرا بعيد المدى بالنسبة له. ودعت بولندا وليتوانيا الخائفتان من عدم احترام بوتين لحدودهما إلى ضم أوكرانيا بسرعة للاتحاد الأوروبي ويجب أن يظل العرض قائما. ولماذا لم يتم سحب سفراء الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وقطع كل العلاقات الدبلوماسية وفرض حظر مالي وتجاري واسع ضد روسيا؟ ومن المستبعد حدوث هذا، نظرا لكل المال الروسي القذر، ولأن أسعار الطاقة في أوروبا ستزيد إلى معدلات عالية ولأن المستثمرين والمستوردين سيفضحون ولأن القادة الغربيين لا يزالون يعتقدون أنه “عقلاني” ولهذا السبب يخسر الغرب.

ويتساءل الكاتب إن كان هناك أمر يمكن عمله لوقف بوتين قبل القيام بمغامرته؟ ويجيب “بالتأكيد”. ومع ذلك يبدو أن  بوتين قرر أن يغزو قبل أيام وأسابيع مهما كان موقف الجميع. ويقول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه تعرض للخداع، وربما لم يكن هناك ما يمكن عمله لوقف بوتين. والسؤال هو كيف يمكن إدارة الطاولة على الرئيس الروسي؟

كما في فيلم مايكل كين “اقبض على كارتر” فيجب أن يكون الأمر هو “اقبض على بوتين”، وعلينا نسيان الأوليغارشيين والتركيز على أموال الديكتاتور والساسة والمسؤولين والدعائيين الذين يقدمون المساعدة له.

ويقول تيسدال: “أصدِروا بلاغات دولية للقبض عليه بارتكاب جرائم حرب وبلاغ وطني للقبض عليه باستخدام قانون الصلاحية العامة. وأخبروا زميله شي جين بينغ بالابتعاد عنه أو مواجهة التداعيات الخطيرة. واصنعوا ملصقا عليه صورة المطلوب بوتين، وقدموه كمنبوذ وهارب دولي من العدالة، وساعدوا الجيش الأوكراني على مواجهته، وقدموا له المعدات العسكرية. ومن ثم ساعدوا الديمقراطيين الروس للإطاحة به، في وقت يترنح جيشه وتصل أكياس الموت”.

ويختم بالقول: “لا يوجد أي  سبب لاستمرار هذا الجبان الصغير المنحرف بالتسبب في المعاناة والبؤس. سقوطه سيكون رحمة للعالم، ومع ذلك لن يحدث هذا في القريب العاجل، وسينجو حتى مع آلاف الضحايا المفقودين، لماذا؟ لأننا سمحنا له بالنجاة. والغرب متواطئ مع طغيان بوتين، ودائما كان كذلك ولهذا نخسر دائما”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي