أعلنت شركة الجعة اليابانية "كيرين" الإثنين 14فبراير2022، أنّها ستوقف نشاطها في بورما وتنهي شراكتها المحلية مع مجموعة يسيطر عليها المجلس العسكري، لتلحق بذلك بركب الشركات الأجنبية التي قررت مغادرة هذا البلد بعد انقلاب شباط/فبراير 2021.
وبدأت الشركة "محادثات" مع شريكها المحلي "ميانمار إيكونوميك هولدينغز ليميتد" من أجل "وقف نشاطها في بورما" من خلال إنهاء مشروعهما المشترك "في أسرع وقت ممكن"، وفقًا لبيان صادر عن المجموعة اليابانية.
وبعد الانقلاب العسكري، حاولت شركة "كيرين" البدء بمفاوضات لإيجاد شريك جديد لمشروعها المشترك في بورما، دون مغادرة السوق المحلية، لكنّ مقترحها قوبل برفض "ميانمار إيكونوميك هولدينغز ليميتد"، وهي شركة يكتنف هيكليتها الغموض ويسيطر عليها الجيش.
ولجأ الشريكان في وقت لاحق لفضّ خلافهما في المحاكم البورمية، كما بدأت "كيرين" في نهاية العام الماضي إجراءات تحكيم تجاري في سنغافورة.
وكانت شركتهما "ميانمار بريويري" المحدودة التي تنتج أبرز علامة تجارية للجعة في بورما، تسيطر قبل سنوات على نحو 80% من حصة السوق في البلاد.
واستفادت شركة "كيرين" من رفع العقوبات الغربية عن بورما في مطلع عام 2010، إبان التحول الديموقراطي الذي كان جارياً حينها في البلاد، واستحوذت على 55% من مصنع "ميانمار بريويري" لقاء 560 مليون دولار.
كما حصلت في عام 2017 مقابل بضعة ملايين إضافية من الدولارات على 51% من مصنع جعة محلي أصغر هو "ماندلاي بريويري".
وقبل استعادة الجيش للسلطة، تعرضت العلاقة التجارية بين شركة "كيرين" والجيش البورمي لانتقادات شديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان، خاصة منذ اندلاع أزمة الروهينغا في عام 2017.
وتشكل بورما سوقًا ثانوية لشركة "كيرين" التي حققت في هذا البلد 2% فقط من إجمالي مبيعاتها في سنتها المالية 2019/2020.
كما تسبّبت الاضطرابات الاقتصادية المرتبطة بكوفيد-19 والاضطرابات السياسية في انخفاض مبيعات مشروعها المحلي المشترك بنسبة 30% العام الماضي، وفق ما اوردت الشركة لدى نشر نتائجها السنوية الاثنين.
وانخفضت مبيعات الجعة في بورما بنسبة 20% خلال نفس الفترة، بحسب الشركة.
وأعلن العديد من الشركات الأجنبية مغادرته بورما، مثل توتال انيرجيز الفرنسية وشيفرون الأميركية و"وود سايد" الأسترالية العاملة في مجال الطاقة، و"بات" البريطانية للسجائر وشركة الاتصالات النروجية تيلينور.
وتواصل منظمات غير حكومية الضغط على الشركات الدولية لدفعها إلى إعادة النظر في نشاطاتها في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، في حين يأخذ قمع الجيش للاحتجاجات أكثر فأكثر شكل حرب أهلية بعدما أسفر عن مقتل أكثر من 1500 مدني، بحسب آخر التقديرات.
وكانت واشنطن حذّرت في كانون الثاني/يناير الشركات الدولية التي لا تزال موجودة في بورما من أنّها تواجه ببقائها في هذا البلد مخاطر مالية وقضائية بالإضافة إلى مخاطر على سمعتها.
-انسحاب من قطاع النفط-
وحتى مطلع العام لم يكن سوى عدد قليل من الشركات الكبرى قد أعلن مغادرة بورما. وكانت شركة الاتصالات النروجية تيلينور من بين قلائل قرّروا منذ تموز/يوليو الماضي بيع الشركة المحلية المربحة جداً (18 مليون مشترك) إلى مجموعة "إم1" المالية اللبنانية التي يشتبه بصلتها بالمجلس العسكري، لكنّ العملية لم تنته بعد.
وأعلنت شركة الطاقة الاسترالية العملاقة "وود سايد" في 27 كانون الثاني/يناير "وضع حد لمصالحها في بورما"، بعد 9 سنوات من العمل هناك. ويشمل وقف الأعمال منطقة استكشاف الغاز A-6 ونشاطات أخرى في البلاد.
وأعلنت كل من شركتي النفط الكبرى توتال انيرجيز وشيفرون الانسحاب من بورما في 21 كانون الثاني/يناير حيث كانتا شريكتين في حقل يدانا النفطي.
وتضمّ توتال انيرجيز لوحدها 200 موظف وقد عزت انسحابها إلى "استمرار تدهور أوضاع حقوق الانسان في بورما".
كذلك بالنسبة لشركة "بات" البريطانية للسجائر والتي غادرت بورما في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بعدما أجرت تقييماً لنشاطها "العملي والتجاري على المدى البعيد" في هذا البلد.
وكان عملاق السجائر هذا يوظف أكثر من 100 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، قبل الانقلاب العسكري.
-تعليق الأعمال-
ولا تزال مجموعة الطاقة الفرنسية "اي دي ف" شريكة في مشروع سدّ الطاقة الكهرمائية شويلي-3 وهو استثمار تقدّر قيمته بـ 1,5 مليار دولار ومعلّق منذ عدة أشهر. وأعلنت المجموعة في كانون الثاني/يناير أنّ "اي دي ف مستعدة لإعادة النظر بالتزامها".
وكانت شركة تويوتا اليابانية ستفتتح مصنعها الأول في بورما مطلع 2021، لكن الافتتاح عُلّق بفعل الانقلاب العسكري.
وتّعدّ بورما مُصنِّعاً مهماً للملابس، وقد أوقفت مجموعتا بينيتون الايطالية و"اتش إند ام" السويدية كل الطلبات الجديدة من مصانع هذا البلد منذ أشهر عدّة.
- البعض باق مرغماً أو مختاراً-
وأعادت شركة سوزوكي اليابانية من جهتها فتح مصنعيها المحليّين بعدما كانت قد أوقفت عملهما عقب الانقلاب العسكري. وأنتجت هذه الشركة الموجودة في بورما منذ 1998 أكثر من 13 ألف مركبة في 2019، وبدأت ببناء مصنع ثالث في البلاد.
وكانت شركة "أكور" التي تدير 9 فنادق في بورما أكدت أنّها "اختارت البقاء حالياً في البلاد وتقديم الدعم لألف متعاون معها على الأرض وللمجتمعات القريبة من فنادقها".
وقالت ناطقة باسم المجموعة لوكالة فرانس برس إنّ "السياحة قطاع حيوي بالنسبة لبورما وتبقى أحد آخر الروابط التي تصل الشعب البورمي بالعالم".
أما الشركة الدنماركية "كارلسبرغ" لصناعة الجعة فتوظف حوالي 450 شخصاً في بورما، وقد "قلّصت قدراتها" الانتاجية على أساس انخفاض الاستهلاك المحلي، دون التخطيط للانسحاب من هذا البلد.