العقوبات الغربية على روسيا قد تضرّ بجارتها أوروبا أكثر مما تفعل بالولايات المتحدة

ا ف ب – الأمة برس
2022-01-26

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في بروكسل في 24 يناير 2022 (ا ف ب)

باريس: يرى محللون أن معاقبة خصم في الجهة الأخرى من العالم أسهل دائمًا من معاقبة جار، مشيرين إلى أن ما يمكن أن تخسره أوروبا عبر فرض عقوبات على روسيا في الملف الأوكراني، أكبر من خسارة حليفها الأميركي.

يقول مدير معهد بروغل غونترام وولف لوكالة فرانس برس "من الواضح أن أوروبا تعرّض نفسها (لخسائر) أكثر من الولايات المتحدة، لأن القرب الجغرافي يقترن بروابط اقتصادية وأمنية وثيقة".

رغم فرض عقوبات أوروبية بعد ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، لا تزال موسكو خامس أكبر سوق تصديرية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، مع صادرات بقيمة 81,5 مليار يورو من كانون الثاني/يناير حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2021.

وهي أيضًا ثالث أكبّر مورّد للقارة العجوز بعد الصين والولايات المتحدة، بحسب هيئة "يوروستات" الأوروبية للإحصاءات، وقد بلغت قيمة الواردات الروسية 142 مليار يورو في الأشهر الـ11 الأولى من العام الماضي.

وأقرّت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في مؤتمر خلال منتدى الاقتصاد العالمي في 20 كانون الثاني/يناير الحالي بأن "هذه العلاقة التجارية مهمّة بالنسبة إلينا". وجاء تصريحها في سياق تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا وفي وقت أطلقت موسكو مناورات عسكرية على الحدود مع أوكرانيا.

إلا أن فون دير لايين أضافت أن هذه العلاقة "مهمة أكثر بالنسبة لروسيا". فالاتحاد الأوروبي هو أول شريك وأو مستثمر لديها.

- "معاقبة نفسها" -

يرى المحامي المتخصص في العقوبات الاقتصادية أوليفييه دورغان أن "هامش المناورة ليس نفسه إطلاقًا بالنسبة لأوروبا" مقارنة بالولايات المتحدة، مشيرًا إلى وجود خطر "معاقبة نفسها".

أبرز مثال على ذلك هو المحروقات التي قد تكون أحد المجالات المستهدفة بالعقوبات على موسكو في حال غامر الرئيس فلاديمير بوتين وقرّر غزو أوكرانيا، وذلك في ظل ارتفاع الأسعار في خضمّ موسم الشتاء.

يمثّل الغاز الروسي أكثر من 40% من واردات الغاز الأوروبية وقد يؤدي نضوب جراء عقوبات غربية أو إجراءات مضادة روسية، إلى زيادة أكبر في تعرفة الطاقة لملايين الأسر.

يشير غونترام وولف إلى أن "هناك احتياطات" لكنها لا تؤمّن الحاجات سوى "لبضعة أسابيع". واعتبر أن "الاحتياطات ستنفد وسيكون إذًا من الصعب جدًا تعويض واردات الغاز الروسي بنسبة 100% بغاز من قطر أو من دول منتجة أخرى".

غير أن مسؤولًا كبيرًا في البيت الأبيض أكد الثلاثاء أن الدول الغربية اتخذت تدابير لحماية إمدادات أوروبا بالغاز الطبيعي.

ويستقبل الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين 31 كانون الثاني/يناير أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في واشنطن. وجاء في بيان للبيت الأبيض أن اللقاء سيتناول الأمن في منطقة الشرق الأوسط و"تأمين استقرار الإمدادات العالمية للطاقة".

وتملك قطر حليف واشنطن الوثيق احتياطات ضخمة من الغاز، وتعد أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم.

الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثًا أمام الصحافة عن أوكرانيا وروسيا في واشنطن في 25 يناير 2022 (ا ف ب)

- سويفت –

الملف الثاني الكبير هو ملف القطاع المالي الروسي.

قد تمنع الولايات المتحدة روسيا من إجراء معاملاتها المالية بالدولار، أبرز عملة في المبادلات التجارية، أو استبعاد موسكو عن نظام "سويفت" الأساسي للتعاملات المصرفية العالمية والذي يضمّ 300 مصرف ومؤسسة روسية.

ستتأثر كثيرًا الشركات التي تتعامل مع روسيا. إلا أن ألمانيا، التي تقيم روابط اقتصادية قوية مع روسيا، أبدت معارضتها لاستبعاد موسكو عن "سويفت"، بحسب مصدر دبلوماسي أوروبي.

يرى المحامي أوليفييه دورغان أنه من الممكن تبني مقاربة أكثر دقةً خلال المفاوضات بين الدول الغربية، لعدم تعريض شركات أوروبية لاضطرابات اقتصادية كبيرة.

ويشير إلى أن "بدلًا من معاقبة المصارف الروسية" قد تُفرض عقوبات على "الدوائر الأكثر قربًا من فلاديمير بوتين، قد لا يُمسّ بقطاع الغاز المهمّ جدًا بالنسبة لأوروبا، إنما بقطاع النفط أولًا"، لافتًا إلى ضرورة أن تكون العقوبات أقسى من تلك التي فُرضت عام 2014.

ويقول المحامي "في حال قررت الولايات المتحدة أن تتصرف أحاديًّا، فإن تأثير العقوبات الاقتصادية الأميركية خارج حدودها، قوي جدًا إلى درجة أن الجهات الفاعلة الكبيرة في الاتحاد الأوروبي، سواء كانت مصرفية أو نفطية، ستجد أنفسها مضطرّة إلى الامتثال".

غير أن كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة أوروبا في شركة "كابيتال إيكونوميكس" للدراسات أندرو كينينغهام يرى أن ذلك لا يكفي لزعزعة الاستقرار الاقتصادي الأوروبي، واصفًا تأثير العقوبات على منطقة اليورو بأنه "ضعيف وقصير نسبيًا"، مقارنة بالمخاطر المرتبطة بأزمة وباء كوفيد-19.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي