أرخبيل سقطرى المنسي في اليمن بعيد عن الحرب والتنمية

متابعات الأمة برس
2022-01-14

شجرة دم الأخوين (ويكيبيديا)سقطرى (الجمهورية اليمنية) - بقي أرخبيل سقطرى الذي هو محافظة يمنية، بعيدا عن دائرة الصراع الدامي في اليمن، كما بقي بعيدا عن اهتمامات الحكومات اليمنية المتعاقبة منذ استقلال اليمن نهاية ستينات القرن الماضي.

ويضم الأرخبيل ست جزر متناثرة بين بحر العرب والمحيط الهندي أكبرها جزيرة سقطرى وتبعد عن الشواطئ اليمنية أكثر من 300 كيلومتر.

ويعيش في الأرخبيل حوالي 80 ألف نسمة ويمارسون عاداتهم وتقاليدهم بدءا من ملابسهم الفولكلورية المعروفة بارتداء “المعوز” الذي يلف على خصر الرجل إلى أسفل قدميه، مرورا بالمأكولات الشعبية وصولا إلى نبتة القات الشهيرة.

ونجاة السقطريين من الصراع الدامي والحرب تعود بحسب أحد مشايخ القبائل وهو حزمي عبدالله البخيت إلى البعد الجغرافي للجزيرة عن أرض اليمن، إضافة إلى كونها بالأصل بعيدة عن اهتمام السلطات اليمنية الحاكمة، حيث يقول البخيت “نتيجة الأخطاء التي ارتكبت على مدار العقود الماضية لم تتحقق أي تنمية حقيقية في الجزيرة حيث كانت في نظر الحكومات اليمنية المتعاقبة عبارة عن أرض منسية ومنفى”.

وبيّن أن “الأمان والهدوء يعمّان أرجاء الجزيرة الآن ولا توجد فيها أي مظاهر مسلحة على الإطلاق وغالبا ما يتم حل المشكلات والخلافات عن طريق وجهاء القبائل بعيدا عن الشرطة”.

وأكد الشيخ البخيت أنه بالرغم من الحرب التي يشهدها اليمن، شهدت الجزيرة خلال الخمس سنوات الماضية عددا كبيرا من المشاريع التنموية التي خدمت سكان الجزيرة وقطاعات الخدمات الأساسية من تعليم وصحة ومهن حرفية بجهود بذلتها الدول الداعمة.

وغياب التنمية الحقيقية بحسب وجهاء القبائل والعشرات من المواطنين انعكس على مختلف مناحي الحياة في الجزيرة، ولاسيما قطاع التربية والتعليم حيث يقول مدير التربية والتعليم أحمد إبراهيم “لا يوجد في الجزيرة سوى خمس مدارس للتعليم الثانوي و75 مدرسة للتعليم الأساسي وتستقبل حوالي 19200 طالب، أكثر من 60 في المئة منهم من الإناث بسبب عزوف الذكور عن التعليم نتيجة توجههم نحو العمل ليكونوا عونا لأهاليهم في تأمين قوت الحياة”.

ويضيف مدير التربية في الجزيرة “هناك معاناة حقيقية في التعليم حيث نحتاج إلى مدرسين بمواصفات خاصة بسبب اللغة السوقطرية التي يتكلم بها أهالي الجزيرة”، موضحا أن “هذه اللغة محكية وغير مكتوبة ما يجعل مهنة التعليم في الصفوف الابتدائية الأولى حكرا على مدرسي الجزيرة كي يتمكنوا من الأخذ بيد الطلاب وتعليمهم اللغة العربية أولا قبل أن يتم تعليمهم المناهج الأساسية”.

ويضيف مدير التربية أن “العمل جار حاليا في إطار برنامج إعادة إعمار اليمن على بناء 8 مدارس مجهزة بكل الوسائل التعليمية والكوادر الإدارية من قبل الهلال الأحمر الإماراتي وبرنامج إعادة إعمار اليمن السعودي، في حين يقتصر دور المنظمات الدولية على التدخل الشكلي في قطاع التربية”.

وتابع إبراهيم قائلا “منظمة اليونيسيف تدخلت مؤخرا في إرسال ملصقات ومواد مطهرة وكمامات للوقاية من كورونا أما دورها فهو معدوم في مجال الوسائل؛ من أجهزة كمبيوتر والبرامج التعليمية والمختبرات الكيميائية للمدارس، إضافة إلى تدريب المعلمين وإعادة تأهيلهم للرفع من مقدراتهم ومهاراتهم التدريسية”.

ودخول اليونيسيف المتأخر إلى قطاع التعليم في أرخبيل سقطرى سبقتها إليه منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” منذ عام 2008 حيث أدرجت الأرخبيل على لائحتها نظرا لكونه “موقعا استثنائيا من حيث التنوع الكبير في نباتاته ونسبة الأنواع المستوطنة فيه” ما ساعد السقطريين على الحفاظ على جزيرتهم وغطائها النباتي، حيث تؤكد اليونسكو أن من بين 825 نوعا من النباتات تم تحديدها في الأرخبيل، يُعتبر أكثر من ثلثها فريدا.

واختار السقطريون شجرة دم الأخوين شعارا ورمزا لجزيرتهم، هذه الشجرة التي اختارت الجزيرة موطنا لها منذ ما يقارب ألف عام، وبعد زراعتها بالعشرات من السنين في بداية شهر مارس قبل موسم الأعاصير تبدأ بفرز سائل أحمر يسمى دم الأخوين في إشارة إلى قابيل وهابيل.

لكن التغيرات المناخية أثرت على هذه الأشجار نتيجة قلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة حيث بدأت أعداد الأشجار بالتناقص، ما دفع الأهالي للعمل بمبادرات فردية للحفاظ على أشجارهم النادرة رغم قلة إمكاناتهم المادية.

ويقول أديب عبدالله وهو رجل سبعيني أنشأ مشتلا لزراعة هذه الأشجار قبل أكثر من 20 عاما على أطراف مدينة حديبو عاصمة جزيرة سقطرى، “خوفا على الأشجار النادرة من الانقراض عملت على إنشاء أول مشتل لزراعة الأشجار في مدينة حديبو ولدينا في المشتل أكثر من 180 نوعا من الأشجار والنباتات السقطرية”.

ويضيف عبدالله “شجرة دم الأخوين تنمو كل عام حوالي 4 مليمترات لذلك تحتاج إلى رعاية وحماية من الحيوانات حتى نستطيع نقلها إلى مكانها الطبيعي في جبال سقطرى التي ترتفع 800 متر عن سطح البحر”.

وفي جبل دكسم الذي يقع جنوب شرق مدينة حديبو أقامت عائلة الكيباني مشتلا لزراعة أشجار دم الأخوين.

ويقول سعيد الكيباني “قلة الأمطار وارتفاع الحرارة والتغييرات المناخية أدت إلى جفاف بعض الأشجار لذلك نعمل على حماية تلك الأشجار من خلال إعادة زراعتها لنحافظ على أشجار ونباتات الجزيرة، فقد زرعنا قبل 20 عاما 1000 شجرة، الآن موجودة 800 إذ أثرت التغيرات المناخية على الأشجار الكبيرة والصغيرة”.

ويضيف الكيباني “نتلقى بعض الدعم البسيط من جامعة أوروبية، ونتمنى أن يكون الدعم أكبر حتى نتوسع بالزراعة بشكل أفضل”.

ويستخدم السائل الذي يخرج من الشجرة دواء وصبغة في الماضي، أما في أيامنا هذه فيستخدم في مستحضرات التجميل وصبغات الشعر.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي