
بومباي - كانت 2021 سنة ممتازة لسوميت غوبتا... فخلالها احتفل بعامه الثلاثين وودّع العزوبية، كما تخطت قيمة شركته الناشئة "كوين دي سي اكس" التي أسسها في الهند، عتبة مليار دولار.
فبعد العمل بلا هوادة في خضم الجائحة في تمويل وتطوير الشركة، وهي منصة متخصصة في العملات الرقمية، أخذ فريقه أخيرا بضعة أيام من الراحة احتفالا بالحدث على أحد شواطئ مدينة غوا على سواحل الهند الغربية.
ويروي غوبتا لوكالة فرانس برس "هذا الأمر يحمل منفعة كبيرة على الجميع"، مضيفا "مسيرتنا كانت مشوقة للغاية. لقد تعلمت الكثير. ونتوقع مستقبلا مشرقا للهند".
في المحصلة، حازت 44 شركة هندية سنة 2021 تصنيف "يونيكورن" (شركات ناشئة مقدّرة بمليار دولار أو أكثر)، مستفيدة من اهتمام كبير من المستثمرين الدوليين.
ويؤكد غوبتا أن "مع المثابرة، من الممكن جدا إنشاء شركة +يونيكورن+ في الهند"، قائلا إن البلد الآسيوي العملاق وهو خامس أقوى اقتصاد عالمي، "زاخر بالفرص".
واستثمرت الصناديق الأجنبية أكثر من 35 مليار دولار في الشركات الناشئة الهندية سنة 2021، أي أكثر بثلاث مرات من 2020، وفق بيانات جمعتها منصة "تراكشن" لتحليل شركات التكنولوجيا. ويتم إنفاق مبالغ طائلة في قطاعات الابتكار، من المال إلى الصحة مرورا بألعاب الحظ.
ولطالما كان تمويل الشركات الصينية الخيار المفضل لدى الصناديق الأجنبية. لكن تشديد بكين أخيرا تشريعاتها للجم الطفرة المتسارعة في قطاع الإنترنت أدى إلى خسارة مجموعات عملاقة مثل بايدو وعلي بابا وتنسنت مليارات الدولارات في البورصة.
وبذلك، تراجعت الاستثمارات في الشركات الناشئة الصينية، من 73 مليار دولار في عام 2020 إلى 54,5 مليار دولار فقط في عام 2021، وفقًا لتحليل أجرته "غلوبال داتا".
وقد صب هذا التراجع في الشهية على الشركات الصينية في مصلحة الهند، وهي سوق أخرى تضم أكثر من مليار نسمة وتضم جيشا من رواد الأعمال من ذوي المستوى التعليمي العالي إضافة إلى بنية تحتية رقمية قوية بشكل متزايد.
- اكتتابات قياسية في البورصة -
ويقول سيدهارث ميهتا مؤسس شركة الاستثمار "باي كابيتال بارتنرز" إن "الهند متأخرة عن الصين بـ13 أو 14 عاما من حيث حجم السوق". ويشير إلى أن "السوق الرقمية في الهند أقل من 100 مليار دولار اليوم، لكن يمكن أن تصل بسهولة إلى ألف أو ألفي مليار في 10 أو 15 عاما".
ومن بين المجموعات التي تبدي اهتماما متزايدا بالهند، شركة سوفتبانك اليابانية العملاقة التي استثمرت 3 مليارات دولار في البلاد هذا العام، وتنسنت وعلي بابا الصينيتان، والصندوقان الأميركيان سيكويا كابيتال وتايغر غلوبال.
وقال مؤسس "سوفتبنك" ماسايوشي سون مطلع كانون الأول/ديسمبر "أؤمن بمستقبل الهند وبشغف رواد الأعمال الشباب فيها. الهند ستصبح عظيمة".
وشهدت الهند أيضا عددا قياسيا من عمليات دخول الشركات الناشئة في البورصة عام 2021، مثل تطبيق "زوماتو" لتوصيل الوجبات أو منصة منتجات التجميل "نيكا" التي أصبح مؤسسوها من أصحاب المليارات.
وأدى الأداء الجيد في بورصة بومباي التي ارتفعت قيمتها بنسبة 125 % بين نيسان/أبريل 2020 وتشرين الاول/أكتوبر 2021، والوفرة في تطبيقات سوق الأوراق المالية، إلى دفع المزيد من الهنود ومعظمهم من الشباب إلى الانطلاق في سوق الاستثمارات عبر الإنترنت.
لكنّ هذا الاتجاه لا يخلو من المخاطر، بحسب الخبراء الذين يقولون إن شركات جديدة كثيرة قد يتبين أن قيمتها التقديرية مصخمة للغاية.
فقدت شركة الدفع عبر الإنترنت "باتيم" التي لم تحقق أي ربح بعد، 40% من قيمتها منذ إدراجها في بورصة بومباي للأوراق المالية في تشرين الثاني/نوفمبر، وهي الأكبر في الهند لعام 2021.
كما أن تدفق رأس المال إلى قطاع التكنولوجيا لا يقدم أي مساهمة تُذكر في حل المشكلات الاقتصادية الأساسية لبلد يظل فيه الفقر هائلاً. ويعيش كثر من الشباب الذين يدخلون سوق العمل والبالغ عددهم حوالى 10 ملايين سنويا، على وظائف غير مستقرة ذات أجور زهيدة.
لكن هذه المشكلة لا يواجهها الكوادر العاملون في مجال التكنولوجيا العالية، وهو قطاع يفوق فيه الطلب على العمال المهرة العرض.
وتنهافت الشركات الناشئة، بصناديقها الممتلئة، على أفضل المواهب من خلال إغرائهم بالرواتب المرتفعة والأسهم وحتى الدراجات النارية وتذاكر مباريات الكريكيت.
وقال مرشح للعمل في القطاع طلب عدم كشف اسمه لوكالة فرانس برس إن "المرشحين للتوظيف لا يتوقفون عن الاتصال بنا"، مضيفا "تضخمت الرواتب منذ العام الماضي ويبدو أن الجميع يطلبون موظفين. الناس يغيرون وظائفهم طوال الوقت."