آلية تسوية النزاعات.. سيف الشركات المسلّط على الانتقال الطاقيّ

أ ف ب-الامة برس
2021-11-13

يرى خبراء أن خطط الانتقال الطاقي التي تزداد طموحا قد تزيد عدد قضايا التحكيم التي ترفعها شركات الطاقة ضد الدول (أ ف ب) 

قد تجد البلدان المنخرطة في مكافحة الاحترار المناخي نفسها عرضة لدعاوى قضائية من قطاع الوقود الأحفوري الذي تقدر منظمات غير حكومية قيمته بتريليونات الدولارات على مستوى العالم وتعتبره تهديدا للقرارات المتخذة في مؤتمرات المناخ.

تشمل العديد من الاتفاقيات الدولية، مثل معاهدة ميثاق الطاقة ومعاهدات التجارة الحرة، آليات لتسوية النزاعات تسمح للشركات الأجنبية والمستثمرين الأجانب بمقاضاة الدول أمام هيئات تحكيم.

ويلجأ عمالقة النفط والفحم بشكل متزايد إلى هذا النوع من التحكيم لاستعادة استثماراتهم والسعي للحصول على تعويض عن أرباحهم غير المحققة جراء خفض الدول حصة الطاقة الأحفورية، وفق ما تؤكد منظمات غير حكومية.

في تصريح لوكالة فرانس برس، قالت الناشطة المتخصصة في شؤون التجارة في منظمة "غلوبال جستس ناو" جين بلايلوك إن ذلك يمكن أن "يقوّض" الالتزامات المتخذة في مؤتمر المناخ كوب26 في غلاسكو.

وأضافت "نرى قطاع الوقود الأحفوري يستخدم آلية حلّ النزاعات بين المستثمرين والدول لتقويض العمل المناخي".

وتابعت "لقد حققت هذه الشركات أرباحا هائلة مؤججة أزمة المناخ، ولا يمكننا السماح لها بالمطالبة بمبالغ أعلى".

حصلت وكالة فرانس برس على مقتطفات من تقييم قدمه مستشارون من "مجموعة بيركلي للأبحاث" (بيركلي ريسرش غروب) في صالون تجاري في أيلول/سبتمبر، توقع أن قوانين المناخ الجديدة ستؤدي إلى زيادة عدد الدعاوى القضائية التي يرفعها القطاع الخاص.

"موجة عمليات تحكيم"

وأشار التقييم إلى أن "التقدم المحرز في سياسات الانتقال الطاقي" يمكن أن "يطلق موجة عمليات تحكيم دولية".

ردا على سؤال حول ذلك، قال مدير شؤون الطاقة والمناخ في "مجموعة بيركلي" كريستوفر جونكالفيس لوكالة فرانس برس، إن حلّ النزاعات "يرجح أن يظل جزءا أساسيا من عملية الانتقال الطاقي".

وأضاف جونكالفيس "ليس من الممكن استخلاص استنتاجات عامة حول ما إذا كانت مثل هذه النزاعات ستسرع أو تبطئ الانتقال الطاقي".

وجاء في تقييم المجموعة أنه في حال أقرت الدول قوانين لحصر ارتفاع الحرارة في درجتين مئويتين مقارنة بمستوى الحقبة ما قبل الصناعية بحلول عام 2050، فقد تكون حقول التنقيب عن النفط والغاز موضوع نزاعات تراوح قيمتها بين 3300 و6500 مليار دولار ومناجم الفحم موضوع نزاعات تراوح قيمتها بين 650 و700 مليار دولار.

وقد تشمل النزاعات احتياطيات نفطية بقيمة 900 مليار دولار في حالة تبني هدف حصر ارتفاع درجة الحرارة في 1,5 درجة مئوية.

من جهتها، قدرت بلايلوك أن أصولا بقيمة 9 تريليون دولار معرضة لخطر التقاضي، أي ما يزيد قليلا عن عُشر الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

ولشركات التعدين والطاقة تاريخ طويل من الانتصارات القضائية التي تنطوي على مبالغ ضخمة. في عام 2006، رفعت شركة "أوكسيدنتال إنرجي" دعوى قضائية ضد الإكوادور لخرق عقد نفطي انتهت بالحكم على الدولة بدفع 1,77 مليار دولار، وهو مبلغ خُفّض لاحقا إلى مليار دولار.

قرارات ملزمة دوليّا

في عام 2012، رفعت شركة "تيثيان كوبر" دعوى قضائية ضد باكستان بشأن منجم ذهب وحصلت على تعويض بقيمة 5,9 مليار دولار عام 2019، أي حوالي 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

قرارات التحكيم المعروفة باسم تسوية النزاعات بين المستثمرين والدول، ملزمة دوليّا وقد أمرت المحاكم في الماضي بمصادرة ممتلكات دول رفضت الدفع.

وهناك حاليا خمس قضايا معلقة، وثقتها منظمة "غلوبال جستس ناو"، تنطوي على مبالغ إجمالية تبلغ 18 مليار دولار.

وتتعلق إحدى القضايا بمشروع خط أنابيب "كيستون" في أميركا الشمالية إذ تطلب شركة "تي سي إنرجي" تعويضا بقيمة 15 مليار دولار وفق تقارير صحافية. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، قالت متحدثة باسم الشركة إنها "لن تعلق على تكهنات".

وشركة "يونيبير" الألمانية واحدة من مجموعتين تطالبان هولندا بأكثر من مليار دولار بعد قرارها التخلي تدريجيا عن الفحم، حسب تقارير إعلامية.

رفض متحدث باسم الشركة الحديث عن المبلغ المذكور، لكنه أشار إلى أن السياسة العامة لهولندا قلصت 15 عاما من عمر مصنعها "ام بي بي3" الواقع قرب روتردام.

في تصريح لوكالة فرانس برس، قالت الناشطة في منظمة "وور أون وانت" العاملة في مجال مكافحة الفقر وانتهاكات حقوق الإنسان ليا سوليفان إن "العلم واضح. الغالبية العظمى من الوقود الأحفوري يجب أن تبقى في الأرض لتجنب احترار عالمي كارثي".

وأضافت أن التعويضات المدفوعة بموجب آلية تسوية النزاعات بين المستثمرين والدول تأتي من الأموال العامة، ما يعني أن "الناس العاديون هم من سيدفعون"







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي