بارون ايرلندي ملتزم بيئياً يعيد أراضي قصره إلى الطبيعة

ا ف ب
2021-10-29

بارون قرية دانساني الايرلندية راندل بلانكيت أمام قلعة دانساني في شمال غرب العاصمة الايرلندية دبلن في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2021(اف ب)

أطفأ البارون الحادي والعشرون لقرية دانساني في إيرلندا راندل بلانكيت محركات آلات جزّ العشب في الأراضي المحيطة بقصره،  وتخلى عن تربية الماشية في أرجائها، مفسحاً أملاكه الواسعة للحيوانات البرية والفطر والمستنقعات، إذ أن هذا الرجل الثلاثيني الملتزم قضية البيئة، راهن على ترك الطبيعة تنمو...على طبيعتها.

فبمبادرة من سليل الأسرة التي تسود منذ 900 عام هذه المنطقة الواقعة على بُعد 25 كيلومتراً شمال غرب دبلن، حصل تغيّر جذري في طابع جزء من الأراضي المحيطة بقصر دانساني.

من بعيد، يطلّ غزال لبرهة ولا يلبث أن يتوارى مجدداً بين مجموعة أشجار ذات خضرة خلاّبة ليسرح على سجيّته في أرجاء القسم الذي بات برياً من الأراضي المحيطة بالقصر، وتبلغ مساحته 300 هكتار، أي نصف المساحة الإجمالية لهذه الأملاك القديمة المتوارثة منذ مئات الأعوام.   

وقال الرجل الأرستقراطي البالغ 38 عاماً لوكالة فرانس برس أمام جذع شجرة متحلل نما الفطر حولها إنه شعر بأن لديها "نوعاً من الواجب حيال البيئة".

وأضاف الرجل الذي سَدَل شعره وارتدى قميص "تي شيرت" تحمل اسم إحدى فرق موسيقى الـ"ديث ميتال" الأميركية وفوقها سترة جلدية، أنه "حارس الأملاك للجيل الحالي"، و"هذه الأملاك ليست القصر وحده ، بل هي البيئة أيضاً"، على قول بلانكيت ذي الشكل الشديد التناقض مع المظهر التقليدي لأسلافه المعلّقة لوحات تمثلّهم على جدران القصر . 

قبل ثماني سنوات، أطلق هذا النباتي مشروع "راديكال" لإعادة تحويل أراضيه الشاسعة، فأخرج منها قطعان الماشية، وتوقف عن قصّ العشب بالجزازات، وترك الطبيعة تنمو كما يحلو لها.

"فهم الأرض" 

وأثمرت هذه الخطوة نتائج ملموسة. فقد سبق أن شوهد في أراضي دانساني البرية حيوان الدلق النادر جداً، فيما  تكثر الغزلان وثعالب الماء. أما الطيور، فعلى أشكالها تحلّق، وتتنقل بين أغصان الغابة البرية.

وعلى جزء من الأراضي، تحول العشب مستنقعاً كبيراً، ينبت في محيطه 23 نوعا من الأعشاب، وتحوم تشكيلة من الحشرات. وقال بلانكيت "من خلال المراقبة، بدأت أدرك تباعاً ما تفعله الأرض". واشار إلى أن هذه الخطوة "أصبحت مشروعاً لإحياء الطبيعة البرية".

ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، يتطلب وقف تدهور الأراضي وإبقاء ارتفاع الحرارة تحت سقف الدرجتين  تغييرات تحويلية لاستعادة الطبيعة البرية على ما يعادل مساحة الصين.

وتظاهَر مئات الناشطين البيئيين أخيراً أمام قصر باكنغهام، وقدموا عريضة وقعها مئة ألف شخص يطالبون فيها العائلة المالكة البريطانية بتحويل أراضيها برية.

وأراد هؤلاء من تحركهم أن تحمل الملكة إليزابيث الثانية  من خلال هذه المبادرة رسالة قوية إلى قمة الأمم المتحدة المناخية التي تقام في غلاسكو (اسكتلندا) وكان من المفترض أن تشارك فيها صاحبة التاج البريطاني قبل الإعلان عن عدم حضورها لدواع صحية. وسيسعى قادة العالم خلال هذا المؤتمر الذي يقام مدى أسبوعين اعتباراً  من 31 تشرين الأول/أكتوبر الجاري إلى الاتفاق على مجموعة إجراءات تهدف إلى كبح الاحترار المناخي.

"حرب" في سبيل الطبيعة 

ومع أن ايرلندا معروفة بوفرة أراضيها الخضراء مما جعلها تستحق عنها تسمية "جزيرة الزمرد"، باتت الأراضي الزراعية تشكّل ما نسبته 65 في المئة من مساحتها.

وتشكّل تربية الماشية بحسب الأمم المتحدة مصدر 14 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ومن شأن استعادة الأراضي البرية أن تحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إضافة إلى ما لها من منافع أخرى كتعزيز التنوع البيولوجي.

إلا أن من غير السهل تقبّل فكرة عدم الاستفادة إلى أقصى حد من أرض زراعية. فعندما أقدم بلانكيت في البداية على خطوته، ظن سكان المنطقة أنه "غبي"، وأنه دمّر "أراضي زراعية في حالة ممتازة"، على ما روى.

وتلقى البارون "تهديدات" وتعرّضت أملاكه لأعمال "تخريب"، بحسب وصفه، واضطر إلى تنفيذ دوريات فجراً  لمنع صيادي الغزلان من دخول أرضه التي يعتبرها "واحة".

وقال معلقاً على ذلك "لقد أصبح الأمر بمثابة حرب ونحن نكسبها ببطء لأن علينا في الحقيقة أن نتصرف لمواجهة التغيّر المناخي".

وأضاف "أعتقد أن علينا أن نفعل أكثر مما نفعله" و "لسوء الحظ، لن تتولى الحكومات ذلك".

 







شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي