أسعار العقارات تكشف الوجه القاسي لأزمة السكن في أوروبا

2021-10-04

غضب بين أغلب الأوروبيين بسبب الطفرة الكبيرة في إيجارات العقارات في ظل الركود.. وناخبو برلين يطالبون بالتأميم

أسعار المنازل ارتفعت في كل الاتحاد الأوروبي باستثناء إسبانيا وقبرص وإيطاليا منذ بداية 2010..وإستونيا سجلت زيادة نسبتها 130%

الأسعار قفزت في منطقة اليورو بأكثر من 30% منذ 2020 والإيجارات 15%..و"صندوق النقد" يحذر من زيادة اتجاه عدم المساواة

62 % من الأبناء الذين تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 34 سنة في اليونان يعيشون مع ذويهم..وشخص من كل 5 في رومانيا لا يمتلك مرحاضاً

أدت فترة الركود الاقتصادي العميق الناتج عن وباء كورونا إلى فقدان ملايين الوظائف، وتراجع الدخول ومستويات المعيشة، في الوقت الذي خشي فيه الكثيرون على مستقبلهم المالي. في المقابل اتخذ قطاع الإسكان طريقاً مختلفاً.

أسهمت الطفرة في أسعار العقارات في توسيع الفجوة بين مَن يملكون، ومَن لا يملكون، وأدت إلى تغذية الغضب حيال عدم المساواة في الإسكان، واتُهمت الأسواق العقارية بالانقسام والاختلال، بالإضافة إلى كونها غير عادلة. وفي الوقت الذي استفاد فيه بعضهم من ارتفاع قيم العقارات، يعاني الكثيرون من الإيجارات المرتفعة، أو من وجود مبانٍ دون المستوى المطلوب، أو حتى صعود أسعار المنازل التي تجعل أمر تملُّكها بعيد المنال.

تصاعد الإحباط بعض الشيء في برلين الأسبوع الماضي، مما دفع بالناخبين إلى اقتراح جذري يقضي بتأميم أصحاب العقارات في محاولة للسيطرة على ارتفاع الإيجارات، وإصلاح أزمة السكن في المدينة.

 وقالت جيني ستوبكا، وهي واحدة من المجموعة الدافعة باتجاه الاستفتاء: "نحن سكان برلين لم نعد على استعداد لتمويل أرباح المؤسسات الكبيرة من خلال الإيجارات المرتفعة للغاية.".

تنقسم فجوة الإسكان غالباً على أساس الأجيال مع استبعاد الشباب عن السوق، وكشفت التداعيات الاقتصادية غير المتكافئة الناتجة عن الوباء حجم هذه الفجوة بشكل فج. وفي حين احتمى العاملون في الوظائف الإدارية ذات الأجور الجيدة للغاية في مكاتبهم المنزلية، عانى أغلب العاملين في الوظائف منخفضة الأجور من فقدان وظائفهم ودخولهم. في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار المنازل بشكل أسرع من التضخم في كل الدول الأوروبية الـ 27 خلال العام 2020، وهو اتجاه لم يكن ملحوظاً منذ عقدين على الأقل.

قفزت الأسعار في منطقة اليورو بأكثر من 30% منذ العام 2020، وارتفعت الإيجارات بنسبة 15% في الفترة نفسها، مما زاد من الضغط المالي على الكثيرين. كما حذَّر صندوق النقد الدولي من ازدياد سوء هذا "الاتجاه المقلق" لعدم المساواة، وتضجُّ القارة الأوروبية بقصص المشترين الذين يرغبون في الشراء والمؤجرين والآخرين الذين يعانون جميعاً من الإحباط.

عبء الإيجار

انقلبت سوق الإيجارات، التي كانت رخيصة بالعاصمة الألمانية برلين، في وقت سابق من هذا العام، عندما ألغت المحكمة الدستورية الألمانية قانوناً كان قد وضع سقفاً لها. إلى جانب الاستفتاء الأخير لشراء العقارات بالقوة من كبار الملَّاك، أثارت هذه الخطوة احتجاجات، وبرغم النتيجة، لا يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة المحلية ستواصل الخطة، الأمر الذي قد يشعل معارك قانونية طويلة.

 

تعيش ماري ساكيلاريو، الأم العازبة البالغة من العمر 35 عاماً، بمنطقة نيوكولن في مدينة برلين، وتعدُّ من بين المتأثرين بشكل مباشر من إنهاء سقف الإيجار. انتقلت ساكيلاريو، التي تعود أصولها إلى باريس، للعمل في المدينة منذ ست سنوات، و في البداية، منحتها هذه الفرصة حرية مالية لم تكن ستتمتَّع بها أبداً في وطنها الأم، على حدِّ قولها.

إلا أنَّ الإيجار ارتفع بمبلغ قدره 300 يورو في شهر أبريل بين عشية وضحاها، مما دفعها في التفكير بالتوفير من خلال استبدال شقتها المكوَّنة من 3 غرف نوم بشقة أصغر، لكنَّها عدلت ذلك، وبقيت فيها لأنَّ الأمر لم يكن سيحدث فرقاً.

 يعيش حوالي 50% من الأسر في ألمانيا بمساكن مستأجرة، وينفق الفرد العادي ما يزيد قليلاً عن ربع دخله المتاح على الإسكان. تنفق "ساكيلاريو" حالياً ما يقرب من النصف على الإيجار، وذلك على حساب بعض الأطعمة، و دروس السباحة والموسيقى لولدها. وتقول: "لقد خذلت الرأسمالية الكثير منا، و برغم أنَّني أتمتَّع بوظيفة جيدة بدخل متوسط، إلا أنني أعاني، وهناك الكثير ممن هم أسوأ مني.".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي