الأبراج الفاخرة تزداد طولاً بالرغم من تمايلها مع الريح

2021-10-03

تتميز كل شقة في برج 432 بارك أفينيو في مدينة نيويورك، بإطلالة رائعة. لكن، لا يمكن لأيٍّ من المقيمين في البرج، النظر باتجاه الأسفل. و وفقاً للمهندس رافائيل فينولي، مصمم البرج -الذي يبلغ ارتفاعه 1396 قدماً، ويتألف من 85 طابقاً- فقد تمَّ تصميم المبنى بهذه الطريقة، لأنَّ أيَّ شخص سيتمكَّن من النظر مباشرة إلى الأرض سيشعر بالرعب. ولم يكن فينولي يشعر بقلق كبير على من يخافون بشكل خاص من المرتفعات، إذ كان يعلم ببساطة أنَّ مبنى الشقق الفخم الذي صمَّمه، ويتصدَّر بشكل غير رسمي مجموعة ناطحات السحاب الفخمة "بليونيرز رو" (Billionaires’ Row) في حي ميدتاون مانهاتن- سيتمايل بشدَّة في مهب الريح. وقال فينيولي خلال محاضرة ألقاها في الوقت الذي كانت فيه ناطحة السحاب هذه قيد الإنشاء: "إذا رأيت الواجهة؛ فلن تصاب بنوبة قلبية واحدة، بل بنوبتين اثنتين، لأنَّ الأشياء تتحرَّك فعلاً.. لكن لا تخبروا المستأجرين".

اكتشف المستأجرون ذلك بأنفسهم. ففي برج 432 بارك؛ غالباً ما تتمايل الثريات مع المبنى، ويمكن سماع أصوات صرير في الليالي العاصفة. ويتمُّ إيقاف المصاعد عند وجود رياح عاتية، لأنَّ كابلاتها تهتز بشدة، وتتحول إلى مصدر خطر. وقبل عيد العمال الأمريكي مباشرة؛ كان عليهم إخلاء المبنى بالكامل لمدَّة يومين تقريباً أثناء حملة الإصلاحات المكثَّفة للأنظمة الكهربائية في المبنى. وهذا لا يشبه بالضبط ما اعتقد سكان المبنى بأنَّهم سيحصلون عليه مقابل استثماراتهم التي تبلغ أكثر من 20 مليون دولار. (فالصوت الذي تسمعه بالقرب من أذنيك، يماثل أصغر آلة ’ستراديفاريوس’ موسيقية في العالم).

نخبة ناطحات السحاب

لا يحتاج سكان نيويورك، ولا الزوار، إلى القلق من احتمال سقوط مبنى "432 بارك"، أو البنايات المشابهة له، والمصنوعة من الخرسانة والصلب. فالشركات التي صمَّمت وقامت بهندسة المباني، وكلها مؤهلة لتكوِّن أبراجاً "شاهقة الارتفاع" لا تقل عن 300 متر (ما يعادل 984 قدماً)، تعتبر كلها شركات عالمية رائدة في هذا المجال. وكان عليها الالتزام بالمعايير الخاصة بالمدينة والولاية، والمعايير الدولية التي تضمن بقاء نخبة ناطحات السحاب في العالم صامدة بالشكل صحيح. و بما أنَّهم يستطيعون تلبية متطلَّبات السلامة هذه؛ فإنَّ للمطوِّرين سلطة تقديرية واسعة حول المقدار الذي يمكن أن تتحرَّك به مبانيهم. ويعتبر التمايل مسألة شخصية، تتعلَّق بحساسية الحركة، والراحة ووجهة النظر الذاتية.

الأهم من ذلك للبقية منا، أنَّه بالنسبة إلى كل جيل من البنايات شاهقة الارتفاع، يمثِّل الأمر ساحة اختبار للجيل التالي، كما تقول كيت آشر، مؤلِّفة كتاب: "المرتفعات: تشريح ناطحة السحاب" (The Heights: Anatomy of a Skyscraper)، وأستاذة التنمية الحضرية في كلية كولومبيا للدراسات العليا للهندسة المعمارية والتخطيط والحفظ. وتوضّح آشر: "هذه المباني، بالنظر إلى حجمها فقط؛ لا يمكنك اختبارها في المعمل". وأضافت: "عليك وضعها في الميدان، وستعمل بشكل مختلف".

المصدر : تلفزيون الشرق








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي