هآرتس: الفلسطينيون لن يتبخروا.. وبينيت في الطريق إلى "إسراطين"

2021-09-12

نيفتالي بينيت

منذ توليه لمنصبه، يحرص رئيس الحكومة نفتالي بينيت، على الإعلان في كل مناسبة أنه “لن تكون هناك أي عملية سياسية مع الفلسطينيين”. والهدف تحسين وضعهم الاقتصادي – الاجتماعي، الذي سيؤدي -حسب رؤيته- إلى هدوء واستقرار أمني. لن يكون هناك نقاش حول الحقوق الوطنية أو الحدود أو مسألة القدس، وبالتأكيد ليس حول حق العودة.

ومعنى ذلك استمرار السيطرة على سجل السكان الفلسطيني والمياه والأرض والمجال الجوي. وهذا هو الوضع الذي يجب على الفلسطينيين التعود على العيش فيه داخل الضفة، وبدرجة ما في قطاع غزة. ومن يرفع رأسه سيتلقى الضرب. ولكن إذا تصرف الفلسطينيون بشكل جيد فسيحصلون على إمكانية التصفح عبر الـ “جي 4”. وإذا وثقوا التنسيق الأمني وحافظوا على الهدوء في غلاف غزة فسيُعوضون عن ذلك اقتصادياً. باختصار، كلوا واشربوا واستمتعوا (في تجمعاتكم)، لكن عليكم أن تنسوا حلمكم بدولة.

هذا هو نموذج الواقع الذي يريد بينيت واليمين بشكل عام من كل فلسطيني أن يغرسه في نفسه، وهو النموذج الذي يطبق على الوسط العربي في إسرائيل، حقوق مدنية وأموال- نعم، حقوق وطنية- لا. وهي صيغة تضمن لإسرائيل التفوق كدولة يهودية وصهيونية لأجيال. ولكن على بينيت وشركائه الفهم بأن قراره عدم الدفع قدماً بعملية سياسية، ومثله أيضاً أي عملية أحادية الجانب، هو سياسة أيضاً.

 يعرف الفلسطينيون هذه الفرضية جيداً، فقد وضعت منذ العام 1917 وصيغت في وعد بلفور بـ “حكومة جلالته تنظر برضى وتعاطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في أرض إسرائيل. وستحاول… التسهيل على تحقيق هذا الهدف بشرط واحد، وهو ألا يتم القيام بأي شيء قد يمس بالحقوق المدنية والدينية لغير اليهود في أرض إسرائيل. حقوق مدنية ودينية لا غير. وحافظت حكومات إسرائيل على أجيالها بالإجمال على هذه الصيغة بدعم من أمريكا”.

 إن بينيت، الذي يعد يمينياً واضحاً وكان المدير العام السابق لمجلس “يشع”، لا يمكنه تحطيم هذه الصيغة رغم أن حكومته تعتمد على “راعم” و”ميرتس”، ولم يعد ترامب في البيت الأبيض. كما أن التغيير في الرأي العام العالمي، بما في ذلك اليهود في أمريكا وأوروبا، لن يؤدي إلى أي تغيير لديه. يمكن لرئيس الحكومة إقصاء حقيقة أن هذا الرأي العام لم يعد يعتبر الفلسطينيين إرهابيين يرتدون الكوفية التي تهدد استقرار العالم المتنور، بل بشر يستحقون تقرير المصير وحقوقاً أساسية (ليس صدفة أن يتغلغل مفهوم الأبرتهايد في كل محاضرة أو مؤتمر). يسهل عليه الادعاء بأن حركة المقاطعة ومحكمة الجنايات الدولية في لاهاي لا تخيفه؛ لأنها أمور لا تقلق المواطن الإسرائيلي العادي. ولكنه وأصدقاءه في الحكومة يتجاهلون أمراً واحداً، وهو أن الفلسطينيين لا يزالون تحت الاحتلال. وأن قطاع غزة المنهار لن يفرغ من سكانه.

وليفهم بينيت بأنه وفي الوقت الذي يقوم فيه اليمين بإحصاء المستوطنين في الضفة ويتحدثون عن تعزيز مشروع الاستيطان وراء الخط الأخضر، فإن الفلسطينيين بالمقابل يقومون بإحصاء الفلسطينيين الذين بين البحر والنهر على أمل أن تفرض الديمغرافيا واقعاً جديداً. ولإيجاد هذا الواقع لن تكون أنت الشريك الوحيد، بل جميع من يريدون الاختباء وراء ظهرك: يئير لبيد، وبني غانتس، وميراف ميخائيلي، ومنصور عباس. هؤلاء الذين يسيرون في المسار الذي شقه نتنياهو سيروون ذات يوم لأحفادهم عن كيفية إسهامهم في إقامة دولة واحدة بين البحر والنهر، وهي إسراطين.

 

بقلم: جاكي خوري

هآرتس 12/9/2021







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي