الحياة لحظة" رواية الهاربين من القمع

خدمة شبكة الأمة برس الإخبارية
2009-12-30
محمد الحمامصي

القاهرة: «برغم طول الرواية 510 صفحات، فإننا نلهث قلقًا على مصير شخص يمثل وطنًا، ووطن يضيع في قلوب أبنائه.. وصولًا إلى لحظة الاحتلال.. والجماعات المسلحة التي تذبح أمام الكاميرات، فقد صار العراق مرتعًا الكل شذَّاذ الآفاق».
في روايته الجديدة «الحياة لحظة » التي صدرت حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية، يرصد سلام إبراهيم، رحلة المعاناة العراقية، والشتات والنفي والتشرَّد، والسجون والتعذيب التي طالت كل الفصائل العراقية، كما يقف بكل جرأة عند الأخطاء البشعة التي ارتكبها الثوار في الجبال، وعن شكهم في كل جديد عليهم أو متضامن معهم، شك وصل حد القتل والتنكيل لتصبح الحالة العراقية كلها جوَّا من الإرهاب والنفي والإقصاء، فحتى الثوار تورطوا في فخ تعذيب معارضيهم، وفي النهاية يضغط النظام الصدّامي على الجميع مؤيديه ومعارضيه، فيهرب الجميع إلى معسكرات اللجوء السياسي في إيران وتركيا، ثم موسكو والنرويج والدانمارك، وفي اللحظة التي يصل فيها العراقيون إلى خارج وطنهم وفي المطارات نفسها يكون هناك يهود قادمون إلى الشرق الأوسط ليستوطنوا في فلسطين في تواصل مع تمية التهجير التي يعانيها العرب منذ خمسينات القرن الماضي، وكأنما الأمر يتم وفق مخطط كوني لإخلاء المنطقة برمتها من سكانها تمهيدًا لاحتلال واسع، تقف  فلو له على الأبواب.
  وإذا كانت هذه هي التيمة المحور أو الأساس في الرواية التي تقع في 510 صفحات، فإنها تكتب عبر عديد من التميمات أو الأنهار الصغيرة التي تغذي بحرها الكبير، بحر القمع والبؤس الإنساني الذي يشمل أغلب سكان الكرة الأرضية، ففي جزء « المتشردة الروسية ».. يقف السرد طويلًا أمام معاناة الروس أيام سقوط النظام السوفيتي القديم، حتى اضطرت بنات روسيا إلى بيع أنفسهن مقابل وجبة أو مكان للمبيت. الروس الذين كانوا يتبرعون لكل العالم، صاروا يقفون في الطوابير منذ الفجر للحصول على زجاجة بيرة أو فودكا، يتعاركون حتى الموت، وانتشرت بينهم المافيا التي تقتحم المساكن للحصول على الطعام.
برغم طول الرواية 510 صفحات، فإننا نلهث قلقًا على مصير شخص يمثل وطنًا، ووطن يضيع في قلوب أبنائه، وصولًا إلى لحظة الاحتلال، والجماعات المسلحة التي تذبح أمام الكاميرات، فقد صار العراق مرتعًا الكل شذَّاذ الآفاق.
إنها سيرة حياة لاجئ عراقي بدأت فى العراق وانتهت في موسكو والدانمارك ثم سوريا فالعراق مرة أخرى. حيث ينفصل الراوى عن زوجته ويدمن الخمر ويقع في فخ الذكريات ويضيع فى سهول أوكرانيا، إنها رواية المقاومة والنضال والسفر والشعر والبطولة والعمالة.
إنها حقًا روايته الشتات والإحباط العراقي، تشرده وضياعه، برع سلام إبراهيم في وصف لحظته ورؤيته وموقفه مما جرى لبلده، وهو الذي عانى ويلات الحروب العراقية كلها، حيث التحق بصفوف الثوار في كردستان عام 1982، وفقدت وظائف رئتيه قدرتها على العمل بشكل طبيعي بنسبة 60% نتيجة للقصف بالأسلحة الكيماوية على مقار أحزاب المقاومة في زيوة، وفي حملة الأنفال نزح مع جموع الأكراد إلى تركيا ثم إيران ليمكث في معسكرات اللجوء بأقصى الشمال الإيراني، ليلجأ بعدها إلى الدانمارك التي يقيم بها إلى الآن.
وهو من مواليد عام 1954، وبدأ بكتابة القصة القصيرة في أوائل السبعينات وصدر له: رؤيا اليقين (قصص) 1994 – رؤيا الغائب (رواية) 1996 – سرير الرمل (قصص) 2000 – الإرسي (رواية) 2008









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي