“أيلول الأسود” في السينما الأميركية بين البطل الخفي ومحرك للأحداث

2021-09-11

توم هانكس من فيلم "بصوت عال للغاية وقريب بشكل لا يصدق" (مواقع التواصل الاجتماعي)

لمياء رأفت

قبل 20 عاما، وقعت حادثة شكلت مجرى التاريخ بعدها، حيث تدمر برجا التجارة العالميان في نيويورك، بمشهد سينمائي بدا كأحد كوابيس أفلام الخيال العلمي.

وقبل ذلك بسنوات، وتحديدا في التسعينيات، شاهد محبو السينما البرجين على الشاشة الكبيرة يدمران بشكل درامي في 3 أفلام مختلفة؛ هم "يوم الاستقلال" (Independence Day) و"ديب إمباكت/تأثير عميق" (Deep Impact) و"أرماغيدون" (Armageddon)، ولكن لم يتخيل العالم أن ينقلب الخيال إلى هذه الحقيقة المروعة التي أثرت على ملايين الناس بما فيهم صناع الأفلام، فظهر انهيار البرجين في أعمال سينمائية مختلفة سواء كان في الخلفية أو الحدث الرئيسي.

في البدء جاءت الصدمة

أثر سقوط البرجين بشكل مباشر للغاية على الأعمال السينمائية، فقد كانا معلمين مهمين بنيويورك، ظهرا في العديد من الأفلام السينمائية وحتى في الملصقات الإعلانية الخاصة بها، ولذلك تم حذفهما بشكل سريع من داخل أفلام مختلفة وملصقاتها، منها فيلم "الصدفة" (Serendipity) و"زولاندر" (Zoolander)، وهي أفلام كانت ستعرض بعد فترة قريبة من الحادثة، بينما عادت أفلام أخرى إلى غرفة المونتاج لتغيرات أكثر جذرية.

وظل البرجان من المواضيع التي يتم تناولها بحساسية شديدة لفترة من الوقت، حيث توقفت مشاريع إنتاجية وتم إعادة النظر فيها للتأكد من كونها لن تؤذي مشاعر المشاهدين وتذكرهم بالحادث المأساوي، ولكن بدأت في الظهور بكل طفيف في أعمال سينمائية بعد عام تقريبا، وكان من أوائل هذه الأفلام "الساعة 25" (25th Hour) للمخرج سبايك لي، الذي تناول قصة شخص متهم بالإتجار بالمخدرات يقضي ليلته الأخيرة خارج السجن، مع أحد المشاهد على مقربة من مكان سقوط البرجين.

البطل الخفي.. أحداث 11 سبتمبر

السينما كجزء من الموروث الثقافي لأي شعب لا يمكن أن تصبح بمعزل عن حدث ضخم مثل 11 سبتمبر/أيلول، لذلك ظهر هذا الحدث في الكثير من الأفلام سواء كعامل مهم يغير بالأحداث، أو كبطل خفي محرك للدراما.

ومن أشهر هذه الأفلام "بصوت عال للغاية وقريب بشكل لا يصدق" (Extremely Loud and Incredibly Close)، إنتاج 2011 وإخراج ستيفن دالدري، وبطولة توم هانكس وساندرا بولوك، وتوماس هورن، والذي دارت أحداثه حول الصبي أوسكار الذي فقد والده خلال أحداث 11 سبتمبر/أيلول، ويقوم كل يوم بتتبع المسارات الذي خطى فيها الأب قبل الحادثة، مع استعادة علاقتهما عبر الفلاش باك. وقد حقق الفيلم نجاحا تجاريا معقولا، وترشح لجائزتي أوسكار منها أفضل فيلم وأفضل ممثل مساعد.

الفقد المروع ظهر مرة أخرى في فيلم "رين أوفر مي" (Reign Over Me) إنتاج 2007، إخراج مايك بيندر، وبطولة آدم ساندلر ودون شيدل، والذي يدور حول معاناة رجل فقد زوجته وابنته خلال هجمات "11 سبتمبر"، وعدم قدرته على تجاوز هذا الحزن، ومحاولات صديقه مساعدته، وحاز الفيلم على إعجاب النقاد، مع إشادات خاصة لأداء ساندلر لدور البطولة.

وكما أثرت الحادثة في الأميركيين، فقد فعلت بباقي الجنسيات، وخاصة المسلمين في الولايات المتحدة، مع تصاعد موجات التمييز والكراهية ضدهم، وتم تناول هذا الموضوع في فيلم "الأصولي المتردد" (The Reluctant Fundamentalist) إخراج ميرا ناير، وإنتاج عام 2012، والمقتبس من رواية بذات الاسم للكاتب محسن حميد، ويتناول أثر الهجمات الإرهابية على شخص باكستاني يحيا في الولايات المتحدة ويعمل في "وول ستريت" (Wall Street)، ويفقد عمله والنجاح الذي حققه بعد الأحداث بسبب التمييز العنصري ضده، وبسبب لكنته ولون بشرته أصبح محطا للشبهات. عُرض الفيلم في افتتاح مهرجان فينيسيا السينمائي، وخلال فعاليات مهرجان تورنتو السينمائي، وحصل على إشادات واسعة بسبب تركيزه على هذا الموضوع الشائك.

القصة تُروى على الشاشة

بعد مرور بعض السنوات بدأت الأفلام السينمائية تستخدم سقوط البرجين بوصفه حدثا رئيسيا، منها فيلم "يونايتد 93" (United 93) إنتاج 2006 وهو خليط من الأفلام الروائية والتسجيلية أو ما يدعى "دوكيودراما"، تناول فيها المخرج بول جرينجراس التفاصيل التي حدثت في الطائرة المختطفة قبل ارتطامها بالبرجين، واستخدم خلاله شهادات أهالي الضحايا الذين كانوا على متن الطائرة، وعُرض لأول مرة في مهرجان "تريبيكا" السينمائي، حيث حاز على إعجاب النقاد، مع ترشيح لجائزة أوسكار أفضل مخرج، وتم التبرع بإيرادات أول 3 أيام من عرضه لإقامة نصب تذكاري للركاب المتوفيين.

وفي ذات العام تم تقديم فيلم بعنوان "مركز التجارة العالمي" (World Trade Center) من إخراج أوليفر ستون، وهو يتناول قصة حقيقية لمجموعة من ضباط الشرطة خلال الأحداث حوصروا تحت أنقاض مركز التجارة العالمي، ومحاولاتهم للنجاة بحياتهم، وهو من بطولة نيكولاس كيدج وماريا بيلو ومايكل بينا، وحصل على تقييمات جيدة من الجمهور والنقاد.

بعد مرور 20 عاما على أحداث "11 سبتمبر" أو "أيلول الأسود"؛ لا تزال آثارها موجودة على العالم، كما لا تزال ظاهرة في السينما، سواء الأميركية أو غيرها، كحدث غيّر مسار التاريخ.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي