بعد أحداث 11 سبتمبر.. ما الخطأ الذي ارتكبته أمريكا وأوصلها للورطة الحالية؟

2021-09-09

واشنطن-وكالات: كانت أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 وما تبعها من حروب أمريكية هي وراء سلسلة من التغييرات في العالم الإسلامي نتيجة ما يُعرف باسم الحرب على الإرهاب.

من المفارقات التي كثيراً ما ينسج التاريخ على منوالها أن يواكب رحيلُ أمريكا المتعجل والمُهين من أفغانستان عشيةَ الذكرى العشرين لأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.

كان الهجوم المدوي على ركيزتين من ركائز الحكومة والمجتمع الأمريكي هو الذريعة التي جلبت الولايات المتحدة وقواتها المسلحة إلى البلاد. لكن بعد عشرين عاماً وآلاف من الضحايا وتريليونات الدولارات، قررت إدارة بايدن قراراً صحيحاً بأن عليها إنهاء المغامرة الأمريكية في أفغانستان، حسبما ورد في تقرير لمعهد Brookings الأمريكي.

أول أخطاء أمريكا البقاء في أفغانستان

كان قرار إدارة بوش بالرد عسكرياً على هجمات 11 سبتمبر/أيلول والعزم على تدمير تنظيم القاعدة وطالبان التي استضافته، قراراً مبرَّراً وناجعاً لكثير من الأمريكيين. لكن قرار البقاء في أفغانستان ومحاولة بناء حكومة محلية فاعلة كان أول خطيئة كبرى ارتكبتها أمريكا في صياغة سياستها لما بعد 11 سبتمبر/أيلول. وليس من الصعب أن نفهم التفكير الذي كان وراء البقاء الأمريكي في أفغانستان بعد النجاح العسكري الأولي، فترك البلاد على حالها كان يرجِّح احتمالات عودتها إلى الوضع السابق.

 لكن الذي كان ممكناً وواجباً إدراكه في عامَي 2002 و2004 هو أن فكرة بناء الدولة الأمة في أفغانستان بأيدي قوة خارجية فكرةٌ محكوم عليها بالفشل.

ثم غزت أمريكا العراق طلباً للانتقام لأن تشفِ أفغانستان غليل بوش

أما الخطيئة الثانية والأشد وطأة، فكانت قرار غزو العراق في عام 2003. فنحن نعلم الآن جيداً أن الادعاء بأن الديكتاتور العراقي صدام حسين كان على ارتباط بالقاعدة كان ادعاءً واهياً لا أساس له من الصحة.

كما نعلم أن صدام لم يكن لديه مخزون من أسلحة الدمار الشامل. وأن الدافع وراء صانعي القرار الثلاثة الرئيسيين، الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ونائبه ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، كان شعورهم بأن العملية العسكرية في أفغانستان لم تكن انتقاماً كافياً للضربة التي وُجِّهت إلى الولايات المتحدة. بالإضافة إلى توقع بأن تؤدي الإطاحة بصدام حسين إلى موجة من التغييرات الإيجابية في منطقة الشرق الأوسط.

لكننا ندرك الآن كم كان التصور القائم على تصدير الديمقراطية إلى العراق ومنها إلى دول أخرى في المنطقة تصوراً منفصلاً عن الواقع.

وبات الجميع الآن يدرك أيضاً كم أن الثمن الذي سيدفعه كل من العراق والولايات المتحدة باهظاً، وكم سيعاني العراق المعاصر من أجل البقاء دولةً قابلة للحياة.

جورج بوش غزا العراق رغم أنه لا علاقة لصدام بأحداث 11 سبتمبر 

 

 

إيران المستفيد الأول من الحرب على الإرهاب

أدرك الأمريكيون أن المستفيد الرئيسي من الخطيئة الفادحة لغزو العراق هي إيران. فقد تخلَّص الإيرانيون من عدوِّهم صدام، وفُتح لهم الطريق لإظهار قوتهم ومدِّ نفوذهم إلى بلاد الشام. إن سعي طهران لبناء جسر بري إلى البحر الأبيض المتوسط ما كان له أن يكون لولا الغزو الأمريكي للعراق.

أما النتيجة الرئيسية الثالثة لأحداث 11 سبتمبر/أيلول، أو الدفعة التي أُعطيت للحركات الجهادية، فلم تكن نتيجة لسوء التقدير الأمريكي. فقد كان تنظيم القاعدة موجوداً بالطبع قبل سبتمبر/أيلول 2001. وقد شنَّ هجمات فعالة على سفارات الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في أغسطس/آب 1998 وعلى المدمرة الأمريكية كول في اليمن في أكتوبر/تشرين الأول 2000. وسعى التنظيم إلى إيذاء الغرب المكروه ومصالحه في الشرق الأوسط. ولمَّا كان التنظيم عاجزاً عن تحقيق هدفه الأساسي، وهو إسقاط الأنظمة القائمة في العالم العربي، صرف وجهته إلى مهاجمة الداعم الخارجي الرئيسي لها.

من وجهة نظر التنظيم، مثَّلت هجمات 11 سبتمبر/أيلول نجاحاً باهراً. أما الولايات المتحدة فردَّت بالسعي إلى القضاء على التنظيم، لكنه نجا، وإن بات أضعف كثيراً من ذي قبل، تقرير المعهد الأمريكي.

وها هو داعش يظهر

مع ذلك، جاءت الحرب الأهلية السورية وهشاشة الدولة العراقية لتوفر فرصاً جديدة. واستخدم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) سيطرته المناطقية على جانبي الحدود العراقية السورية لإعلان دولته وشنَّ أو حرَّض على شنِّ هجمات في جميع أنحاء المنطقة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ومع أن تحالفاً دولياً بقيادة الولايات المتحدة تشكَّل لتدمير هذا التنظيم و"دولته"، فإن التنظيم لا يزال على قيد الحياة. وفي هذه الأثناء، بعد 20 عاماً من أحداث 11 سبتمبر/أيلول وغزو أفغانستان، ما زال يشكِّل الفرع المحلي لتنظيم داعش تهديداً إرهابياً كبيراً، كما تجلى في الهجوم الأخير الذي وقع في 26 أغسطس/آب على مدنيين أفغان وقوات أمريكية في مطار كابول.

وقد بات من الواضح الآن أن التيار الجهادي ليس نتاج أفعال وسياسات غربية، بل هو تيار يتغذى على مشكلات المجتمعات والأنظمة السياسية المحاصرة بالفقر والاكتظاظ السكاني والفساد وسوء الإدارة. ومن ثم يجب أن يأتي الإصلاح من الداخل وليس من الخارج. لكن على أي حال، فقدت الولايات المتحدة الإرادةَ وربما القدرة على المساعدة في تحقيق هذه الإصلاحات. وربما يرجع انصرافها عن شؤون الشرق الأوسط إلى أسباب عدة، لكن الاستثمارات الضخمة المهدرة في أفغانستان والعراق والإقرار بأن التيار الجهادي ما زال موجوداً وسيبقى، ربما تأتي في صدارة هذه الأسباب.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي