تعايش النازحين مع فئات مجتمعية متنوعة.. يفشل الساسة ويخلق أمل السلام

2021-08-31

ما يخفف معاناة النزوح أن تعيش مع أناس يكونون لك الأهل والسند من خلال تعاملهم الإنساني

شــوقي العباسي

اضطر محمد الصبري (35 عاما) مغادرة قريته في محافظة تعز، قبل عامين بعد اشتداد المواجهات المسلحة التي تسببت في نزوحه الى صنعاء، هروبا من الخطر تاركاً خلفه كل شيء.

يقول الصبري وهو أب لثلاثة اطفال:" وصلت الى صنعاء وبحثت عن سكن لأسرتي، وبعد معاناة وجدت منزل في أطراف أمانة العاصمة، لم لكن لدي المال لدفع الايجار، وبعد ان عرف مالك المنزل بالوضع الذي اعيشه تعاون معي ومكنني من السكن حتى يتوفر المبلغ لدفع الايجار.

يضيف: سكان الحي ساعدونا بتوفير بعض الأثاث والمواد الغذائية التي ساهمت في التخفيف من معاناتنا.

ويستطرد قائلاً:" المجتمع هنا حاول التقليل من مشاعر الكُرب للحالة التي نعيشها بسبب النزوح ويقدمون ما يقدرون عليه من المساعدات".

يلفت الى ان ما يخفف معاناة النزوح أن تعيش مع أناس يكونون لك الأهل والسند من خلال تعاملهم الإنساني، وهذا ما وجدته من سكان الحي الذي أعيش فيه شمال صنعاء، وهذا ما خلق لدي أمل كبير في السلام والتعايش".

لم يستسلم محمد للوضع الذي يعيشه، وبحث عن عمل لإعالة اسرته. يقول:" أشعر بالحزن، حينما لا أستطيع تلبية احتياجات أفراد أسرتي، العمل بالأجر اليومي لا يتوفر بشكل مستمر". يضيف هذه الحرب عبثية وأنهكتنا، وأملي ان يتحقق السلام حتى أتمكن من العودة الى منزلي والعيش بحياة كريمة بعيداً عن التشرد والنزوح".

الاندماج في المجتمع

النازحون يحاولون الاندماج مع المجتمع المضيف من خلال تبادل الزيارات والتكييف مع العادات والتقاليد التي لا تختلف كثيراً عن عاداتهم وتكوين صداقات بين النازحين وبعض أصحاب العمل الذين اعتمدوا على شباب نازحين في محلاتهم التجارية.

هذا ما يؤكده أحمد سعيد صاحب محل تجاري في صنعاء ويعمل فيه شاب نازح من الحديدة. يقول:" الشاب يعيش مع أسرته في الحي الذي اسكن فيه بعد نزوحهم من الحديدة وبعد التعرف على وضعهم المعيشي، عرضت على والد الشاب ارساله الى المحل للعمل مقابل راتب شهري يوفر لهم الاحتياجات الأساسية والتخفيف من معناتهم".

 خلق أمل كبير للسلام

يتوق اليمنيون للسلام والاستقرار وإيقاف الحرب والوصول إلى سلام مستدام يؤدي إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي.

يقول الخبير في مجال السكان مجاهد أحمد الشعب:" هناك تضامن وانسجام بين النازحين والمجتمع المضيف، والكثير من افراد المجتمع -رغم الصعوبات التي تواجههم – تعاطفوا بشكل كبير مع النازحين لمعرفتهم بالصعوبات التي واجهتهم.

يضيف:" المجتمع المضيف تقبل الاسر النازحة في بداية النزوح بشكل ايجابي إلا أن هذا الترحيب يختلف من منطقة الى أخرى.

يؤكد:" ان المجتمع اليمني بطبيعته وأعرافه السائدة قدم للنازحين المساعدات وتعايش معهم بشكل طبيعي، وأصبح هناك علاقات زواج ومصاهرة بين المجتمع المضيف والنازحين في كثير من المدن. يشير الى ان اندماج النازحين وتقبلهم في المجتمع المضيف يُبين مدى الانسجام والتطلع الى السلام والتعايش بين فئات المجتمع.

ويستطرد قائلاً:" وحده السلام يستطيع أن يأخذ بأيدينا ويُحيي جذوة الأمل والحلم في قلوب اليمنيين". منوها الى ان هذا التعايش يخلق أمل كبير للسلام ويفشل السياسيين وما يقومون به من مبادرات وحوارات لم تجدي نفعاً في حل الأزمة في البلاد.

تغير إيجابي

شكل تواجد النازحين في المجتمع المضيف بعض التغيرات الاجتماعية الإيجابية في أوساط المجتمع المضيف. يقول الناشط في المجال الإنساني عبدالسلام راشد:" ان الاندماج بين النازحين والمجتمع المضيف مثل بشكل كبير التعايش وتقبل الاخر.

يشير الى ان هناك تغير إيجابي في العادات والتقاليد على المجتمع المضيف وخاصة النساء بسبب منافسة النازحات في الاعمال والحرف اليدوية للحصول على مصدر دخل، كما أن الفتيات في المجتمع المضيف أصبح لديهن انفتاح واقبال على العمل والتعليم، في بعض المحافظات وخاصة في مأرب التي استفادت من تواجد نازحين من الكوادر التعليمية والصحية الذين عملوا في التدريس وفي المجال الطبي.

علاقات تعاون واخاء بين النازحين والمجتمع المضيف

في السياق اشارت دراسة حديثة، نفذها المجلس الوطني للسكان " مؤسسة حكومية" بصنعاء، الى أن هناك اختلافات في قياس نسبة تقبل المجتمع المضيف للنازحين بشكل كبير لتفاوتها من منطقة الى أخرى.

وبحسب الدراسة تبدأ العلاقة بالتدهور وارتفاع السخط بسبب حرمان المجتمع المضيف من المساعدات التي يحصل عليها النازحين من المنظمات، وشعور المجتمع المضيف بأحقيته للمساعدات جراء الوضع المعيشي والاقتصادي المتردي.

4 مليون نازح في اليمن

وأوضحت الدراسة التي استهدفت خمس محافظات (أمانة العاصمة وعدن وإب وحضرموت ومأرب) ان المنظمات الإنسانية بدأت منح المجتمع المضيف نسبة 20% من إجمالي الخدمات للأسر المستضعفة في المجتمع المضيف بهدف تقليل السخط تجاه النازحين وكان لهذه الخطوة شكل فاعل.

وشهد عدد النازحين ارتفاعاً جديداً من 2 مليون الى 2.3 مليون نسمة عام 2018م الى حوالي 4 مليون نسمة عام 2019م، وهو ما يمثل حوالي 13.7% من اجمالي اسكان اليمن لعام 2019م. وفقا لنتائج الدراسة السكانية يعيش حوالي 80% من اجمالي النازحين حاليا في وسط حضري مقابل 20% منهم يعيشون في وسط ريفي.

عمل الكثير من النازحين مع المجتمع المضيف في الزراعة والمهن الحرفية والبناء وغيرها وكان لها أثر كبير في تحسين الاعمال في المحافظات المستضيفة للنازحين، الا أن اغلب الاعمال التي يقوم بها النازحين مقابل أجور رمزية بسيطة لا تفي بالاحتياجات المعيشية للأسرة، وفقا لنتائج الدراسة الميدانية.

ويخلق التعايش بين النازحين والمجتمع المستضيف مجتمع آمن ومستقر ويعزز قيم السلام والتعايش بين مختلف أفراد المجتمع، ما يستدعي بذل الجميع جهوداً كبيرة من أجل دعم جهود السلام في اليمن.

 

 











شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي