حوار مع الشاعر تشارلز سيميك

2021-08-01

 

  تشارلز سيميك

أجراه: راشيل ألين

ترجمة: سهيل نجم 

تشارلز سيميك أحد أكثر شعراء اليوم إنتاجاً. يتحدث مع محررة الشعر في مجلة غرانتا، راشيل ألن، عن الحركات الشعرية والأطباق البسيطة والكوميديا التراجيدية.

نُشرت قصائد تشارلز سيميك الأولى عام 1959 عندما كان في الحادية والعشرين من عمره؛ وهو الآن من أكثر الشعراء غزارة في الكتابة.

نشر أكثر من ثلاثين مجموعة شعرية، بما في ذلك «العالم لا ينتهي» The World Doesn End الحائزة جائزة بوليتزر، جنبًا إلى جنب مع الروايات والمقالات والترجمات، بعد أن ترجم أعمال شعراء فرنسيين وصرب وكرواتيين ومقدونيين وسلوفينيين. وبمناسبة نشر قصيدته «الخلود» في مجلة غرانتا العدد 124 يجيب هنا عن أسئلة للمحررة راشيل ألن، على الإنترنت، عن الحركات الشعرية والأطباق البسيطة والكوميديا التراجيدية.

  • قصيدتك في المجلة، «الخلود»، هي رؤية بانورامية تنتقل عبر المناظر الطبيعية والوقت. إنها قصيدة شاسعة بالنسبة لحجمها. كيف توازن بين الاهتمامات الموضوعية الكبيرة – في النطاقين الجغرافي والزمني - بحدود ثمانية أسطر؟

- من بين كل الأشياء التي قيلت عن الشعر على الإطلاق، فإن البدهية القائلة إن القليل هو الأكثر قد أحدثت الانطباع الأكبر والأكثر ديمومة لدي.

 لقد كتبت العديد من القصائد القصيرة في حياتي، باستثناء أن كلمة «كتبت» ليست الكلمة الصحيحة لوصف كيفية ظهورها.

نظراً لأن من غير الممكن الجلوس وكتابة قصيدة من ثمانية أسطر ستكون كبيرة بالنسبة لحجمها، تتركب هذه القصائد على مدار فترة زمنية طويلة من الكلمات والصور التي تطفو في رأسي.

وتتطلب القصيدة المختصرة التي تهدف إلى أسر خيال القارئ تحريراً لا نهاية له للحصول على جميع أجزائها بشكل صحيح.

  • وصفتك هيلين فيندلر بأنك «محب للطعام تتلقى تعليمات عند الجوع»، وقد أطلقت على نفسك، عندما يتعلق الأمر بالكتابة، «راهب في بيت دعارة».

 يبدو الأمر كما لو كنت تستمتع بالقيود المفروضة على العمل بأقل عدد ممكن من الكلمات. ما الذي تكسبه من هذا التقييد، وكيف تعرف متى تتوقف؟

- إنها مسألة مزاج وجماليات. في المطبخ، أحب الأطباق البسيطة المطبوخة بإتقان بدلاً من إبداعات الطهي المعقدة. في الموسيقى أيضًا، كلما قل عدد الآلات، كان ذلك أفضل. مثل من يتدرب على قطعة من موسيقى باخ على آلة التشيلو بينما يمشي شخص تحت نافذته، أو بيانو في وقت متأخر من الليل في مقهى بالكاد يتبقى فيه زبون، كل هذا نعمة بالنسبة لي.

الكوميديا والمأساة

  • تتماشى قصائدك مع الإحساس بالغبطة في الوجود مع الآمال الصغيرة الدائمة في أن تكون إنساناً. أفكر في قصيدتك «كانون الثاني»، التي تبدأ بها مجموعتك Unending Blues، بمقارنة اثنين من «المنبوذين»، «واحد يعلن | نهاية العالم | والآخر | يعلن أسعار صالون الحلاقة المحلي. لماذا تشعر بالانجذاب لتحقيق التوازن بين الدفء واللعب بهذا الأسلوب المقتضب والمختصر؟

- لأن الحياة هكذا. صبيان صغيران يضربان بعضهما بعضاً بسعادة في الفناء الخلفي بينما تجلس والدتهما تبكي في المطبخ، لأن مكالمة هاتفية جعلتها تعرف أن زوجها يخونها. الكوميديا والمأساة ليستا بعيدتين عن بعضهما.

 اقضِ يوماً في التجول في أي مدينة وستجد العشرات من الأمثلة لما يدور في ذهني.

مفاجأة القارئ

  • قلت عن قصائدك «أردت شيئًا يبدو أنه غير فني ومرتجل لمفاجأة القارئ من خلال نقل المزيد. بعبارة أخرى، أردت قصيدة يستطيع الكلب فهمها»، هل كان من الصعب الحفاظ على هذا المبدأ؟

- ليس بهذا التحديد، لكنني أتمنى أن يتم فهمي. تعلمت ذلك عندما كنت شاباً أحاول إغواء النساء بقصائدي. كيف كنّ سيقعن في حبي إذا لم يفهمن ما الذي أتحدث عنه بحق الجحيم؟ إن «اللافن» ونوعية «الارتجال» خدعة.

تقول القصيدة للقارئ، لا يوجد ما يخيفك، حتى نجذبه ثم يبدأ في فهم أن هناك الكثير مما يحدث في القصيدة أكثر مما اعتقد في البداية.

  • سُميت بـ«الكاتب البعيد عن وطنه»، وقد تم التعليق كثيراً على طفولتك التي نجت من الحرب العالمية الثانية في بلغراد، في المقابلات والملفات الشخصية. هل ما زلت تشعر أنك تتعامل مع صدمة الحرب والانفصال عن المكان الذي ولدت فيه؟

- أعلم أنه أصبح من المألوف في يومنا هذا وفي عصرنا أن نتظاهر بأن كل شيء سيئ مررنا به في شبابنا يبقى معنا إلى الأبد ويطارد حياتنا، لكنها ليست تجربتي أو تجربة الكثيرين الآخرين الذين عرفتهم ممن عاشوا رعباً أشد مما عشت.

 الوقت يشفي، كما يقول المثل. انتهت الحرب عندما كنت في السابعة من عمري، أي قبل ما يقرب من سبعين عاماً.

حدثت لي أشياء أخرى كثيرة منذ ذلك الحين، سواء كانت جيدة أو سيئة، لذلك من المرجح أن أفكر فيها أكثر من التفكير في الخوذة التي حملتها من ألماني ميت في خريف عام 1944.

حركات ومدارس شعرية

  • عايشت العديد من الحركات الشعرية والمدارس والتغييرات في الأسلوب والنبرة والمثل العليا. كيف تغيرت آراؤك عن الشعر والحركات الشعرية بمرور الوقت؟ كيف تشعر أن قصائدك قد تغيرت؟

- الحركات الشعرية متعة كبيرة للمشاركين فيها. مثل الكلاب التي تنبح في انسجام تام في قرية ما في الليل إزاء خصم حقيقي أو وهمي، وبعد فترة من الوقت تنبح للاستمتاع الخالص.

 اكتشافي في تدريس أدب القرن العشرين على مدى سنوات عديدة أن القصائد الجيدة يمكن أن تكتب من أفكار شعرية مختلفة جذرياً بل ومتناقضة، لذلك أبقى متفتحاً.

لكن ما يؤلمني حتى الموت وجهة النظر القائلة بأن الشعر يحتاج إلى التغيير باستمرار لكي يتكيف مع التكنولوجيا الجديدة وقصر فترة انتباه القراء اليوم.

  • لمن تقرأ الآن؟

- قصائد دين يونغ الرائعة والمختارة التي تم نشرها أخيراً، وأعيد قراءة كتاب رون سيليمان الأبجدية، وهو كتاب ضخم صدر في عام 2008 ويتألف من ستة وعشرين كتاباً صغيراً وأنا معجب بمعظمها. 

الخلود

ضِعنا أنا وأنتِ لساعات

في مدينة يختبئ فيها الكثير:

الجرائم، والغنى، والنسوة الجميلات،

فذهبنا لنسأل جزاراً عن الطريق.

كان جالساً يعزف على الأكورديون

حيث عيون الحملان مغمضة في نعيم

لكن ليس سكاكينه الشريرة.

قال لنا هلموا، يا رفاق. 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي