دراسة جديدة: المناطق الميتة في المحيطات ظاهرة قديمة منذ العصر الجليدي

2021-06-15

فكرت المهدي: شهدت السنوات الأخيرة تصاعدا حادا في وتيرة القلق بشأن "المناطق الميتة" في المحيطات. وتعرف هذه المناطق بأنها مناطق المياه قليلة الأكسجين في المحيط، حيث تكون مستوياته منخفضة للغاية، ولا يمكن للحيوانات البحرية البقاء فيها. وقد ازداد انتشار المناطق الميتة في العقود الأخيرة ولم يقتصر ظهورها على المحيط فقط، حيث إنها امتدت إلى البحيرات أيضا.

وفي دراسة جديدة نشرت بتاريخ 2 يونيو/حزيران الجاري في دورية "ساينس أدفانسز" (Science Advances)، كشف فريق من الباحثين عن أن المناطق الميتة قد حدثت بشكل متكرر خلال الـ1.2 مليون سنة الماضية. وقد تزامن ظهورها مع أحداث نقص الأكسجين الشائعة في السجل الجيولوجي، تلك التي حدثت خلال الفترات الجليدية الدافئة، مثل تلك التي نعيشها الآن.

العصر الجليدي والمناطق الميتة

قام فريق دولي من الباحثين، من جامعات أميركية مختلفة وجامعة يابانية، بتحليل نواة من الرواسب القديمة التي تم حفرها من قاع بحر بيرينغ (Bering Sea) في شمال المحيط الهادي، وقد تمكنوا من تحديد 27 حالة منفصلة من المناطق الميتة -التي يطلق عليها رسميا مناطق الحد الأدنى من الأكسجين (OMZs)- والتي تطورت على مدار الـ1.2 مليون سنة الماضية.

وكما تشير دراسة جامعة كاليفورنيا سانتا كروز (UC Santa Cruz)، فإنه يمكن القول إن نوبات نقص الأكسجة المتكررة كانت سمة منتظمة للمحيط الهادي عبر سنوات العصر الجليدي.

وقد شهدت نهاية العصر الجليدي الأخير (منذ ما يقرب من 12 ألف عام) نقصا في معدلات الأكسجين على نطاق واسع في شمال المحيط الهادي بعضها استمر لألف عام، في حين استمر بعضها الآخر لما يقارب 40 ألف سنة. وقد تسببت أحداث الاحترار آنذاك في ذوبان الغطاء الجليدي الذي أدى إلى تزويد المحيط بكميات هائلة من المياه العذبة.

 

مناطق نقص الأكسجين في البحار تعزى إلى تكاثر الطحالب الضارة

الطحالب والمناطق الميتة

تعزى مناطق نقص الأكسجين إلى تكاثر الطحالب الضارة، وهي عبارة عن كائنات مجهرية تتحلل في النهاية وتغرق في قاع البحر وتستهلك بهذا الأكسجين الموجود في الماء.

وقد أظهرت الدراسة أن ارتفاع مستويات سطح البحر، الذي يحدث خلال المناخ الجليدي الدافئ، قد أسهم في أحداث نقص الأكسجين وبالتالي زيادة احتمال ظهور المناطق الميتة.

ومع ارتفاع مستوى سطح البحر يمكن نقل الحديد المذاب من الأرصفة القارية التي غمرتها مياه البحر إلى المحيط المفتوح، والتي تعمل بدورها على تعزيز نمو العوالق النباتية المكثفة في المياه السطحية.

الاحترار العالمي والمناطق الميتة

ويتوقع الباحثون أن تستمر مستويات الأكسجين في الانخفاض في المحيط العالمي خلال الألفية المقبلة، مما يعني تزايد المناطق الميتة في المحيطات.

وهنا يمكن القول إن التلوث البيئي عامل رئيسي في هذه المشكلة، حيث تتدفق النفايات الناجمة عن الأنشطة البشرية (خاصة الأسمدة الزراعية) إلى المحيط والممرات المائية، وتعمل كمصدر مغذ، يجذب وفرة من الطحالب البحرية التي تستهلك الأكسجين وتخنق الحيوانات البحرية على مدار آلاف السنين في كل مرة.

ولم يتمكن الباحثون من تحديد مدى انتشار المناطق الميتة في المحيط الهادي، إلا أنهم يجزمون بأنها باتت كثيرة ومنتشرة على مساحات واسعة.

أخيرا، لا بد لنا من زيادة الوعي حول مدى تأثير التغير المناخي على التوازن الحيوي على كوكب الأرض، بما في ذلك المسطحات المائية، وخاصة في كونه يؤثر في تكوين "نقطة تحول" في المحيطات من حيث نقص الأكسجين المفاجئ والشديد والذي من شأنه أن يدمر النظم البيئية، ومصادر الغذاء، وبالتالي الاقتصاد.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي