فكرت المهدي: يتوق الإنسان بفطرته إلى أن يعيش في هذه الحياة الدنيا ويمتد به العمر طويلا إلى ما يزيد على متوسط الأعمار التي نسمع بها في هذه الحياة الدنيا، ولكن هل هذا ممكن بالفعل من الناحية البيولوجية؟
تشير دراسة جديدة نشرت بتاريخ 25 مايو/أيار الماضي، في دورية نيتشر كوميونيكيشنز Nature Communications، إلى أن الحد الأقصى لعمر الإنسان يمكن أن يصل إلى 150 عاما من العمر.
مؤشر الحالة الديناميكية
في تعاون أكاديمي ما بين جامعات في سنغافورة وروسيا والولايات المتحدة، طور فريق من الباحثين طريقة جديدة تهدف إلى تفسير التقلبات في تعداد الأنواع المختلفة من خلايا الدم بما فيها الخلايا الحمراء والبيضاء.
وتعتمد هذه الطريقة حسبما جاء في تقرير لموقع لايف ساينس Live Science على تقييم مؤشر حالة الكائن الحي الديناميكية (DOSI) أي أنها تقوم برصد مدى سرعة تدهور أجسامنا والتي قد تتطابق أو لا تتطابق مع عمرنا الزمني، وهكذا تركز هذه الطريقة على فهم فكرة الشيخوخة البيولوجية.
ووجد العلماء أن مرونة أجسامنا تنخفض بالتدريج مع مرور الوقت، ويعتبر هذا أحد الأسباب التي تجعل التعافي من المرض والإصابة بطيئا عندما نتقدم في السن.
وقد أوضح الباحثون في ورقتهم أن الجسم البشري يفقد مرونته وقدرته على التعافي ومقاومة الأمراض والحوادث في الفترة ما بين 120 و150 عاما من العمر.
تعداد الخطوات ومرونة الجسم
وقد تم تحليل معلومات تعداد خلايا الدم لأكثر من نصف مليون شخص مأخوذة من قواعد البيانات البحثية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وروسيا، حيث يعتبر تعداد خلايا الدم مؤشرا هاما لمجموعة من المشاكل في الجسم.
وللتأكد من أن معيار تعداد الخلايا يمثل مؤشرا عاما عن الصحة والتعافي الشامل، قام الباحثون بتحليل بيانات عدد الخطوات التي يمكن لشخص أن يمشيها وفق فئته العمرية، وقد حلل الباحثون معدل تراجع اللياقة لـ 4532 شخصا.
وهنا خلص العلماء إلى نتيجة مهمة أخرى ألا وهي أنهم تمكنوا من رصد تحول في مسارات الشيخوخة بداية من سن 35 عاما وما فوق، ثم مرة أخرى من 65 وما فوق.
ووجد الباحثون أن هذين العمرين يتطابقان مع مراحل يمكن أن تكون حاسمة في تحول شكل ونشاط واهتمامات الإنسان على حد سواء، مثل العمر الذي يميل فيه الناس إلى التقاعد من الأنشطة الرياضية، والعمر الذي يتقاعد فيه الأشخاص عادة من العمل في وظيفة بدوام كامل.
أبحاث مستقبلية
وزعم الباحثون أن النتائج التي توصلوا إليها تؤسس لبداية جيدة لأبحاث مستقبلية تستهدف تحديد طرق العلاج للأمراض دون التأثير على المقاومة البيولوجية، وربما يمكن استخدامها في يوم من الأيام -حسب زعمهم-لإطالة عمر الجنس البشري أكثر مما هو عليه بالفعل.
ويمكن القول إن النتيجة النهائية للدراسة تشير إلى أن السن الحرجة -التي يمكن أن تنتهي عندها حياة الكائن البشري- ما هي إلا خاصية بيولوجية جوهرية تدل على حد مطلق للعمر لا يمكن للإنسان عندها أن يتعافى أو يقاوم أي نوع من الإجهاد لتنتهي حياته مع فقدانه المرونة اللازمة لترميم وإصلاح خلايا جسمه.