لماذا يصعب استئناف عملية السلام رغم عودة الاهتمام بفلسطين بعد حرب غزة؟

2021-05-25

نتنياهو وعباس

القدس المحتلة-وكالات: رغم التفاؤل بإمكانية إحياء عملية السلام بسبب عودة الاهتمام الدولي والعربي بالقضية الفلسطينية إثر حرب غزة، فإن هذا لا يعني أن الطريق للعودة للتسوية السلمية مفروش بالورود،

فأغلب العوامل التي تعرقل إحياء عملية السلام مازالت قائمة، في مقدمتها التعنت الإسرائيلي، ومشكلات لدى الجانب الفلسطيني، واستمرار التخبط الدولي في هذا الملف.

تقرير لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية عرض عدة أسباب تفسر لماذا لن تؤدي حرب غزة إلى إحياء عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، رغم التفاؤل الدولي.

لا وسيط قادر على إحياء عملية السلام

اعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن أن قيام دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل هو "الحل الوحيد" الممكن لإنهاء النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، وشدد في الوقت نفسه على التزامه بأمن إسرائيل، وضرورة أن تعترف المنطقة "بشكل لا لبس فيه" بالدولة العبرية.

وأفادت تقارير بأن مصر تتحرك بهدف إحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وأعلنت الرئاسية المصرية أن "الرئيس عبدالفتاح السيسي بحث مع نظيره الأمريكي جو بايدن تطورات القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام".

وحثت ليندا توماس، السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، على التحول إلى التركيز على تحقيق تقدم في اتجاه السلام الدائم، وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في قطاع غزة.

 

وهو تقييم يحظى ببعض الدعم الدولي المشترك، بما في ذلك من وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي تحدث عن أهمية "إفساح مجال" لعملية السلام، وكانت آخر عملية لإحلال السلام بقيادة إدارة أوباما، في أبريل/نيسان 2014، وانهارت.

وتريد إسرائيل عملية سلام بقيادة الولايات المتحدة، لكن السلطة الفلسطينية تريد عملية سلام يقودها جميع الأعضاء الأربعة في اللجنة الدبلوماسية الرباعية، التي ستضم أيضاً الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، بجانب الولايات المتحدة.

ولكن لا تعتقد الولايات المتحدة أنَّ الوقت مناسب لإطلاق عملية سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حسب الصحيفة الإسرائيلية.

وقد صرَّح وزير الخارجية أنتوني بلينكن لشبكة CNN بذلك صباح الأحد 23 مايو/أيار، وكرره مسؤولو وزارة الخارجية في إيجاز مع الصحفيين، يوم الإثنين 24 مايو/أيار.

حي الرمال في قطاع غزة

لا حكومة إسرائيلية

لا توجد حكومة إسرائيلية، وهذه حقيقة كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء تأجيل إدارة ترامب إطلاق "صفقة القرن"، التي قوبلت برفض فلسطيني ودولي، ونشرها في وقت متأخر وتحديداً في يناير/كانون الثاني 2020.

فالواقع أن إسرائيل تغرق في فوضى انتخابية منذ ديسمبر/كانون الأول 2018، التي شهدت إجراء ثلاثة انتخابات دون نتائج، ولم تُشكَّل الحكومة إلا في مايو/أيار 2020، وتفرقت في ديسمبر/كانون الأول.

لم يتمكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، صاحب أعلى الأصوات في انتخابات مارس/آذار 2021، ولا منافسه المباشر يائير لابيد من حزب "يش عتيد" من تشكيل حكومة؛ لذلك من المحتمل أن تتجه إسرائيل إلى انتخابات خامسة. وفي هذا السيناريو قد يستغرق الأمر نصف عام آخر قبل تشكيل حكومة يمكنها التفاوض على صفقة.

والإسرائيليون لا يريدون السلام حتى ولو شكلوا حكومة

إذا شكَّل لابيد حكومة فستكون حكومة تفتقر إلى الإجماع الضروري للوصول لاتفاق سلام، وقد تؤدي محاولة تمريره إلى إسقاطها. وإن استطاع نتنياهو تأمين رئاسة الوزراء دون انتخابات أخرى فلن يحظى بدعم الحكومة ولا الكنيست لتمرير اتفاق مماثل.

الكنيست الحالي غير متعاطف مع أية صفقة قد يبرمها، وقد تحدث نتنياهو بالفعل عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح والحاجة إلى دولتين لشعبين، لكن أية حكومة قد يشكلها ستعارض قيام دولة فلسطينية.

ولا يريدون العودة لحدود 1967

أدى الخلاف حول فكرة حل الدولتين للصراع على أساس وضع ما قبل عام 1967 إلى إعاقة المفاوضات منذ موافقة رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت على المحادثات على هذا الأساس، ورفض نتنياهو هذا المفهوم عند توليه منصبه.

ويصر الفلسطينيون على حل الدولتين للصراع على أساس حدود ما قبل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وهي صيغة تحظى بتأييد عالمي تقريباً، لكن لا تنال إلا دعماً إسرائيلياً ضئيلاً، حسب صحيفة The Jerusalem Post.

وفي الكنيست الحالي، لن يقف مع هذا السيناريو إلا الحزبان العربيان وحزب "ميرتس" اليساري.

ويؤمن غالبية الذين يؤيدون حل الدولتين في الكنيست باستمرار الاحتلال الإسرائيلي للقدس تحت مزاعم وحدة القدس، وعلى الأقل تثبيت جميع الكتل الاستيطانية و/أو جميع المستوطنات في المنطقة "ج"، التي هي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وهناك قضايا خلافية أخرى بالطبع، لكن التعنت الإسرائيلي فيما يتعلق بحدود 67 تحديداً جعل من الصعب إطلاق عملية سلام، أو الحفاظ على استمرارها.

لا قيادة فلسطينية موحدة

الإسرائيليون ليسوا وحدهم الذين لديهم حكومة غير مستقرة، فقد كانت آخر انتخابات أجراها الفلسطينيون في عام 2006، وعُلِّقَت خططهم لإجراء انتخابات هذا الربيع. ويطالب المجتمع الدولي بتحديد موعد جديد للانتخابات؛ وإذا أُجرِيَت هناك انتخابات فلا يمكن أن تبدأ أية عملية سلام حتى تنتهي.

وتعاني السلطة الفلسطينية من الانقسام منذ أطاحت حماس بحكم بفتح من غزة في عام 2007، وهي تحكم القطاع الساحلي منذ ذلك الحين. وباءت جميع محاولات المصالحة الفلسطينية بالفشل. ويستلزم إنجاز أية عملية سلام وجود زعيم فلسطيني يمثل جميع الفصائل، وهو أمر لا تستطيع السلطة الفلسطينية توفيره في الوقت الحالي ما لم تتوصل إلى اتفاق مع حماس.

كما يواجه أبو مازن معارضين داخل البيت الفتحاوي، منهم تحالف الأسير مروان البرغوثي مع ابن شقيقة ياسر عرفات، ناصر القدوة، إضافة إلى القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان.

حرب غزة جعلت حماس أكثر قوة

تُصنَّف حماس، المدعومة من إيران إلى جانب قطر وتركيا، على أنها جماعة إرهابية من قبل بعض الكيانات والدول مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا.

ومع ذلك، أعطت حرب غزة الأخيرة، المعروفة أيضاً باسم "عملية حارس الأسوار" إسرائيلياً أو سيف القدس فلسطينياً، دَفعَة سياسية وعسكرية لحماس.

ويسعى الفاعلون الدوليون لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية في لحظة صعبة بالنسبة لها، في ظل تراجع شعبيتها جراء مواقفها الباهتة خلال حرب غزة وحتى قبلها خلال الاعتداءات على الأقصى ومحاولة تهجير سكان حي الشيخ جراح.

إذ تريد واشنطن تمرير مساعدات إعمار غزة عبر السلطة الفلسطينية لتقويتها دعماً لإسرائيل وخشية من حماس، ولكن من الواضح أن حماس لا ترى مشكلة في ذلك.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر فلسطينية وصفتها بالمطلعة أن حركة حماس لم ترد أو تقرر فيما يخص موقف إسرائيل من تحويل أي أموال إلى قطاع غزة عبر السلطة، باعتبار أن الحركة قد تكون جزءاً من السلطة إذا ما تشكلت حكومة وحدة وطنية كما هو مخطط له.

وأضافت المصادر أنه "في سياق اتفاق فلسطيني داخلي وشامل لن تمانع الحركة أن تكون السلطة عنواناً فلسطينياً ضمن آلية لإعادة إعمار القطاع". وتابعت: "لكن ذلك مبكر للاتفاق حوله". وأكدت المصادر أن هذا الملف كان جزءاً من النقاش بين الوفد الأمني المصري وقادة حماس في قطاع غزة.

كما أن ارتفاع شعبية حماس ونظرة كثير من الفلسطينيين لها حتى من غير الإسلاميين أو غير المتعاطفين معها تقليدياً، على أنها أصبحت بمثابة رادع لإسرائيل، تجعل هذا أسوأ وقت للقوى الدولية لمحاولة نزع سلاح حماس، أو إقناعها بذلك.

فالعكس هو ما يحدث؛ إذ تحدثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن انفتاحها على إجراء حوار غير مباشر مع حماس حول الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، كما تحدثت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن تغير أمريكي مع حماس وغزة، قد يدفع لحوار ثنائي.

ويشير عريب الرنتاوي، في الدستور الأردنية، إلى أنه بعد تصريحات ميركل فإن "الوقت بالنسبة لدول غربية أخرى ربما يكون قد آن لإجراء "حوار مباشر" مع الحركة، وهو ما يعني أيضاً، على حد تعبيره، أن الباب قد فُتح موارباً، لحوار مباشر لاحق، ستجريه الدول "المترددة" مع حماس في الأيام القادمة".

كما يشير إلى تحول "حاضنة حماس في الخارج" إلى محور الاتصالات الدولية حول الأزمة الأخيرة"، بعد أن "بدأ العالم يقتنع على ما يبدو باختلال توازنات القوى الفلسطينية الداخلية… حماس اليوم، وليس السلطة، هي عنوان الفلسطينيين".

المشكلة أنه حسبما كتب هشام ملحم في النهار العربي اللبنانية، أنه "ليس من المتوقع أن نرى أي تغيير في موقف إسرائيل من حماس ومن الفلسطينيين عموماً".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي