لماذا بدأت قطاعات من الرأي العام الأمريكي ترى في إسرائيل نظاماً عنصرياً؟

2021-05-24

النائبتان الأمريكيتان إلهان عمر ورشيدة طليب 

واشنطن-وكالات: "حياة الفلسطينيين مهمة أيضاً" عندما كتب السيناتور الديمقراطي البارز بيرني ساندرز هذه الكلمات مؤخراً في مقال بصحيفة نيويورك تايمز كان يسلط الضوء بقوة على العلاقة بين التغييرات الداخلية التي تحدث في المجتمع الأمريكي وبين تطور مواقف بعض النخب الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، لتصبح أكثر إيجابية.

وبدأ البعض في الولايات المتحدة يتحدثون علناً عن كون إسرائيل نظاماً للفصل العنصري، حسبما ورد في مقال نشر في مجلة The American Prospect الأمريكية لسارة ليا ويتسون، المدير التنفيذي لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN)، والمدير التنفيذي السابق لقسم شؤون شمال إفريقيا والشرق الأوسط بمنظمة "هيومن رايتس ووتش".

تسلِّط سارة ليا ويتسون في هذا المقال الضوءَ على التحولات التي تطرأ في الفترة الأخيرة على السردية الأمريكية التقليدية فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتعرض لخطابٍ جديد بدأ يأخذ مساحة أكبر في الأوساط السياسة الأمريكية ويصرِّح أصحابه علناً بانتقادهم للسياسات الإسرائيلية وانتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين، كما تكشف عن العوامل التي حركت هذا الخطاب وما أفضت إليه من رؤى جديدة لحل الصراع.

برج الجلاء

يوم السبت 15 مايو/أيار، قصفت إسرائيل مبنى من 15 طابقاً في مدينة غزة، وهو المبنى الإعلامي الرئيسي الذي كان يؤوي صحفيين محليين ودوليين على حد سواء، منهم العاملون بقناة "الجزيرة" ووكالة The Associated Press الإخبارية.

وفي حين أن هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل الصحفيين عمداً، فإن هجوم يوم السبت يرمز على نحو جليّ إلى جهود إسرائيل المستميتة الرامية إلى قمع النقاش المتنامي سخطاً وانتقاداً لسياسات حكومة الاحتلال الإسرائيلي داخل الخط الأخضر وفي سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

لحظة انهيار برج الجلاء الذي يضم وكالة أسوشيتد برس الأمريكية بغزة بعد قصفه من قبل الاحتلال الإسرائيلي

كما تشير تداعيات هذا القصف بوضوح إلى أن الرواية العامة المُتحكَّم فيها برقابة صارمة، ولطالما روَّجها ليس فقط المتحدثون باسم الحكومة الإسرائيلية، ولكن أيضاً مجموعات الضغط التابعة لـ "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية"  (أيباك)  AIPAC و"اللجنة اليهودية الأمريكية" وناشطو "رابطة مكافحة التشهير" اليهودية، قد بدأت تخرج عن سيطرة هذه الجهات.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن "بعض المسؤولين الإسرائيليين رفيعي المستوى يشعرون بالأسف من قرار تدمير برج الجلاء، مقر وسائل إعلام دولية في قطاع غزة"، لأنه أضر بسمعة إسرائيل الدولية.

جيل جديد بنظرة مختلفة إلى القضية الفلسطينية

في هذه الحرب، كما حروب إسرائيل على الفلسطينيين وقطاع غزة، تداولت وكالات الأنباء فيها صوراً لجثث أطفال متفحمة في غزة -59 طفلاً من بين 212 فلسطينياً على الأقل قتلهم القصف الإسرائيلي حتى يوم الاثنين 17 مايو/أيار- ولقطات لمبانٍ سكنية مدمرة ومحترقة وعائلات مفزوعة تفر من منازلها تحت وقع الغارات الإسرائيلية، لكن كل هذه المشاهد ليست جديدة، فقد شاهد العالم صوراً ولقطات كثيرة مثلها في كل حرب سابقة لإسرائيل على قطاع  غزة و(لبنان).

تلفت سارة ويتسون إلى أن الجديد والمختلف نوعياً هذه المرة هو الانتقادات الثاقبة والحادة التي لا تلتمس أعذاراً لإسرائيل -ولا للسياسة الأمريكية التقليدية التي لطالما أمدت إسرائيل بمليارات الدعم العسكري السنوي غير المشروط على مدى العقود الماضية- التي ما تنفك تتسرب إلى الخطاب العام السائد وروايته حول الأحداث.

فقد بدأت هذه الانتقادات تشيع في أوساط مذيعين أمريكيين مشهورين إلى مراكز أبحاث في واشنطن، ومن قاعات الكونغرس الأمريكي إلى الاحتجاجات في شوارع بوسطن ونيويورك ولوس أنجلوس والعاصمة الأمريكية واشنطن وحتى ولايات مثل ميامي وبورتوريكو وكليفلاند وأوكلاهوما.

ويرى خبير استطلاعات الرأي جون زغبي، الذي طالما عارض المواقف الأمريكية بشأن الشرق الأوسط، أن هذا التحول "جذري ومزلزل". ويزيد تعاطف الأجيال الأصغر مع الفلسطينيين، وهذه الهوة العمرية أصبحت واضحة تماماً داخل الحزب الديمقراطي، حسبما ورد في تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"

وفي الوقت الذي يعبر فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن عن وجهات نظر تقليدية، ويؤكد مراراً على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد صواريخ حماس، يجد أن الأجواء الحزبية المحيطة به تعبر عن قلقها، على أقل تقدير، من ظروف معيشة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وترى أن السياسات الإسرائيلية تزيد من مآسيهم.

يرون أن إسرائيل دولة فصل عنصري

 ففي كل هذه الشرائح بدأت النقاشات تنصرف أبعد فأبعد عن الحجج الدفاعية الواهية والمبتذلة عن "حق إسرائيل في الوجود" و"محاربة الإرهابيين" و"معاداة السامية"، وتعمَد بدلاً من ذلك إلى إقرارٍ من نوعٍ جديد بحقوق الفلسطينيين. وبين المحتجين، بدأت تبرز كلمات من نوعية "الفصل العنصري" و"الاستيلاء على الأراضي" و"التطهير العرقي".

وهناك ظاهرة سابقة حتى على الهجوم الحالي على غزة، فالرأي العام العالمي كان قد شرع بالفعل في الانصراف عن تأييده التقليدي لسياسات الحكومة الإسرائيلية وروايتها.

ففي أبريل/نيسان الماضي، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش الأمريكية" تقريراً مستنداً إلى استقصاء دقيق وخلُصت فيه إلى أن السلطات الإسرائيلية مُدانة بارتكاب جرائم فصل عنصري واضطهاد للفلسطينيين، ليس فقط في الأراضي المحتلة ولكن أيضاً في المناطق التي تعتبرها إسرائيل تابعة لها. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تُصدر فيها منظمة دولية معنية بحقوق الإنسان تقريراً يحمل استنتاجات من هذا النوع، بناء على بيانات لمنظمات فلسطينية وإسرائيلية كانت قد توصلت إلى النتائج نفسها خلال السنوات القليلة الماضية.

جاءت الأزمة الأخيرة وتكثَّفت التغطية العالمية للهجوم الإسرائيلي العنيف والشرس على المتظاهرين في المسجد الأقصى والتظاهرات التي اندلعت في عدة بلدات فلسطينية في الداخل المحتل احتجاجاً على المساعي الصريحة لطرد السكان الفلسطينيين من منازلهم في حي الشيخ جرَّاح بالقدس الشرقية، لتكشف بوضوح عن الكارثة التي تعيشها الرواية الإسرائيلية بشأن الوقائع على الأرض، فقد أظهرت هذه الصور للعالم كيف تبدو ممارسات الفصل العنصري على نحو عملي، بحسب المقال.

ويؤمنون بنهاية حل الدولتين

اللافت هو أن  النظر لحل الدولتين بات يتغير في الأوساط  الأمريكية.

إذ ترى سارة ويتسون أنه حتى مراكز الأبحاث الأمريكية الرصينة قد غيّرت تحليلها، وتخلت عن العناصر المكرورة في خطابها، وما تتمسك به من أساطير تقليدية عن "حل الدولتين" و"عملية السلام"، التي لطالما اعتمدت عليها تل أبيب وواشنطن، لتبرير الوضع القائم المتعلق بالدعم الأمريكي اللانهائي لجيش الاحتلال. وهكذا، أصدرت "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي"، التي ينحدر منها عدد كبير من كبار المسؤولين في إدارة بايدن، توصيات بالعمل على إطار سياسي جديد يركِّز على المساواة في الحقوق وضمان الحريات للفلسطينيين والإسرائيليين، الذين يعيشون تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي في واقع الدولة الواحدة القائم.

مثل هذه الدعوات هي بمنزلة زلزال فكري في سياق التناول لشؤون إسرائيل وسياساتها، التي ترتكز قانونياً وسياسياً على أفكار التفوق اليهودي العرقية القومية ودعوات طرد الفلسطينيين، والأهم من ذلك أنها تطالب بضمان حقوق تصويت متساوية، ومشاركة سياسية متساوية، وحقوق مواطنة متساوية لليهود والمسيحيين والمسلمين الفلسطينيين على حد سواء، في وقت أصبحت فيه قيم المساواة وعدم التمييز وحقوق الإنسان مسائل ليست محل خلاف باعتبار أنها قيم أساسية عالمية.

ويبرز المقال كذلك الالتفات الجديد الذي تسرب إلى بيانات الحكومة الأمريكية فيما يتعلق بالتركيز على ضمان حقوق المساواة للفلسطينيين، مثل تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن الأخيرة بأن الإسرائيليين والفلسطينيين يجب أن يتمتعوا بـ"ضمانات متساوية من الحرية والأمن والازدهار والديمقراطية".

كما يشير المقال إلى أن حتى المراكز البحثية التي تشكل آراؤها عقل وقلب الاتجاهات المعتدلة في الحزب الديمقراطي، مثل "مركز الأمن الأمريكي الجديد"، اضطرت بعد مناقشات داخلية مكثفة إلى تضمين بعض العبارات، على مضض، تعكس التأثر بالنموذج الجديد يقتبس من أحد تقارير "هيومن رايتس ووتش" الصادرة في عام 2019، والذي تطالب فيه المنظمةُ إسرائيل، بموجب وضعها القانوني كقوة احتلال، بمنح الفلسطينيين حقوقاً "مساوية على الأقل" للحقوق التي يتمتع بها المواطنون الإسرائيليون.

الغريب أن الكاتبة تبدو أنها ترى أن حل الدولتين قد عفا عليه الزمن، رغم أن حل الدولتين هو المطلب الأساسي لكثير من الفلسطينيين، علماً بأن منظور حل الدولة الواحدة الديمقراطية التي يعيش فيها اليهود والفلسطينيون بشكل متساو قد طرحه واحد من أبرز المفكرين من الأصول الفلسطينية وهو إدوارد سعيد.

في هذا السياق، تقول سارة ويتسون: مازال هناك العديد من المراكز البحثية والسياسيين المنفصلين عن الواقع، والذين يتشبثون بسرد حجج واهية عفا عليها الزمن، ويصرون على إحياء حل الدولتين، رافضين قبول تشخيص الوضع القائم بأنه "فصل عنصري" بدعوى أن هذا سيجعل الوصول إلى السلام "أصعب"، أو يقترحون عدم التطرق إلى حجم "الإدانة الأخلاقية" لما يحدث، لأن ذلك "لا جدوى منه ولا يغير شيئاً". 

ومع ذلك، فهم لا يخفون سخطهم عن الحديث عن نقاط سياسية محددة: مثل أن الحق في العودة لا يجب أن يكون لليهود فقط، بل للفلسطينيين أيضاً، وأن التصالح مع حقيقة أن الدولة الواحدة -سواء أكانت دولة فصل عنصري أو دولة مبنية على المساواة بين قاطنيها- هي الخيار الوحيد القابل للتطبيق حقاً.

كيف حدثت هذه التحولات؟

إن التحولات التي تطرأ على الرواية المهيمنة في الولايات المتحدة، وتبدِّل سرديتها القائمة على تصوير إسرائيل على أنها "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، إلى بيانِ واقع الاحتلال العسكري الغاشم القائم وسياسات الفصل العنصري التي ينتهجها، ناتجةٌ عن تضافر عدة عوامل: أهمها هو ما بات يحوزه الفلسطينيون من إمكانية توثيق تفاصيل حياتهم اليومية تحت وطأة القهر والاحتلال العسكري، ونقل أخبارها، وبيانها لجمهور عالمي أوسع نطاقاً.

فقد استطاع الفلسطينيون، بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، التغلب على الرقابة المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية التي اعتادت تصويرهم على أنهم كيان إرهابي منعزل.

وفي هذا السياق، يبرز مثال الشاب الفلسطيني محمد الكرد، الذي استطاع الكشف عن معاناته وأهله من سياسات التهجير الإسرائيلية في حي الشيخ جرَّاح الفلسطيني، في مقابلةٍ شاهدها العالم عبر شبكة CNN الأمريكية.

ويستحضر المقال عاملاً بارزاً آخر في هذا التحول، ألا وهو التنوع المتزايد في صفوف المنتمين إلى مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية، داخل الكونغرس ومراكز الأبحاث والأوساط الأكاديمية والصحفية وغيرها، والتي يقول المقال لم تعد قاصرة على  الأشخاص الملونين عموماً فحسب، بل بدأت تضم كذلك مسلمين وعرباً على وجه الخصوص، وقد كان لهؤلاء تحديداً دور أساسي في هذه التحولات؛ إذ لا شك في أن تحليلاتهم وتقاريرهم تتبلور متأثرةً، بحكم الطبيعة، بخبراتهم الشخصية واستيعابهم لسياسات التمييز والإقصاء في جميع أنحاء العالم.

ففي الكونغرس، غالباً ما كانت تسيطر وجهات النظر المتعاطفة مع إسرائيل على السياسة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بالصراعات الإقليمية، بسبب أصوات الناخبين اليهود (وهي قاعدة كبيرة للحزب الديمقراطي) أو الكنيسة الإنجيلية (وهي قاعدة موازية للحزب الجمهوري)، وفقاً لـ"بي بي سي".

وكان لزيادة التنوع في الكونغرس الأمريكي نتائج خطيرة على الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل. وفي عام 2021، بلغت نسبة السود واللاتينيين والآسيويين والأمريكيين الأصليين في غرفتي الكونغرس 23%، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة بيو.

وأدى هذا التنوع في الخلفيات إلى تنوع أكبر في وجهات النظر وتفتت للقوى. ويتجلى ذلك في مجموعة عضوات الكونغرس الليبراليات اللاتي يُطلق عليهن اسم "الفريق"، ومن بينهن الفلسطينية الأمريكية رشيدة طليب عن ولاية ميشغان، واللاجئة الصومالية إلهان عمر عن ولاية مينيسوتا.

وإذا كان للحركة التقدمية اليسارية دور في زيادة التنوع في الكونغرس وانتخاب أشخاص مثل أوكاسيو-كورتيز، فالفضل في ذلك يعود إلى حد كبير للديمقراطي الاشتراكي بيرني ساندرز، حسب "بي بي سي".

ورغم خسارة ساندرز السباق الانتخابي في عام 2016  داخل الحزب الديمقراطي، لكن شعبية الأفكار التي طرحها فتحت الباب أمام الديمقراطيين المغمورين للدفع بها ومناقشتها، تماماً كما فعلوا في غيرها من القضايا التقدمية، مثل التأمين الصحي والتعليم الجامعي المجاني ورفع الحد الأدنى للأجور والإصلاح البيئي.

فلويد والفلسطينيون

وقد أصبحت التشابهات بين انتهاكات الشرطة واعتداءاتها الخطيرة في أمريكا فيما يتعلق باستهداف الأمريكيين من أصول إفريقية وآلة الحكم العسكري الإسرائيلية التي تفتك بالفلسطينيين، الممولة بدرجة كبيرة من دافعي الضرائب الأمريكيين، أوضح من أي وقت مضى في منظور هذا الجيل الجديد ورؤيته للواقع.

وعلى خلاف ما كان يحدث في الماضي، حيث كان بإمكان الموالين لإسرائيل فرض سلطتهم ونفوذهم واستخدام ثرواتهم لضمان حرمان هذه الأصوات من المناصب العليا، أو طردهم من وظائفهم الإعلامية، أو تهميشهم مهنياً بطرق أخرى، فإن الواقع الآن أن هذه الأصوات المتنوعة والناقدة غدت أكثر وأقوى من أن تُسحق بسهولة، بحسب سارة ليا ويتسون.

الرفض الأمريكي للعنصرية كان له تأثير على الموقف تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

ومع ذلك، فإنه مما لا شك فيه أن المدافعين عن سياسات إسرائيل لا تزال أصواتهم أقوى بكثير من الأصوات المعارضة، ولهذا السبب تتبادر الخشية حيال التغطية الإعلامية الشجاعة للإعلاميين في شبكة MSNBC، مثل أيمن محيي الدين ومهدي حسن، اللذين قدما تغطية إخبارية تلفزيونية وتحليلات مختلفة للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية إلى مشاهد أمريكي لم يعرفها من قبل، إذ قد يتعرض هؤلاء للإقصاء أو التهميش من رؤساء هذه المؤسسات الإعلامية.

كما بدا ذلك واضحاَ في قصة الصحيفة الأمريكية اليهودية  الشابة، إميلي وايلدر (22 سنة)، التي طردتها وكالة Associated Press مؤخراً، بعد أن تعرض مكتب الوكالة للقصف في غزة، وذلك بسبب نشاط سابق لها مؤيد للفلسطينيين.

وبعد الواقعة أعرب صحفيون بارزون عن معارضتهم لقرار الوكالة.

وتنتقد سارة ليا ويتسون كذلك إصرار المؤسسات الداعمة لإسرائيل على وصم كل ناقد لسياساتها بأنه معادٍ للسامية، ومواصلة المعسكر المؤيد لإسرائيل وحلفائه في وزارة الدفاع الأمريكية هيمنتهم على كل من الكونغرس والسلطة التنفيذية من خلال حجم التبرعات الذي لا مثيل له للسياسيين الموالين والضغوط المكرَّسة لضمان استمرار الدعم العسكري لإسرائيل في التشريعات القانونية الأمريكية.

المجتمع الأمريكي يركز على العدالة العرقية، فهل يواصل تبرير النموذج الإسرائيلي؟

يخلص المقال إلى أنه، ورغم الصعوبات البارزة في الطريق، فإنه من الصعب حقاً، في ظل مجتمع أمريكي بات يركِّز بشدة على العدالة العرقية، أن يستمر في هذا المجتمع تبريرُ الدعم لدولة قائمة على سياسات إثنية قومية تميِّز مجموعة عرقية على أخرى في مجتمع محكوم بالتنوع والاختلاط بين أعراق وديانات مختلفة.

وقال جون زغبي لـ "بي بي سي" إن "هناك قاعدة سكانية غير بيضاء، خاصة بين الديمقراطيين، وهم يشعرون بحساسية شديدة تجاه ما تلقاه المجتمعات غير البيضاء الأخرى. هم يرون إسرائيل كمعتدٍ".

وأضاف أن هذه المجتمعات غير البيضاء لا تعرف شيئاً عن تاريخ إسرائيل والمحن السابقة، "هم يعرفون ما يجري منذ الانتفاضة، والحروب المختلفة، والقصف غير المتكافئ، والمدنيين الأبرياء الذين قُتلوا".

ويلفت المقال إلى التراجع الأخير لمرشح الحزب الديمقراطي لرئاسة بلدية نيويورك، أندرو يانغ، عن تصريحاته المنحازة في تأييدها لإسرائيل، وتعهده بنهج أكثر توازناً يعترف بالحقوق الإنسانية للفلسطينيين، وكل ذلك رغم العدد الكبير من الناخبين الأمريكيين اليهود في ولايته.

وفي الختام، يشير المقال إلى أن القوة الحقيقة فيما يتعلق بالتعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم تنتقل بعد إلى حيازة الجمهور، لكن التغيير الأخير فيما يتعلق بالمشاعر الأمريكية حيال العلاقات مع إسرائيل، يكشف عن أن الفجوة القائمة بين سياسات الحكومة الأمريكية حيال إسرائيل -والفلسطينيين- وما يعتقد الشعب الأمريكي أنه سياسات عادلة حقاً، قد بات يتحول إلى تصدعٍ عميق قد يخلق فرصاً لإحداث تغيير سياسي حقيقي.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي