اعتلال الشبكية السكري..تلف بصري مفاجئ وخطر

2021-05-16

تحقيق: راندا جرجس

يتسبب داء السكري في العديد من المشكلات المرضية ذات التأثيرات المتعددة التي تؤثر سلباً في وظائف أجهزة الجسم المختلفة، وكلما طالت فترة المرض وعدم إدارته بشكل جيد، زادت نسبة المخاطر والتعرض للاضطرابات المرضية العينية، ومنها الإصابة باعتلال الشبكية السكري الذي يستهدف 1 من كل 11 شخصاً مريضاً بداء السكري، ويؤدي إلى مضاعفات خطرة يمكن أن تصل إلى فقدان الرؤية، وفي السطور القادمة يحدثنا الخبراء والاختصاصيون عن هذا الموضوع تفصيلاً.

يقول الدكتور سالم ظفر جراح الشبكية والجسم الزجاجي إن الاعتلال الناجم عن الإصابة بمرض السكري يتسبب في تلف الأوعية الدموية وانتفاخ وتورم تسرب السوائل في شبكية العين، وينتج عنه حدوث الوذمة البقعية وعدم وضوح الرؤية، وبالتالي صعوبة القراءة والقيادة، وفي مراحل متقدمة يمكن أن يتعرض المريض لنمو أوعية دموية جديدة غير طبيعية على سطح الشبكية، ما يؤدي إلى نزيف بسيط في العين، وظهور بقع تطفو في المجال البصري، وتجدر الإشارة إلى أن اعتلال الشبكية السكري لا تصاحبه علامات إنذار مبكر، حتى يحدث فقدان بصري مفاجئ للشخص بسبب النزف الزجاجي.

وسائل التشخيص

يوضح د.سالم أن الكشف عن اعتلال الشبكية السكري يتم عن طريق فحص العين التوسعي، ويسهم التصوير المقطعي بالتماسك البصري، وتصوير الأوعية الدموية للقاع، في تحديد مدى وأبعاد اعتلال الشبكية ووضع خطة العلاج، كما تستخدم موجات ضوئية للحصول على صور مقطعية عالية الدقة لشبكية العين، أما تقييم الوذمة البقعية، فيتم عن طريق فحص الدورة الدموية في شبكية العين باستخدام صبغة الفلورسنت وكاميرا متخصصة، والكشف عن الأوعية الدموية الجديدة، ومدى التسرب، ونقص التروية.

انتشار متزايد

يذكر د.سالم أن اعتلال الشبكية يستهدف شخصاً واحداً من كل 11 من البالغين المصابين بداء السكري، بمعدل 463 مليون شخص تقريباً في جميع أنحاء العالم، وتعود أسباب الانتشار المتزايد لهذا المرض إلى مزيج من نمط الحياة مرتفع السعرات الحرارية وقليل النشاط، إضافة إلى القابلية الوراثية، ويزداد الخطر مع تقدم العمر، ومدة الإصابة بالسكري، وضعف التحكم في إدارته بشكل سليم، وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، وفترة الحمل، والتدخين، اعتلال الكلي، ولذلك ننصح هؤلاء المرضى بالمتابعة الدورية وعمل فحوص الشبكية بشكل منتظم.

أسباب مختلفة

الدكتور محمود ياسين أخصائي طب وجراحة العيون يقول: إن اعتلال الشبكية يعد أحد المضاعفات الأكثر شيوعاً بين مرضى السكرى، والتي تؤثر سلباً في الأشخاص المصابين بالنمط الأول أو الثاني، كما يعتبر إهمال المتابعة وعدم إدارة المرض بشكل سليم والإصابة لسنوات طويلة أحد الأسباب الرئيسية في تلف الشبكية، وينجم عنه تسرب جدار الأوعية الدموية الموجودة في هذه المنطقة، ما يؤدي إلى نزيف دموي وتراكم شحمي في طبقات مختلفة من أنابيب الريتينا التي تسببها الأوعية.

وتجدر الإشارة إلى أن علاج اعتلال الشبكية في المراحل المبكرة يحد من ظهور المضاعفات وتطورها، ويحقق نتائج ناجحة من دون اللجوء للتدخل الجراحي، أن تكون الحقن حلاً مناسباً لهؤلاء المرضى، ويمكن إصلاح مشاكل الرؤية.

إصابة المواليد

يبين د.محمود أن هناك نوعاً مختلفاً من اعتلال الشبكية يمكن أن يؤثر في المواليد الجدد قبل إتمام ال 9 شهور، أو يكون وزنهم أقل من الطبيعي، ويطلق عليه «اضطراب الشبكية قبل الولادة»، ويرجع ذلك إلى وجود خلل وعدم تطور أوعية الدم ونموها بشكل سليم على سطح ريتينا عند هؤلاء الأطفال، ما يؤدي إلى مضاعفات متعددة وخطرة يمكن أن تنتهي بفقدان البصر.

ولذلك يجب أن يتم فحص العين والشبكية لحديثي الولادة، حتى يتم اكتشاف وجود أي علامات مبكرة للاحتقان، ومتابعة الصغار المصابين على فترات منتظمة حتى عمر 5 سنوات؛ حيث إن البعض منهم قد يتعرض للإصابة بقصر النظر في وقت لاحق.

مضاعفات ومخاطر

يذكر الدكتور محيت جين أخصائي طب وجراحة العيون أن أعماق العين توجد بها طبقة رقيقة حساسة للضوء تسمى «الشبكية» وهي تتكون من العديد من الأوعية الدموية الدقيقة، وتتضرر هذه الأوعية ويحدث لها انسداد عند الإصابة بداء السكري، وربما تتسرب السوائل الموجودة في الأوعية التالفة إلى أنسجة الشبكية، ما يؤثر في وضوح الرؤية، ويشار إلى هذه الحالة باسم «الوذمة البقعية السكرية»، وتعتبر أيضاً من الأسباب الأكثر شيوعاً لضعف البصر في سن الشباب.

ويضيف: تصبح الأوعية الدموية المرتبطة بالسكري ضعيفة جداً وتنزف تلقائياً، وتُعرف هذه الحالة ب «النزف الزجاجي»، ويمكن أن تتسبب في حدوث تندب وتقلص وتشويه للشبكية، ما يؤدي إلى انفصالها أو فقدان دائم للرؤية.

فئة مستهدفة

يبين د.محيت أن الإصابة بداء السكرى لفترة طويل وعدم الالتزام بتناول الأدوية الموصوفة والنظام الغذائي الغير صحي يؤديان إلى ضعف التحكم في نسبة السكر في الدم، والتي تعد أهم عوامل الخطر التي تؤدي إلى اعتلال الشبكية السكري، كما تزيد فرص الإصابة للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، واعتلال الكلى، وأمراض القلب والشريان التاجي، الاعتلال العصبي، ومشكلات الأوعية الدموية الطرفية.

علاجات حديثة

يلفت د.محيت إلى أن التخثير الضوئي بالليزر هو العلاج الأفضل لمرضى اعتلال الشبكية السكري؛ حيث إن الليزر يسهم في توقف تطور المرض ويسيطر على الوذمة البقعية السكري، وشهدت السنوات الأخيرة تطوير العلاج الجزيئي المستهدف لهذا المرض، في شكل أجسام مضادة ضد عامل نمو بطانة الأوعية الدموية، الذي يعد أحد أهم المحفزات فعالية لمضاعفات الشبكية المتعلقة بمرض السكري، ويتم هذا الإجراء من خلال إعطاء الأجسام المضادة عن طريق الحقن المباشر داخل العين.

تدخل جراحي

يشير د.محيت إلى أن التدخل الجراحي يعد من أهم الإجراءات المطلوبة للمراحل المتقدمة من اعتلال الشبكية السكري، وهناك أنظمة متطورة لاستئصال الزجاجية الدقيقة، التي تتم من خلال أحدث المجاهر الجراحية التي تعمل بتقنيات فاعلة ونظام رؤية جراحي واسع الزاوية؛ حيث تتضمن أدوات حديثة ودقيقة وصغيرة، بحيث لا تكون الغرز مطلوبة لإغلاق الجرح، وتُمكن من إجراء تشريح جراحي أكثر كفاءة، ويستطيع الطبيب المختص التحكم في المناورات الجراحية، ويكون هناك حد أدنى من الألم والالتهاب بعد العملية الجراحية والتعافي بشكل أسرع.

معدل الشفاء

يؤكد د.محيت أن التحكم الصارم في إدارة مرض السكري وضغط الدم يقلل من فرص الإصابة باعتلال الشبكية، ويمكن السيطرة على فقدان الرؤية المتعلق بالوذمة البقعية السكرية بشكل فعّال عن طريق الاستخدام في الوقت المناسب لحقن الأجسام المضادة، والليزر الشبكي.

كما تكون النتائج الجراحية مشجعة للغاية مع أنظمة العمليات الحديثة والمتقدمة، كما يمنع الكشف المبكر للإصابة باعتلال الشبكية السكري المرتبط بالعمى الدائم، ويجب التنويه إلى أن هذا المرض يحتاج إلى إشراف ورعاية مدى الحياة؛ حيث إن المتابعة المنتظمة تسهم في الحصول على نتائج فاعلة للعلاج.

اعتلال العصب البصري الإقفاري

يستهدف مرض اعتلال العصب البصري الإقفاري الأشخاص بعد عمر الخمسين ولكنة أكثر شيوعاً بعد ال70 عاماً، ويحدث نتيجة انقطاع التروية الدموية عن جزء من العصب البصري في العين، ما يؤدي إلى خلل في وظائف الخلايا المسئولة عن العصب، وبالتالي فقدان البصر، وتزيد احتمالات الإصابة لدى المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، وتصلب الشرايين، والمدخنين، ويصاحب هذه المشكلة بعض الأعراض كالتدهور الشديد المفاجئ في جودة الرؤية، نتيجة تلف بطانة الأوعية الدموية، ما يؤذي الألياف العصبية البصرية.

وتعتمد خطة العلاج على السيطرة على المشكلات المرضية التي يعانى منها المصاب، وربما تسهم العدسات المكبرة، والأجهزة المساعدة لضعف البصر في حالات فقدان الرؤية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي