أغرب من الخيال: طرق الصيد والتزاوج لدى أسماك الشص تفوق الوصف

متابعات الامة برس:
2021-05-11

أسماك الشص

عمرو شكر: في عام 1833، جُرِفت سمكة كروية إلى الشاطئ في غرينلاند، وتم أخذها إلى أستاذ علم الحيوان يوهانس راينهارد في كوبنهاغن، بالدانمارك.

هذه السمكة التي عُرفت لاحقًا باسم سمكة كرة القدم، أو هيمانتلفس غرونلاندكس، كانت أول "سمكة شص" معروفة للعلم، كما كتب ثيودور بيتش، عالم النظاميات الحيوية والتطور الحيوي، في كتابه "أوشانيك أنغلرفشس" (Oceanic Anglerfishes) (مطبعة جامعة كاليفورنيا، 2009).

تنوع هائل

اليوم هناك حوالي 170 نوعا معروفا من أسماك الشص، تندرج تحت 12 عائلة، ويوجد "تنوع هائل" داخل تلك العائلات، كما قالت ماكنزي جرنجر، أستاذة علم الأحياء في جامعة ولاية نيويورك في جنسيو (SUNY Geneseo)، والمتخصصة في أسماك أعماق البحار لموقع لايف ساينس Live Science.

ولكن رغم وجود هذه الأسماك حول العالم، فإنها مخلوقات منعزلة من الصعب رصدها -بالنسبة لأسماك تعيش على أعماق تتراوح من 300 إلى 5 آلاف متر تحت سطح الماء- لذا ما زلنا نكتشف أنواعا جديدة، كل واحدة أكثر غرابة من سابقتها.

لكن بغض النظر عن شكلها، فإن أي سمكة شص تعتبر أسوأ كابوس للمخلوقات الصغيرة التي تعيش في أعماق المحيط.

وقد تم تسمية "سمك الشص" نسبة للطعم المتوهج الذي تستخدمه لجذب الأسماك والقشريات التي تتغذى عليها، حيث يتربص هؤلاء الصيادون المخيفون بهدوء في أعماق المحيط، فهم -كما قالت جرينجر- كائنات مفترسة تنصب الكمائن.

تقبع وتنتظر في الظلام حتى تقترب الفريسة، ثم بعد ذلك، يستخدمون "الشص أو الصنارة" (وهي زائدة في مقدمة الرأس) لجذب الفريسة سيئة الحظ؛ فيحركون الطعم، ويخفونه، ثم يظهرونه لجذب الفريسة حتى تقترب منهم بدرجة كافية لالتهامها.

توضح هذه الإستراتيجية المتبعة للاصطياد السبب وراء شكل أسماك الشص، نظرا لأنها لا تتحرك لتصطاد، فهي لم تتطور لتصبح سريعة الحركة، وهذا هو السبب في أن العديد منها عبارة عن أشكال منتفخة وغير انسيابية، حتى أن ناشيونال جيوغرافيك National Geographic قالت عن سمكة الشص إنها "قد تكون أبشع حيوان على هذا الكوكب".

الطعم المضيء والأسنان

يمكن رؤية توهج طعم أسماك الشص في أعماق المحيط على بعد نصف ميل (0.8 كيلومتر)، وذلك بفضل البكتيريا المضيئة Luminescent bacteria الموجودة في طعم الأسماك.

حيث يحتوي الطعم في طرفه -الذي يُطلق عليه أيضًا اسم إسكا "esca"- على مسام مصممة لاستضافة هذه البكتيريا، التي لا يمكن للعديد منها العيش في أي مكان آخر، والعديد منها مميز لأنواع من أسماك الشص.

ومع ذلك، فإن تنوُّع أسماك الشص ليس محدودا بالطعم المتوهج فقط، فبعض الأنواع مثل فيلورينكثس بلشكيني Phyllorhinichthys balushkini لديها زوائد ضوئية واضحة تتدلى من أجسادها كالألياف البصرية البيولوجية.

والبعض الآخر مثل كريبتوسارس كويسي Cryptopsaras couesii، لديها بقع متوهجة على ظهورها تسمى اللحميات، وبعضها مثل ثوماتكثس Thaumatichthys genus، لديه طعم على سقف الفك العلوي.

وبمجرد أن تجذب السمكة فريستها فإنها لن تدعها تفلت، فوفقًا لكارلي كووين، طالبة الدكتوراة التي تدرس الميكانيكا الحيوية لأسنان الأسماك في جامعة واشنطن (University of Washington)، فإن معظم الحيوانات تمتلك أسنانًا مثبتة بشدة في فكّيها، ولكن سمكة الشص تمثل استثناء ملحوظا؛ فبعض أسنانها الشبيهة بالأنياب "قابلة للطي" أو قادرة على الانثناء عند الضغط عليها.

تقول كووين للايف ساينس "قد تكون وظيفة الأسنان مشابهة للمسننات في مرآب للسيارات، فمن السهل على الفريسة أن تدخل في فمها، ولكن من الصعب عليها الخروج".

أغرب طريقة للتكاثر

تمتلك العديد من أنواع أسماك الشص واحدة من أغرب إستراتيجيات التكاثر على هذا الكوكب، فالذكور هم عبارة عن طفيليات، ونحن لا نقول هذا مجازا.

تقول جرنجر إنه في العديد من أنواع أسماك الشص، غالبا ما يكون الذكور أصغر بـ10 مرات من الإناث، وليس لديهم وظيفة أخرى سوى التكاثر، ويستخدمون أعضاء متطورة لتعقب الإناث، وعندما يجدون واحدة، فإنهم يتشبثون بها بأسنانهم.

ووفقًا لكووين، فإن بعض ذكور أسماك الصنارة تنمو لديهم أسنان خطافية أمام أفواههم للتشبث بالإناث؛ وتبحث كووين عما إذا كانت هذه الأسنان أسنانًا حقيقية أم نوعًا من الأسنان البدائية تسمى أودونتود (الأسنان الجلدية)، ثم يفرز الذكور إنزيمًا يذيب جلد فمها للاندماج مع جسد الأنثى، فيصبح الذكر معتمدا كليًا على الأنثى في المواد المغذية؛ وتلتحم الدورة الدموية بحيث يتشاركان الدم نفسه.

الالتصاق الذي يحدث يشبه زراعة الأعضاء، حيث يصبح الذكور فعليا جزءًا من جسد الأنثى، وقد كشف بحث نُشر في دورية ساينس Science في عام 2020 كيف تنجح أسماك الشص في هذه العملية الفذة.

فهي تفتقر إلى الجينات لإنتاج معظم المواد التي قد تهاجم الأنسجة الغريبة، بالإضافة إلى أنها تحتوي على القليل من الخلايا التائية والأجسام المضادة أو لا تحتوي على أي منها.

 

أسماك الشص

وقال المؤلف المشارك في الدراسة، الدكتور توماس بوويم، في بيان صحفي يصف الدراسة، إن هذا النقص في الجهاز المناعي من المؤكد أن يتسبب في وفاة إنسان، لكن هذا ما تحتاجه أسماك الشص لإجراء هذا التكاثر الغريب القائم على التطفل الجنسي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي