هآرتس: هبة المقدسيين.. استيقاظ الوسط العربي ورسائل محرجة للأحزاب

2021-05-09

الاحتجاجات المتزايدة في القدس، سواء في المسجد الأقصى أو حي الشيخ جراح، ليست مجرد حدث عابر أو نزوة لشباب فلسطينيين للإخلال بالنظام على خلفية نزاع عقاري، مثلما تحاول الشرطة طرح ذلك. عملياً، بدون علاقة بالإجراءات القانونية والعملية البيروقراطية التي تجري حول ملكية البيوت، اعتبر الحدث في أوساط الفلسطينيين كحدث كلاسيكي لطرد عائلات فلسطينية من بيوتها – ولا يقبل في أي مرحلة رواية إسرائيل الموازية القائلة بأن للمستوطنين اليهود حقوقاً وملكية على الأرض.

انضم المجتمع العربي في إسرائيل إلى الصراع هذه المرة، وكان يظهر منذ سنوات عدم مبالاة تجاه القضية الوطنية ويركز على شؤون مثل الأمن الشخصي وكسب الرزق. استيقظ المواطنون العرب إزاء الصور الواردة من الشيخ جراح ومنطقة باب العامود في بداية شهر رمضان. ما حدث في نهاية الأسبوع زاد الغضب. الخليط الناتج عن الاحتجاجات في الشيخ جراح والمواجهات التي جرت في المسجد الأقصى في ليلة القدر، الليلة الأكثر قدسية في شهر رمضان، لا يمكن أن يؤدي إلى الهدوء. ابتعدت التهدئة أكثر عند قدوم مئات رجال الشرطة المسلحين، ووضع الحواجز والتعليمات غير المنطقية في منطقة من أكثر المناطق حساسية وتفجراً. ثمة عنصر حاسم في الاحتجاج، وهو الحركة الشعبية التي ترتكز على الجيل الشاب الذي لا ينتظر القيادة السياسية، سواء في السلطة الفلسطينية أو في المجتمع العربي في إسرائيل أو في قطاع غزة. مؤخراً، نشر أن حماس تحاول تحريك الاحتجاج. ولكن عملياً، السيطرة على الأحداث لا ترتبط بقيادة الحركة، بل العكس، القوة المحركة من خلف الأحداث هي الحركة الشعبية والتنظيم المحلي للعائلات. كل من تبقوا – بدءاً من جهات السلطة في رام الله وقيادة حماس في القطاع أو في الخارج وكذلك قيادة الجمهور العربي – انضموا كمشجعين ومتضامنين، لكنها بعيدة عن أن تحدد النغمة أو المزاج. والحال مثله من ناحية حكومة إسرائيل، لا يوجد أي عنوان أو أي شخص يمكن إجراء حوار سياسي معه حول الوضع. الدليل على ذلك كان يمكن رؤيته أمس في الشارع رقم واحد، حيث قامت الشرطة بإغلاق المحور المؤدي إلى القدس، لكن سرعان ما أدركوا أن محادثة مع رئيس لجنة المتابعة ومع رؤساء القائمة المشتركة، وبالتأكيد مع رئيس “راعم”، لا لزوم لها. وأدركت شرطة إسرائيل أن من يقرر على الأرض هم مئات الشباب الذين أغلقوا الشارع، وليس القيادة السياسية.

الأحداث في نهاية الأسبوع وضعت علامات تحذير للأحزاب العربية. فقد وضعوا المسألة الوطنية في مقدمة المنصة مرة أخرى بعد سنوات ابتعد خلالها ممثلو الجمهور العربي عن المسائل الوطنية وركزوا على المسائل الاجتماعية. أعضاء الكنيست العرب وجدوا أنفسهم الآن في قلب مسألة وطنية من الدرجة الأولى، لكن تأثيرهم على اتخاذ القرارات معدوم. ومنصور عباس، الذي وصل حتى الحاخام دروكمان في محاولة لشرعنة حكومة برئاسة نتنياهو، وجد نفسه في حالة دفاع أمام جمهوره. والقائمة المشتركة التي أوصى خمسة من بين أعضائها الستة بلبيد في الأسبوع الماضي، واجهوا أمس تغريدة له تدعم قوات الأمن. وإذا كانت الأحزاب قد عاشت الشعور بأن مصير حكومات إسرائيل بأيديهم، فقد أدركوا في الأيام الأخيرة بأن تأثيرهم يتبدد عند مواجهة المصالح الوطنية – اليهودية.

 

بقلم: جاكي خوري

 هآرتس 9/5/2021







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي