
روما ـ من أسماء عايد
رغم أنَّ إيطاليا تحتضن دولة الفاتيكان التي تمثل الكنيسة الكاثوليكية إلا أن الإسلام ليس غريباً على إيطاليا؛ فقد خضع بعضٌ منها ذات مرة للسيادة الإسلامية؛ حيث كانت جزيرة "صقلية" تابعةً للدولة الإسلامية في فترة من فترات التاريخ الإسلامي الباهر، ومنها خرج الشاعر والمفكِّر "ابن حمديس الصقلي"، وفي عصرنا الحديث استمر التواصل عن طريق اختلاط المسلمين المهاجرين مع أهل ايطاليا الأصليين.
فقد برزت الجالية الإسلامية في إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية عندما هاجر إليها بعض المسلمين من أوروبا الشرقية، ثم أتت هجرات إسلامية من المناطق الإسلامية التي خضعت للاستعمار الإيطالي في إفريقيا، وهاجر إليها بعض العمال المسلمين من تونس، ويضاف إلى هذا اعتناق بعض الإيطاليين للإسلام.
كما يوجد في إيطاليا أعداد كبيرة من الطلاب المسلمين الذين يدرسون بالجامعات الإيطالية، ويقدر عدد المسلمين في إيطاليا حالياً حوالي 500 ألف مسلم.
مسلمو إيطاليا في شهر رمضان
استقبلت البلدان الإسلامية شهر رمضان بتحضير أطيب الأكلات وتبادل التهاني بين الناس.
لكن هذه الاستعدادات الرمضانية تختلف لدى المسلمين في ايطاليا وتأخذ طابعاً خاصاً تتداخل فيها المشاعر والأجواء فغياب الطقوس التي تطبع الشهر يعتبر أصعب شيء يواجههم!
غير ان الإقبال على حضورِ الدروس الدينية التي تنظمها المراكز الإسلامية في المساجد الإيطالية اضافة الى ان المسلم المقيم في ايطاليا يعتبر الشهر الكريم مناسبةً عظيمةً لتقويةِ الروابط بين المسلمين وبين أبناء الأسرة الواحدة.
وللاقتراب أكثر من مشاعر المسلمين؛ ذهبت الى أول مؤسسة اسلامية قامت على التراب الايطالي والتي تعتبر الأم لباقي المراكز الاسلامية في شمال ايطاليا..الا وهو المركز الاسلامي في ميلانو، والتقيت بمدير المركز د.علي أبو شامة.
وافتتح حديثه قائلاً "يعتبر المركز نقطة التجمع للجالية الاسلامية حيث تقام الصلوات اليومية وصلاة الجمعة والعديد من الندوات وحلقات التفسير وتعليم القرءان واللغة العربية للأطفال اضافة الى ان للمركز مجلة شهرية تصدر باللغة الايطالية، وبالمركز أيضاً تتم عقود الزواج واشهار الاسلام كما ينظم المركز نشاطات رياضية ومسابقة سنوية في كرة القدم".
ثم استطرد قائلاً "وشهر رمضان الفضيل له نشاطات خاصة فعلاوة على صلاة التروايح هناك افطار جماعي مجاني للرجال وللسيدات، وهناك حلقات الذكر وقراءة القرآن الكريم، كما يزورنا مشايخ من الأزهر الشريف ومن دول اسلامية مختلفة".
ثم ذهبت لعالم من علماء الدين الاسلامي في ايطاليا ويعد أول ايطالي اعتنق الاسلام وكان ذلك في عام 1973..روساريو باسكويني الشهير بالشيخ عبد الرحمن.
وعن شعوره في أول رمضان صامه؛ قال "أول صيام لي كان في عام 1977، وكنت سعيد الى درجة لا توصف خاصة بعد ان استشعرت أهمية رمضان في تعليم الصبر والاحسان الى الفقراء كما انه الشهر الذي أنزل فيه القرءان الكريم..اضافة الى انه جعلني أقلع عن التدخين فوراً والحمد لله..بحق لا أعرف كيف أشكر المولى عز وجل على انه هداني للاسلام وأصبحت واحداً من أفراد خير أمة أخرجت للناس".
ثم التقيت ببعض المسلمين من جنسيات مختلفة وكانت البداية مع بكار عبد الرازق (مصري من مدينة الفيوم ومقيم في ايطاليا من 3 سنوات) القائم على مكتبة عباد الرحمن التابعة للمركز الاسلامي "رمضان هنا يختلف ففي أغلب المدن الايطالية لا توجد مظاهر الاستعداد لاستقبال هذا الشهر، كما تشتاق مسامعي للاستماع قبيل المغرب لصوت القرآن القادم من المساجد حولي (كما هي الحال في البلدان الاسلامية)".
وعن مكتبة عباد الرحمن قال انها "ثرية بالكتب الاسلامية لكبار رجال الدين كما انها تحتوي على المصحف الشريف بلغات متعددة علاوة على البخور والأزياء الاسلامية وشرائط و سي ديهات متنوعة".
أما آمن (من كونت دي فوار ومقيم في ايطاليا من 10 سنوات) فيقول "ظروف العمل لا تسمح لنا خلال شهر رمضان بالإفطار جماعة، ما يجعل شهر رمضان لا يختلف كثيرا عن الأيام العادية في ايطاليا، لكني أحاول التواجد يوميا في المركز الاسلامي، والأهم من ذلك هو ان المحرمات هنا احيانا تكون على مرئ من العين في الشوارع والطرقات لكن بفضل قوة عقيدتي وحبي لله فأتجاوز كل هذا وأكثر".
ومن ناحيتها، ترى ريان (فتاة من مواليد ايطاليا لكنها من أصل عربي) "أن قضاء رمضان في ايطاليا صعب للغاية نظراً لتأخر موعد غروب الشمس الذي يقترب من التاسعة مساءً".
وتضيف في هذا الصدد صديقتها وسيلة قائلة "شهر رمضان الماضي ذهبنا في إجازة الى دبي وشعرت بالأجواء الرمضانية الساحرة كما شعرت بالتوحد الروحاني في السلوك حيث تغلق معظم مطاعم الاغذية في نهار رمضان..مما يلغي الرغبة في الأكل".
________________________________________________________
أسماء عايد: أديبة وصحفية ومحاورة مصرية مقيمة في ايطاليا