"تقرير" يتوقع أن تصل شدة المنافسة على النفوذ العالمي إلى أعلى مستوى منذ الحرب الباردة

2021-05-06

بعد كل انتخابات رئاسية، تصدر المخابرات الأميركية تقريرا عن حالة العالم وتقدم توقعاتها للعقدين المقبلين للرئيس الجديد، وقد حذرت في نسختها لعام 2009، من انتشار وباء فيروسي محتمل قد يظهر في الشرق الأقصى وينتشر كالنار في الهشيم عبر الكوكب.

أما في نسخة هذا العام، فتوقعت أن تصل شدة المنافسة على النفوذ العالمي إلى أعلى مستوى لها منذ الحرب الباردة، محذرة من تضافر عوامل لتغذية التوترات في المجتمعات المختلفة، ولخلق سياق جيوسياسي متضارب وغير مستقر، يتعين التعامل معه على مدار العقدين القادمين، وفقا لمجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية في تقرير لها بقلم لوك دي باروشيه.

وذكر الكاتب أن النسخة التي وجدها الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن على مكتبه، تشير إلى أن جائحة كوفيد-19 تسببت في "أكبر اضطراب عالمي منذ الحرب العالمية الثانية"، وأدت إلى تضخيم وتسريع تأثيرات الاضطرابات العميقة التي لم يواجه مثلها أي جيل من قبل في وقت السلم، كالثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي وهندسة الحياة والاحتباس الحراري وانخفاض معدلات المواليد.

وأوضح كاتب تقرير لوبوان أن كل هذه العوامل سيتعين على الناس التعامل معها على مدار العقدين القادمين.

ويتميز "العالم التالي" الذي طال انتظاره -كما يقول الكاتب- بأفراد متصلين للغاية بالإنترنت، ولكن في مجتمعات متصدعة وهويات هشة وضغوط غير مسبوقة على الهجرة وشيخوخة متسارعة وديون هائلة ونظام دولي مفكك، وفاعلين خصوصيين وحكوميين أقوياء، وثراء عام ولكن سيئ التوزيع، فضلا عن عولمة متواصلة بطريقة فوضوية، وتنافس متزايد بين الولايات المتحدة والصين.

الاحتباس الحراري

وتوقع تقرير وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" (CIA) أن يؤدي النمو السكاني والتحضر السريع وسوء إدارة الأراضي والموارد، على مدى العقدين المقبلين، إلى تفاقم آثار تغير المناخ في العديد من البلدان، لا سيما في الدول النامية، وخاصة المناطق التي لا تزال تعتمد على الزراعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا الوسطى وأجزاء من أميركا الجنوبية وجنوب آسيا وأستراليا، في حين أن بعض المناطق، مثل كندا وشمال أوروبا وروسيا يمكن أن تستفيد من ظاهرة الاحتباس الحراري بفضل إطالة مواسم النمو.

الذكاء الاصطناعي

وبحلول عام 2040 -كما يقول الكاتب- ستفيد تطبيقات الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع التقنيات الأخرى، كل جانب من جوانب الحياة تقريبا، كتحسين الرعاية الصحية والنقل بصورة أكثر أمانا وفعالية والتعليم المخصص، إضافة إلى تحسين برامج المهام اليومية وزيادة غلة المحاصيل.

ورغم أن العديد من تطورات الذكاء الاصطناعي ستكون متاحة في جميع أنحاء العالم، فإن الدول التي لديها وسائل لدعم وتطوير واعتماد هذا الذكاء منذ الآن ستتمتع بفوائده أكثر، غير أن الاعتماد الواسع على هذا الذكاء، وخاصة في الحرب، سيزيد من خطر إساءة الاستخدام المتعمد أو التصعيد أو الاشتباك غير المتعمد.

تحدي الحكومات

وتوقع تقرير المخابرات الأميركية أن تشهد العلاقات بين الدول وشعوبها في جميع مناطق العالم توترا مستمرا بسبب التباين المتزايد بين احتياجات أو توقعات السكان والإمدادات الممكنة أو المرغوبة من قبل الحكومات.

وفي العديد من البلدان، سيواجه السكان الذين زادت توقعاتهم بسبب الازدهار الماضي، توترات واضطرابات أكبر بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وآفاق التوظيف غير المؤكدة والانكماش الاقتصادي والتطور الديمغرافي، وهي ضغوط ستختبر قدرات الدول ومرونتها، وتستنزف الميزانيات وتجعل الحكم أكثر تعقيدا.

وفي السنوات القادمة، يرجح تقرير المخابرات الأميركية أن ينتشر التفاوت بين قدرات الحكومات وتوقعات المواطنين، مما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسي، وبالتالي "نتوقع أن نرى انقساما في المجتمع وزيادة في الشعبوية وموجات من النشاط والاحتجاج، وفي أقصى الحالات، عنفا وصراعات داخلية، بل وحتى انهيار بعض الدول".

تآكل الديمقراطية

وتوقعت سي آي إيه في تقريرها أن يستمر الاتجاه نحو تآكل الديمقراطية خلال العقد القادم، إن لم يكن لفترة أطول، مشيرة إلى أن شرعية الأنظمة الديمقراطية ستعتمد على المدى الطويل على شرطين عامين، هما الحفاظ على عملية سياسية عادلة وشاملة ومنصفة، والحصول على نتائج إيجابية للسكان.

كما أن الاستجابة للمخاوف العامة المتعلقة بالفساد واحتكار النخب وعدم المساواة، يمكن أن تساعد في استعادة ثقة الجمهور وتعزيز الشرعية المؤسسية، بالإضافة إلى أن توفير خدمات فعالة واستقرارا اقتصاديا وأمنا شخصيا، التي كانت دائما مزايا تاريخية للديمقراطيات، ستزيد من رضا الجمهور.

أنظمة استبدادية ضعيفة

وستواجه الأنظمة الاستبدادية، وفقا للتقرير، المخاطر ذاتها التي تواجهها الديمقراطيات، وسيكون التكيف معها صعبا، مما يزيد احتمال حدوث تغيير مفاجئ وعنيف للحكومات بعد فترة من الاستقرار الظاهري.

ورغم أن الأنظمة الاستبدادية، من الصين إلى الشرق الأوسط، أبدت مقاومة، فإن نقاط ضعف بنيوية كبيرة لا تزال تلازمها، كانتشار الفساد والاعتماد المفرط على المواد الأولية، حسب المصدر نفسه.

من المحتمل أن تسعى جيوش القوى العظمى إلى تجنب الصراعات الشديدة والحروب الشاملة، بسبب تكلفتها الباهظة في الموارد والأرواح البشرية، إلا أن احتمال اندلاعها بسبب سوء التقدير أو رفض التنازل عن القضايا الأساسية يبقى قائما.

فوضى دولية

وتوقع تقرير المخابرات الأميركية على مدى العقدين المقبلين، أن تصل شدة المنافسة على النفوذ العالمي إلى أعلى مستوى لها منذ الحرب الباردة، وأن يزداد خطر الصراع بين الدول بسبب التقدم التكنولوجي والتوسع في عدد الأهداف، والتنوع الأوسع للجهات الفاعلة وديناميكية الردع.

ومن المحتمل أن تسعى جيوش القوى العظمى إلى تجنب الصراعات الشديدة والحروب الشاملة، بسبب تكلفتها الباهظة في الموارد والأرواح البشرية، إلا أن احتمال اندلاعها بسبب سوء التقدير أو رفض التنازل عن القضايا الأساسية يبقى قائما.

الإرهاب لديه مستقبل

ويرى التقرير أن النزاعات الإقليمية والداخلية والضغوط الديمغرافية والتدهور البيئي وتآكل الديمقراطية، ستؤدي إلى تفاقم التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي مظالم يستغلها الإرهابيون لكسب المؤيدين والملاذات والتدريب والتآمر.

ويختتم التقرير الاستخباري الأميركي بأنه من المرجح أن تشكل الجماعات الجهادية العالمية أقوى التهديدات العابرة للحدود، مستفيدة من أيديولوجية متماسكة وهياكل تنظيمية قوية، وقدرة على استغلال الأراضي الشاسعة غير الخاضعة للحكم، خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، إضافة إلى أن التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والتواصل، ستوفر للإرهابيين إمكانية تنفيذ هجمات واسعة النطاق من خلال تطوير أساليب جديدة للهجوم عن بعد والتعاون خارج الحدود.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي