"الحكم الذاتي هو المذنب".. هآرتس: إسرائيل تحت حكم الأصوليين والمستوطنين

2021-05-04

“الحكم الذاتي الأصولي هو المذنب”، يقول الجميع. وهو حقاً مذنب. من أوجده ورعاه هم حاخامات الجمهور المتدين وأعضاء الكنيست التابعين له، هم المذنبون لأنه بسبب طمعهم وتعاليهم وغطرستهم أوجدوا مجتمعاً منفصلاً، شعاره هو “أنا المهم وغيري لا شيء”. مجتمع يستغل بصورة فظة وأنانية وزنه الانتخابي للانفصال عن الجمهور، والتحرر من نير القانون والعدالة، والاستلقاء على شرايين الدولة كثقل. بطبيعة الحال، جماعة كلها قداسة وسمو روحي وتنظر باحتقار إلى شؤون الدنيا التافهة والمزعجة مثل السلامة وأنظمة البناء ومسارات الهرب… جماعة مقدسة بهذا القدر قد تنتج هذه الكومة المراوغة والقبيحة التي قتلت للتو 45 شخصاً.

ومن يرعون الحكم الذاتي الأصولي – حكومات إسرائيل على مر أجيالها، تتحمل قدر غير قليل من الذنب: بسبب استغلالها الحكم الذاتي الأصولي لتدفع قدماً بنزواتها والإبقاء على الحكم، وبسبب استثمارها أموالاً طائلة في شراء هذه المقاعد المريحة، المستعدة للمشاركة في أي مؤامرة مقابل هدايا نقدية أو على شكل تشريعات، ولأنها لم تلاحظ أنها باستجابتها لأي نزوة أصولية تقوم بتريبة وحش سينتفض ضد خالقه، وحتماً سيخلق محميات من الفقر والجهل والأصولية والشوفينية، وبسبب سماحها للحكم الذاتي الأصولي بالتطور والازدهار إلى أن أصبح دولة داخل دولة، وأصبحت صيانتها باهظة الثمن بشكل مروع، وفائدتها ضئيلة تصل إلى حد العار، وأضرارها كبيرة تصل إلى درجة الاكتئاب.

الحكم الذاتي الأصولي ليس هو الحكم الذاتي الوحيد الذي يرضع من ثدي الدولة الأم. وأسوأ منها، وأغلى منها وأكثر ضرراً منها، هو الحكم الذاتي للمستوطنين. “مشروع الاستيطان” كما تسميه مصادره. فهؤلاء أيضاً، حتى أكثر من الأصوليين، طماعون ومتغطرسون ومتكبرون وأنانيون. هم كذلك متحررون من نير القانون، يطورون خطايا دينية وهلوسات مسيحانية، وتستثمر فيهم أموال طائلة لتمويل صيانتهم والحفاظ عليهم. وخلافاً للحكم الذاتي الأصولي، تراهم ينثرون العنف والكراهية، الدم والنار، الزعرنة والعنصرية، الكذب والخداع والشر غير المفهوم. هم وحش آخذ في التضخم، لكن لا حاجة إلى الانتظار كي ينتفض على من أوجدوه، فقد انتفض حقاً.

في الحقيقة، يمكن القول بأن الأصوليين والمستوطنين هوايات غريبة تبنتها دولة إسرائيل. ما هي الهواية؟ الهواية هي الانشغال الذي لا ضرورة له ولا فائدة أو جدوى ولا يحمل أي منطق، مثل كتابة التوراة على بيضة بومة وجمع أغلفة العلكة وبناء نموذج للهيكل من رقائق “الكورن فليكس” أو تربية دودة القز على الشرفة.

اختارت دولة إسرائيل تربية عدد من الأحكام الذاتية، التي ليس لها أي حاجة وليس فيها أي فائدة، وليس فيها أي نفع أو منطق. وكل ما فيها نفقات ومشاكل. هل يوجد وصف أكثر دقة من هذا الوصف للهواية؟ هل يوجد وصف أكثر دقة للأصوليين والمستوطنين؟ الجواب لا.

ماذا يشبه هذا الأمر؟ يشبه شخصاً بائساً وأحمق اختار تبديد ثروته وقوته وذهنه على تطوير مستعمرتي نمل أبيض في ساحة بيته الخلفية، وعندما اكتشف أن حيواناته الأليفة أكلت أساسات بيته وهدمت السقف فوق رأسه، سيبدو مندهشاً دون أن يدرك الخطأ.

 

بقلم: ب. ميخائيل

هآرتس 4/5/2021







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي