نيويورك تايمز: ما الذي يتطلبه توفير لقاح كورونا للعالم أجمع؟

2021-05-04

لئن كانت لعبة كسر العظم بين القوى الدولية الكبرى تفسر إلى حد كبير ما يوجد من حيف في توزيع لقاح كوفيد-19 عبر العالم، فإن ثمة سببا آخر لنقص هذا اللقاح، وهو أن صنعه بالجرعات الكافية يمثل تحديا غير مسبوق للعالم، فما الذي ينبغي إذن فعله لتذليل الصعاب وتوفير اللقاح لجميع سكان العالم؟

سؤال حاول الكاتب ريتشارد بيريز بينيا الإجابة عليه في تقرير له بصحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) الأميركية، اعتبر في بدايته أن تمكن أكثر من 600 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من تلقي لقاح كوفيد-19، كليا أو جزئيًا، هو إنجاز مذهل في ظل التحديات الهائلة لتحقيقه، لكنه يعني كذلك أن أكثر من 7 مليارات إنسان لم يتم تطعيمهم بعد.

ولفت إلى أن نصف جميع الجرعات التي وزعت حتى الآن ذهبت إلى بلدان غنية لا يعيش فيها سوى سُبع سكان العالم، وبالذات الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، في حين لم تبدأ عشرات الدول، ولا سيما في أفريقيا، حملات التلقيح إلا قبل فترة وجيزة.

وأبرز الكاتب مدى ضخامة مهمة تحصين معظم البشر في وقت قصير، الأمر الذي لم يجربه العالم من قبل ولم يكن مستعدًا لمواجهته، وفقا للخبراء الذين يشيدون في الوقت ذاته بالسرعة الفائقة التي تمت بها الأمور، إذ إن هذه الجائحة لم تكن معروفة قبل عام ونصف العام، ورغم ذلك تم الترخيص لأول لقاح مضاد لها منذ حوالي 6 أشهر.

لكن تعميم هذا اللقاح على سكان العالم لا يزال بعيد المنال، وهو ما أرجعه الكاتب للأسباب الأربعة التالية:

أولا: محدودية القدرة على تصنيع اللقاحات

القدرة على تصنيع اللقاح محدودة، إذ لا يوجد سوى عدد قليل من المصانع حول العالم التي تصنع اللقاحات، كما أنه لا يوجد سوى عدد قليل من الأشخاص المدربين على صنعها، وقد كانوا تحت الضغط حتى قبل تفشي الجائحة، فضلا عن كون القدرة الإنتاجية للمواد الخام البيولوجية محدودة كما هي حال وسائط زراعة الخلايا والمرشحات المتخصصة والمضخات والأنابيب والمواد الحافظة والقوارير الزجاجية والسدادات المطاطية.

ثانيا: ينبغي للدول الغنية أن تفعل المزيد لمساعدة الدول الفقيرة

لقد تعهدت الدول الأكثر ثراءً في العالم بتقديم أكثر من 6 مليارات دولار عبر مرفق كوفاكس (Covax) التابع للأمم المتحدة والذي يقع على كاهله توفير اللقاحات للعالم النامي بتكلفة رمزية أو من دون تكلفة.

لكن بعض التعهدات لم يتم الوفاء بها حتى الآن، فضلا عن كون المبلغ الذي تعهدت به الدول الغنية لا يمثل سوى جزء ضئيل مما أنفقته هذه الدول على نفسها، وجزء ضئيل كذلك من الاحتياجات العالمية.

ثالثا: ينبغي للحكومات ممارسة المزيد من الضغط على شركات الأدوية

ينبغي للحكومات إجبار صانعي الأدوية على مشاركة عملياتهم الحاصلة على براءات اختراع مع بقية العالم، خصوصا وأن أيا من الشركات المنتجة للقاحات لم تقم بذلك طواعية حتى الآن، كما لم تشر أي حكومة إلى أنها ستتحرك في هذا الاتجاه.

رابعا: إنتاج اللقاحات عملية صعبة أصلا وإنتاج هذا النوع الجديد منها أصعب

من المعروف أن إنتاج اللقاحات حتى في حالة وجود منتج ثابت وطلب مستقر عملية مضنية، ومع اللقاح الجديد وخطوط الإنتاج الجديدة والتوقعات العالمية المتزايدة، يصبح الأمر أكثر صعوبة.

ومما يزيد الطينة بلة أن لقاحات فايزر-بيونتيك (Pfizer-BioNTech) ومودرنا (Moderna) مبنية على نسخة صناعية من المادة الوراثية لفيروس كورونا المستجد، تسمى "الحمض النووي الريبوزي المرسال" (messenger RNA). وحتى العام الماضي، لم تستخدم هذه العملية مطلقًا في لقاح يتم إنتاجه بكميات كبيرة، هذا فضلا عن كونها تتطلب معدات ومواد وتقنيات وخبرات مختلفة عن اللقاحات القياسية.

ورغم أن العديد من شركات الأدوية تصر على أنها تستطيع إنتاج هذه اللقاحات الجديدة، فإن الخبراء يقولون إنهم قد يحتاجون على الأرجح إلى وقت واستثمار كبيرين للتحضير، وهو ما يعلق المدير التنفيذي لشركة مودرنا عليه بالقول: لا يمكن للمرء أن يتقدم بين عشية وضحاها لشركة أدوية ويطلب منها أن تبدأ على الفور في إنتاج علاجات مبنية على الحمض النووي الريبوزي "إم آر إن إيه" (mRNA).







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي