لوفيغارو: في تشاد.. ماكرون في مواجهة شكوك مرحلة ما بعد ديبي

2021-04-24

ماكرون ومحمد إدريس ديبي

تحت عنوان: “في تشاد.. ماكرون في مواجهة شكوك ما بعد ديبي”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، الذي أثار حضوره جنازة الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي، الجمعة انتقادات، التأثير على المجلس العسكري بقيادة الجنرال محمد إدريس ديبي الذي تولى حكم التشاد لفترة انتقالية.

وأشارت “لوفيغارو” إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازة “المستبد” الراحل إدريس ديبي يوم أمس الجمعة في العاصمة التشادية نجامينا، حيث كان جالسًا إلى جانب محمد ديبي، نجل الرئيس الراحل والرجل القوي الجديد للنظام.

هذا القرب المُعلن، الذي أثار انتقادات في فرنسا كما في تشاد، يمكن أن يقوض رغبة ماكرون في إعادة رسم السياسة الفرنسية في إفريقيا وإشعال التوترات المناهضة لفرنسا، تقول الصحيفة الفرنسية. فـ”المشكلة ليس حضور ماكرون جنازة ديبي الذي كان حليفاً أساسيا لفرنسا.. المشكل يمكن في تأييد الرئيس الفرنسي لانقلاب بدون تحفظ”، بحسب ما نقلت “لوفيغارو” عن الباحث رولان مارشال.

فقد فرض الجنرال محمد ديبي (37 عاماً) نفسه وريثًا كرئيس للمجلس العسكري الانتقالي، المكون من 15 جنرالًا، والذي استولى على السلطة في أعقاب وفاة ديبي الأب، معلقاً الدستور وكذلك مجلس النواب الذي كان يفترض أن يتولى رئيسه قيادة الفترة الانتقالية وفقا للنصوص. وقد سارع قصر الإليزيه إلى الإعلان في بيان أنه “أخذ علما” بهذا الانقلاب من دون أن يعارضه أو يشجبه، عكس موقفه حيال ما حصل في مالي العام الماضي، عندما أصرت باريس، مع السلطات الإقليمية، على عودة رئاسة البلاد إلى شخصية مدنية، بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا في أغسطس/ آب الماضي. وقبل ذلك بعام، دعمت فرنسا أيضًا وجود مكون مدني في السلطة بالسودان. الأمرُ الذي أزعج برتران سولو، عضو جمعية “Tournons la page”: “فرنسا تكيل بمكيالين.. وأن التشاديين هم ضحية السياسة الفرنسية هذه”.

لكن يبدو أن باريس تحاول تصحيح الوضع، توضح “لوفيغارو”، مشيرة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عقد فور وصوله إلى نجامينا ليلة الخميس اجتماعاً فردياً مع الجنرال ديبي الشاب، قبل لقائه في اليوم الموالي مع رؤساء بلدان الساحل الأخرى (بوركينا فاسو ومالي والنيجر وموريتانيا). وقد أكدوا للجنرال الشاب على “دعمهم المشترك لعملية الانتقال المدني العسكري”.

ومع ذلك، دعا إيمانويل ماكرون، في كلمته التأبينية، المجلس العسكري الانتقالي إلى إفساح المجال “لجميع أبناء” تشاد وتعزيز “الاستقرار والاندماج والحوار والتحول الديمقراطي”. وفي هذا الصدد، نقلت “لوفيغارو” عن مصدر دبلوماسي فرنسي، قوله: “نحن ندرك جيدًا أن المجلس العسكري الانتقالي في تشاد غير متوازن ويجب أن ينفتح على جميع مكونات المجتمع لتجنب الانهيار”.

غير أن هذا الانفتاح المنشود يبدو صعب المنال- تقول “لوفيغارو”- حيث إن ميثاق الانتقال الديمقراطي، الذي نُشر يوم الأربعاء، لا يبشر بأي إشراك أو حتى حوار. فإذا كان النص قد التزم بفترة انتقالية لمدة 18 شهرًا و”انتخابات حرة”، فإنه يمنح تقريبًا جميع الصلاحيات إلى المجلس العسكري وقائده، وهو رئيس الدولة المعين بجميع الصلاحيات.

وعليه، اعتبرت الصحيفة الفرنسية أنه في ظل هذه الظروف، فإن لا شيء يقول إن المجتمع المدني التشادي أو السياسيين في هذا البلد سيوافقون على الانضمام إلى هذه الهيئات المحرومة من مساحة للمناورة. وفي هذا الإطار، تنقل “لوفيغارو” عن معارض تشادي في المنفى لم تذكر اسمه، قوله: “المرحلة الانتقالية غير مقبولة من قبل الجميع. والمجلس العسكري الانتقالي لا يتمتع بالشرعية، بما في ذلك شرعية فرض ميثاق دون أي تشاور”.

كما يحتج آخرون ضد النظام الذي تتمع فيه قبيلة “الزغاوة” التي ينتمي إليها الرئيس الراحل إدريس ديبي بنصيب الأسد، مهمشة الآخرين، لاسيما العرب والجنوبيين، رغم أنهم يضمون العديد من الكوادر والتكنوقراط في البلاد.

وأوضحت “لوفيغارو” أن الرؤساء الذين حضروا إلى نجامينا للمشاركة في جنازة إدريس ديبي في مقدمتهم الرئيس الفرنسي، حاولوا التأثير على المجلس العسكري الانتقالي إدراكا منهم للمخاطر. ونقلت عن مصدر فرنسي قوله: “تم تحديد مبدأ الوساطة للتوفيق بين وجهات النظر”. ويجب أن يقودها رؤساء دول الساحل بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي، لكن لم يتم تحديد إطار عمل دقيق. وبحسب دبلوماسي من منطقة الساحل، فإن “مسألة إعادة كتابة الميثاق حتمية، وربما مسألة الرئاسة”.

لذلك يجب إيجاد توازن، ودون إضاعة الكثير من الوقت- تقول “لوفيغارو”- موضحة أنه في نجامينا، كما هو الحال في بقية المناطق التشادية، تتحرر التوترات المتراكمة على مر السنين وتهدد التوازن الهش للغاية للبلد. فالهدنة لم يتفق عليها الجميع، بل قررها الجميع فقط احتراماً لجنازة إدريس ديبي التي انتهت يوم أمس الجمعة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي