4 أطراف رئيسية.. على من تعول أوكرانيا في أزمتها مع روسيا؟

متابعات الامة برس:
2021-04-18

الرئيس الفرنسي ونظيره الاوكراني

صفوان جولاق: منذ بداية النزاع مع روسيا عام 2014 تميزت علاقات أوكرانيا الخارجية بالتركيز على أطراف دولية عدة، ولعل المحور الرئيس لهذا التركيز كان دعم كييف في مواجهة "عدوانية موسكو".

ولهذا ما يسوغه، بحسب أوليكسي هاران رئيس مركز "المبادرات الديمقراطية" للدراسات، فـ"أوكرانيا وجدت نفسها ضعيفة عام 2014، بعد انتهاك روسيا وثيقة بودابست 1994، وكان عليها أن تحث الخطى لدعم بناء جيش قوي، فضلا عن الدعم السياسي والاقتصادي لمواجهة العدوان".

ويرى هاران أيضا أن هذا "الواجب الغربي" يعود أصلا إلى وثيقة بودابست التي لم تنفذ الأطراف الموقعة عليها (بريطانيا العظمى وروسيا والولايات المتحدة) شرط ضمان وحدة أراضي أوكرانيا وسلامتها، مقابل تخلي كييف عن الأسلحة النووية.

الولايات المتحدة

وسواء أكان الأمر تعويلا من كييف أم واجبا على تلك الأطراف أو الدول التي تأتي على رأسها الولايات المتحدة، فهذا ما قد يفسر جانبا من الاهتمام الأميركي بالملف الأوكراني منذ 2014.

فعلى مدار 7 سنين دعمت واشنطن أوكرانيا بنحو 2 مليار دولار، جاءت على هيئة مساعدات عسكرية وأمنية وغيرها، ولا يزال الحديث يدور بينيا عن رغبة أوكرانيا بالحصول على "أسلحة أميركية فتاكة" لمواجهة روسيا.

وهذا الدعم يتعدى "الواجب" إلى "المصالح"، التي تمثل الدور الأكبر، بحسب إيليا كوسا خبير العلاقات الدولية في "المعهد الأوكراني للمستقبل"، الذي يرى أن واشنطن معنية أكثر من أي وقت مضى بكبح جماح سلطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والحدّ من تنامي نفوذ موسكو وحضورها إقليميا وأوروبيا وعالميا.

وفي ما يخص الملف الأوكراني يعتقد كوسا أن الولايات المتحدة ترى فيه زحفا نحو الغرب، وتهديدا لأمنها وأمن دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" ( NATO)، وسعيا إلى الاستحواذ على أوراق ضغط سياسية واقتصادية أكثر وأكبر في المنطقة، في إشارة -على سبيل المثال- إلى مشروع "نورد ستريم 2" لنقل الغاز مباشرة إلى أوروبا بعيدا عن أوكرانيا، الذي تعارضه واشنطن بشدة.

أما عن حدود هذا الدعم، فيرى الخبير أنه مرهون أولًا بالإدارات الأميركية، في إشارة إلى أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب لم تكن مهتمة بالدرجة الحالية التي تبديها إدارة جو بايدن.

وثانيا، يرتبط الأمر ببناء واشنطن تحالفات مؤيدة للجم الأطماع الروسية بالقوة إذا لزم الأمر، لكن هذا مستبعد على نطاق واسع في الوقت الحالي، ولأسباب كثيرة، بحسب الخبير.

أما ثالثا، فالدعم الأميركي يرتبط بطبيعة الاتفاق، وحجم التنازلات التي قد يقدمها كل من بايدن وبوتين لوقف التصعيد الروسي، وإبقائه في إطار حرب باردة غير معلنة بين الجانبين على الساحة الأوكرانية.

الناتو

وقد برز حلف الناتو منذ عام 2014 طرفًا تسعى أوكرانيا حثيثا إلى الحصول على دعمه وعضويته الكاملة، بدعم ومباركة دوله المجاورة حدوديا، ودعم الولايات المتحدة أيضا.

وتشريعيا، تخلت أوكرانيا عن صفة "عدم الانحياز"، وأقرّت تعديلات دستورية في بداية 2019، حددت بموجبها نهجا ثابتا نحو عضوية الناتو والاتحاد الأوروبي.

وفي السنوات الماضية، وفي إطار برنامج "الشراكة الشرقية" مع أوكرانيا وجورجيا، شهدت العلاقات مع الناتو نشاطا لافتا، بعقد قمم سياسية دورية، وتدريبات عسكرية مشتركة واسعة، بلغت في أواسط 2020 ضمّ الحلف أوكرانيا إلى برنامج "الفرص المعزز للتعاون".

لكن قضية دعم الناتو لأوكرانيا أكثر تعقيدا بحسب خبراء كثر، قد يجمعون على أن الحلف غير معني أبدا بضم دولة ملتهبة الأجزاء، وإشعال مواجهة مباشرة وواسعة مع روسيا، أكبر قوى المنطقة.

ويرى خبير العلاقات الدولية أندري بوزاروف أن "التعقيد هنا نابع بالدرجة الأولى من خشية مواجهة مباشرة قد تكون صعبة وطويلة ومكلفة، ثم من حقيقة أن دولًا كثيرة في الحلف تعارض جهرا أو ضمنا ضم أوكرانيا، على رأسها المجر وفرنسا، وتربط ذلك (تقليديا) بضعف الإصلاحات والبعد عن معايير الحلف"، على حد قوله.

الرئيس التركي ونظيره الأوكراني

تركيا

وهنا قد تحلّ تركيا في المرتبة الثالثة في مسألة التعويل على الدعم، لا سيما أنها دولة رئيسية في الناتو، ومعنية بالملف الأوكراني، أكثر من غيرها ربما.

وبهذا الشأن تشهد الشهور الماضية التي بلغت فيها علاقات التعاون العسكري بين البلدين مستوى "الشراكة الإستراتيجية"، في إطار أكثر من 30 صفقة ومشروعا للتصنيع المشترك.

يقول بيتر ديكنسون -خبير الشؤون الأوكرانية في مركز "الأطلسي" للدراسات- إن "تركيا ترفض احتلال شبه جزيرة القرم واضطهاد التتار فيه، الذين تعدّهم امتدادا عرقيا لها، ولا يسرّها أيضا تعاظم نفوذ روسيا في البحر الأسود شمالا، وفي سوريا جنوبا".

وأضاف "تركيا بوابة تريد من خلالها أوكرانيا التقارب أكثر مع الناتو، وهي، بمعزل عن الحلف، باتت في الأعوام الماضية قوة إقليمية لا يستهان بها، أثبتت حضورها في سوريا وليبيا وإقليم قره باغ بأذربيجان".

لكن ديكنسون يقلل من حدود الدعم التركي المباشر لأوكرانيا، فيقول إن "الشراكة بين البلدين اقتصادية أكثر مما هي عسكرية، وأعتقد أنها تخضع لحسابات تركية متأنية جدا، خاصة في ما يتعلق بشراء الطائرات المسيرة التركية، فأنقرة حريصة -رغم الخلافات- على علاقات أكبر وأوسع مع موسكو".

الاتحاد الأوروبي وبريطانيا

ومنذ بداية الأزمة الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا عام 2014، برز الاتحاد الأوروبي كجهة رئيسية داعمة لأوكرانيا، برفض العدوان الروسي، وفرض العقوبات، وتقديم المساعدات المالية، وجهود الحل السياسي للتسوية في إطار "رباعية النورماندي" (روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا)، وغيرها.

لكن السنوات القليلة الماضية شهدت تحوّلًا في هذا الموقف، خاصة بين دول الاتحاد الرئيسية (ألمانيا وفرنسا)، مع تلميحات إلى أهمية تطبيع العلاقات مع روسيا مجددا، وإجراءات عدة في هذا الإطار.

ويقول الخبير إيليا كوسا في المعهد الأوكراني للمستقبل "تأثرت أوروبا أيضا بعقوباتها والعقوبات الروسية، ومع الزمن، تقدمت المصالح على المبادئ التي اضطلعت بالدور الأكبر في البداية".

لكنه لفت إلى انقسام أوروبي إزاء الملف الأوكراني، قائلا إن "دول البلطيق وبولندا أكثر تشددا من غيرها أوروبيا، وبريطانيا (قبل وبعد خروجها بموجب "بريكست") في خانتهم أيضا، لأنها جميعها تنظر إلى روسيا على أنها دولة معتدية، لا تقف حدود عدوانها وتدخلاتها عند أوكرانيا فقط".

وأوضح أن "لدى تلك الدول مخاوف من سعي بوتين نحو استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي، وكذلك لدى بريطانيا حاجز وهاجس يصدّها عن روسيا، خاصة بعد حادثة تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال في ساليسبري عام 2018".

وقد برز في السنوات الماضية أيضا موقف دعم عسكري لافت من كندا، جاء على شكل اتفاقيات تعاون عسكري، وتدريب ومناورات مشتركة.

وحدود الدعم العسكري، بحسب الخبير هنا، لن تتعدى إطار الناتو، أو التنسيق مع الإدارة الأميركية، خاصة إذا ما كانت واشنطن جادّة في وقف روسيا عند حدّها، وبالقوة هذه المرة







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي