لماذا يعتقد العلماء أن اكتشاف الآثار الجانبية للقاح أمر جيد؟ مع شك الكثيرين في مخاوف جلطات الدم!

متابعات الأمة برس
2021-04-14

قال خبراء أوروبيين في الطب وعلم الفيروسات الأسئلة التالية: هل يجب على الناس الخوف من الآثار الجانبية المحتملة للقاح؟ وهذه المخاوف مبررة أم مدمرة لعملية التلقيح ككل؟.

ومن خلال مراقبة كيفية تقدم المعركة ضد فيروس كورونا في عام 2021، يمكن القول إن "الارتباك" سيصبح كلمة العام، ولقاح أسترازينيكا هو مثال واضح. فمرة أخرى في مارس، أوقف عدد من دول الاتحاد الأوروبي استخدامه عندما أُبلغ عن عدة حالات من جلطات الدم بعد التلقيح. وعندما أشارت وكالة الأدوية الأوروبية (EMA) إلى أن اللقاح آمن، رُفع الحظر، ليعود لاحقا، ولكن هذه المرة، لفئات عمرية محددة.

ويقول البروفيسور أغوستين فالينزويلا فرنانديز، الخبير في علم الفيروسات وعلم المناعة وعلم العقاقير من جامعة لاغونا الإسبانية، لم يكن هناك مفاجأة في إرباك الناس.

 ويوضح: "عندما لا تكون هناك معلومات واضحة، تظهر الشكوك. ويتعلم الناس أن هناك لقاحا للصغار فقط، وغدا يُقال لهم إنه مخصص لكبار السن فقط، وأن بعض البلدان توقف استخدامه والبعض الآخر لا يفعل ذلك".

وفي الأسبوع الماضي، أكدت EMA الصلة بين جلطات الدم و"اللقاح" (أعيدت تسميته الآن باسم Vaxzevria)، لكنها شددت على أن "فوائد اللقاح لا تزال تفوق المخاطر التي يتعرض لها الأشخاص الذين يتلقونها". وتشير الإحصاءات إلى أن الشباب لديهم فرصة أكبر لتطوير الجلطات، لذلك بدأت بعض البلدان في حصر تطعيم Vaxzevria بمجموعات معينة.

ومن الواضح أنه ليس كل شخص من المقرر أن يتلقى اللقاح مستعدا للاعتقاد بأن "الفوائد تفوق المخاطر". وعلاوة على ذلك، يؤدي التوجيه المربك إلى السؤال: كم يجب أن يكون عمر الشخص للحصول على أسترازينيكا بأمان؟. في فرنسا، الحد الأقصى للعمر هو 55 عاما أو أكثر، أما في ألمانيا فهو 60 عاما أو أكثر، وفي إسبانيا لمن تتراوح أعمارهم بين 60 و69 عاما. ويبدو أن المملكة المتحدة بعيدة بعض الشيء عن النمط السائد، حيث تنصح بعدم إعطاء اللقاح المعني للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما.

وفي فرنسا، على سبيل المثال، أظهرت دراسة حديثة أن أكثر من 70٪ ممن شملهم الاستطلاع لا يثقون بلقاح أسترازينيكا. ويبدو أن المخاوف تنتشر مثل الفيروس نفسه.

ويقول فنسنت ماريشال، أستاذ علم الفيروسات في جامعة السوربون الفرنسية: "يوجد في فرنسا الكثير من المتشككين في اللقاحات. والناس ليسوا واثقين من اللقاحات بشكل عام. وقصة أسترازينيكا وحالات تجلط الدم تجعل الناس أقل ثقة. وتكمن المشكلة في أننا لا نعرف ما إذا كان هؤلاء المشككون في اللقاح قد يضرون بالمناعة الجماعية التي نحاول الوصول إليها. إذا أردنا السيطرة على الوباء في فرنسا، فنحن بحاجة إلى تطعيم ما يقرب من 90٪ من السكان البالغين. إنها مسألة عقلانية بين الفائدة والمخاطر".

وعبر الحدود، في إسبانيا، أحصت السلطات في العاصمة عدد الأشخاص الذين رفضوا التطعيم بعد أن فرضت الحكومة المركزية قيودا على السن. ويوم الجمعة الماضي، أكد 45٪ فقط ممن كان من المقرر أن يتم تطعيمهم بـ أسترازينيكا في مدريد حضورهم. وكان نائب مستشار الصحة العامة في العاصمة أنطونيو ثاباتيرو، الذي أبلغ عن هذه البيانات، غاضبا، بينما ألقى باللوم على الحكومة في "الارتباك".

وبالإضافة إلى ذلك، توصلت سلطات الاتحاد الأوروبي المختلفة إلى مناهج متنوعة فيما يتعلق بأولئك الذين تلقوا جرعة أسترازينيكا الأولى، ووجدوا أنفسهم الآن خارج الفئة العمرية المؤهلة. وستقدم لهم فرنسا جرعة ثانية من لقاح mRNA بعد 12 أسبوعا من الأولى. ونصحت اللجنة العلمية العليا للتطعيم في ألمانيا بفعل الشيء نفسه. وفي غضون ذلك، ما تزال إسبانيا مترددة في أن تحذو حذو فرنسا، أم لا تقدم الجرعة الثانية على الإطلاق، حيث تعتبر الاستجابة المناعية بعد الحقنة الأولى فعالة بنسبة 70٪ ضد الفيروس.

وهل المواطنون الإسبان المتأثرون يرغبون في أي من هذه الخيارات، خاصة الخيار الأخير، إنه تخمين أي شخص. 

ويقول الدكتور مالكولم كندريك، الذي يعمل في NHS في إنجلترا: "لقد تم التعجل في كل هذا. إنها مشكلة ليس لدينا أي إجابات جيدة لها. إذا تلقيت جرعة أولى من أسترازينيكا ولم تكن لديك أي مشكلة، فمن المحتمل ألا تكون لديك مشكلة في الجرعة الثانية، لأنه يبدو أنها رد فعل مناعي محدد للغاية".

ويدعو البروفيسور فالينزويلا إلى إجراء اختبارات سريعة قبل اتخاذ أي قرار على المستوى السياسي. 

وقد تسأل نفسك: وسط كل حالة عدم اليقين، لماذا ما يزال الآلاف من الناس يحصلون على لقاح أسترازينيكا؟. هل هم غير مدركين للخطر؟ أو ربما الخطر بحد ذاته ليس بالحجم الذي تصوره عناوين وسائل الإعلام؟.

وقال الدكتور كندريك "إن فرص الإصابة بجلطة دموية ضئيلة للغاية. إذا كنت أكبر سنا، فستكون لديك فرصة أكبر بكثير للوفاة من "كوفيد". لذا فإن الخطر النسبي لتطوير جلطة دموية من اللقاح يصبح مشكلة أقل. لكن إذا كنت أصغر سنا، فإن خطر الآثار الجانبية يصبح أقرب. لذلك، يتعلق الأمر بموازنة المخاطر من الفوائد. لقد أصبحت حجة معقدة جدا حتى يفهمها الناس".

ومن وجهة نظر المجتمع العلمي، لم يحدث شيء غير عادي. ويشرح البروفيسور فالينزويلا: "من الطبيعي أن تظهر المشاكل، حيث طُوّرت اللقاحات بسرعة كبيرة". ويعتقد البروفيسور ماريشال أيضا أن التقرير المفصل حول جلطات الدم المرتبطة بلقاح أسترازينيكا، في نهاية اليوم، سيساعد الباحثين على تعديل عملية التلقيح.

ويدعو البروفيسور فالينزويلا إلى التحلي بالصبر وسط كل التخوفات والتخمينات. ويقول: "لماذا نحتاج عادة من خمس إلى عشر سنوات لصنع لقاح؟ لأنه، على سبيل المثال، شيء قد يسير على ما يرام بالنسبة لشاب في سن 20-40 سنة، قد يكون مختلفا بالنسبة لشخص مصاب بمرض ما، أو لامرأة حامل، أو لشخص مسن، أو لطفل. لذلك، أثناء تطوير لقاح ضد أحد مسببات الأمراض، يجب أن تؤخذ في الاعتبار كل هذه الخصائص المميزة. وبالإضافة إلى الطفرات الفيروسية وكذلك الآثار الجانبية. تأخذ وقت".

ولسوء الحظ، فإن أي عملية تحقيق طويلة تؤثر على أعصاب أولئك الذين من المقرر أن يحصلوا على جرعة أسترازينيكا، لأنهم بحاجة إلى اتخاذ قرار الآن.

والأمر لا يتعلق فقط بـ أسترازينيكا، حيث ظهر لقاح "جونسون آند جونسون" - وهو الثاني بالفعل من بين أربعة لقاحات وافق عليها الاتحاد الأوروبي - مؤخرا في العناوين الرئيسية إلى جانب عبارة "جلطة دموية". وفي 9 أبريل، أعلنت EMA أن لجنة السلامة التابعة لها بدأت في مراجعة التقارير حول "أحداث الانصمام الخثاري" الناجمة عن جرعة الشركة. وقالت الوكالة إن أربعة أشخاص أصيبوا بجلطات دموية بعد التطعيم وتوفي أحدهم.

 وهناك حقيقة أخرى قد تخيف المواطن العادي. بالإضافة إلى ذلك، وفقا لمنطق الخبراء الطبيين، قد نتوقع المزيد من التقارير المتعلقة بالآثار الجانبية، حيث تتم الموافقة على المزيد من اللقاحات وتلقيح المزيد من الأشخاص.

ويضيف البروفيسور ماريشال: "يمكنك إخبار الناس، من فضلك، بتلقي التطعيم لمنع انتشار الفيروس، لأنك قد تصيب أشخاصا آخرين، بمن فيهم أولئك الذين لا يمكن تطعيمهم. لكن الخطر فردي، وهذه هي المشكلة الرئيسية".

ويوضح: "هذا شيء يفهمه كبار السن جيدا، لأنهم أكثر عرضة للإصابة بـ"كوفيد". ولكن من الصعب على الشباب فهم ذلك، لأنه عندما يكون عمرك 20 عاما، فأنت حقا لا تنشغل بـ"كوفيد" على مستوى العالم".

فهل يمكن لأي شيء أن يساعد في مواجهة هذه المخاوف؟. يعتقد البروفيسور فالينزويلا أن البيانات الأقل إرباكا والمزيد من الوحدة في مواجهة الفيروس، لن تؤذي بالتأكيد.

ويوضح أنه يجب على السياسيين والعلماء أن يشرحوا للناس أننا في المرحلة الرابعة من التجارب السريرية. وقدمت المرحلة 3 بيانات معينة، لا سيما حول الأمان ومستوى الاستجابة المناعية، ولكن تم إجراء كل ذلك بسرعة كبيرة.

ويُقال إن الارتباك يلعب لصالح العدو، ويخاف الناس عندما لا يفهمون ما يجري. ويجب أن تكون هناك هيئة علمية تعالج المعلومات وتشاركها مع الجمهور. وبخلاف ذلك، إذا لم نوضح للناس كيفية تقدم العمل، فلن يفهموا الجهود، وفقا لـفالينزويلا.

ويقول إن المشكلة هي أن أوروبا لا تعمل كصوت مشترك. وبعض البلدان لديها مجتمعات علمية خاصة بها تعلن عن استنتاجاتها الخاصة، وينظر إليها جيرانها وتتبع المثال. ولا يوجد جهد مشترك، حيث اختار الاتحاد الأوروبي أن يكون لديه استراتيجية مشتركة فيما يتعلق بشراء اللقاح، ولكن عندما ظهرت تحديات مثل الآثار الجانبية، بدأ الأعضاء في التصرف بشكل مختلف.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي