محاكمة شيكاغو..الظلم عندما يكون رسميا

2021-04-12

هناك طريقتان لمشاهدة فيلم السيناريست أرون سوركِن المتحوّل إلى الإخراج سنة 2017 عندما قدّم Molly‪’‬s Game من بطولة جسيكا شستين.

الطريقة الأولى هي أن يقرأ المُشاهد مسبقاً حيثيات إحدى أهم القضايا التي عرفتها المحاكم الأميركية في التاريخ. يسلّح نفسه بالمعرفة حتى لا يبدو ما يراه على الشاشة غريباً عليه أو لكي يلم، على الأقل، بما اختار المخرج عرضه أو تجنّب ذكره.

الطريقة الثانية هو أن يغمض المشاهد عينيه (على أن يفتحهما لاحقاً حال يبدأ الفيلم) ويتابع مجريات ما يدور كما لو أنه من الخيال رغم أنه ليس من الخيال في شيء.

سوركِن هنا، كما في فيلمه السابق الذي دار حول الرياضية مولي بلوم التي تورّطت في جريمة لعب بوكر غير مصرّح جنت منه ملايين الدولارات، يختار موضوعاً حدث بالفعل. في عام 1968 حضّت جهات شبابية أميركية على القيام بمظاهرات عاصفة ضد الحرب الأميركية في فييتنام. نتيجة لها جرت صدامات دامية بين قوى الأمن والحرس الوطني من ناحية والمتظاهرين من ناحية أخرى سقط فيها العديد من الجرحى معظمهم من المتظاهرين. محافظ مدينة شيكاغو طلب محاكمة سبعة مسؤولين عن تلك المظاهرات.

إلى جانب هؤلاء تم ضم رجل ثامن لا علاقة له بالمظاهرات اسمه بوبي سيل (يحيى عبد المتين) لكونه منتمياً إلى منظمة «بلاك بانثرز» التي تأسست انتصاراً لقيم العدالة الاجتماعية والحصول على الحقوق المتساوية مع البيض. بطبيعة الحال، كان للمنظمة ذاتها موقف معارض لحرب فيتنام، لكن بوبي لم يكن على علاقة لا بالمظاهرات ولا بمن دعا إليها. القاضي (أداه المخضرم فرانك لانجيلا) لم يكن عادلاً حيال بوبي، ومحاميا الدفاع عن باقي المتهمين واجهاه بذلك واعتبراه عنصرياً.

‫كتب عديدة صدرت حول هذه القضية الرنّانة لم يذكر سوركِن أي منها. لكن من يريد الوقوف على الحقائق قبل أو بعد مشاهدته الفيلم عليه بكتاب نورمان مايلر «ميامي وحصار شيكاغو»، علماً بأن ملف المحاكمة ذاتها ملأ 22 ألف صفحة.‬

ما يقوم به سوركِن هو القفز بحكايته من اليوم الأول للمحكمة إلى اليوم الثالث ثم الثالث والعشرين ثم اليوم 156 بلا توقف، على ضرورة ذلك نسبة لحجم الفترة الزمنية، يترك العمل بمقتضى انتخاب المشاهد أثراً حسّياً على مشاهديه. الأثر ليس بالضرورة عميقاً ولا بالضرورة سياسياً، بل استغلال عمق القضية والوضع السياسي الذي غلّف المحاكمات لتقديم وجبة عرض تقفز على الحبال برشاقة.

هناك مشاهد قاسية ومعبّرة مستوحاة من الواقع، أهمها ذلك المشهد الذي يتم فيه تكبيل قدمي ويدي الداعي الأسود سيل وتكميم فمه خلال المحاكمة. هنا يطلق المخرج رصاصة تصيب الهدف حول عنصرية القاضي ومعاملته غير المبررة للمتهم (تمت تبرئته لاحقاً). لكن المخرج ذاته يقلب عدداً من الحقائق بينها أن المدّعي العام (يؤديه جوزيف غوردون ليفيت) لم يكن حملاً وديعاً وغير مؤمن كثيراً بما يقوم به، بل كان، حسب الوثائق، رجل حكومة شرس نال لقب «بيتبول» بجدارة.

* الفيلم: The Trial of Chicago7 (★★)

* إخراج: أرون سوركِن

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي