ديلي تلغراف: صور فضائية تؤكد استخدام موسكو مرتزقة "فاغنر" كجيش خاص في ليبيا

2021-04-08

بوتين رفقة رجل الأعمال يفغيني بريغوجين طباخ بوتين

نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تحقيقا حصريا أشارت فيه إلى الكيفية التي تحول فيها مرتزقة شركة فاغنر الأمنية إلى “جيش خاص” للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقال دومينيك نيكولز في تقريره إن صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية تكشف عن تزويد روسيا طائرات ودبابات لجماعة الظل هذه.

وجاء فيه إن وزير الدفاع البريطاني أكد على أهمية مواجهة بريطانيا “جماعات المرتزقة” في وقت كشفت الصور الاستخباراتية أن بوتين يزودها بالأسلحة الثقيلة من الطائرات والدبابات.

وقال وزير الدفاع بن والاس إن جماعة المرتزقة التي يديرها شخص يعرف بـ “طاهي بوتين” أظهرت الكيفية التي “تتغير فيها الحرب الحديثة”.

وجاءت تصريحات الوزير بعدما كشف صور فضائية تم الكشف عنها قبل فترة استخدام شركة فاغنر المعدات العسكرية النظامية في ليبيا، مما يشير إلى أنها وبشكل قاطع جزء من الجيش الروسي.

 ويقول خبراء الأمن إن جماعة فاغنر تستخدمها موسكو لاستعراض القوة ودعم الأنظمة الضعيفة وغير السرعية وبدعم مباشر من الجيش الروسي.

وتنشط الشركة في ليبيا ودول الصحراء وسوريا حيث تحصل على مميزات في مجال الطاقة والذهب وغير ذلك من المعادن الثمينة.

وتقول الاستخبارات البريطانية إن هذه القوات غير النظامية تكشف عن التهديدات التي تمثلها الدول وتظهر في درجة أقل من النزاعات التقليدية.  وقال بن والاس إن “جماعات الظل التي تحظى بدعم جيد وقوات عسكرية مدربة جيدة تمثل تهديدا معقدا للقوات العسكرية الغربية”. وأضاف أن “بريطانيا وبقية الحلفاء بحاجة للتحضير ومواجهة جماعات المرتزقة وتطوير مرونتها لمواجهة تأثيراتها الخبيثة”.  وقال إن “المجال الذي تعمل به يجب منافسته وإلا فستقوم القوات الأمنية الخاصة المتحررة من القوانين الدولية التي تغطي الجيوش العسكرية بعمليات تنكرها الدول وبدون خوف من حساب”.

وحذرت المراجعة الحكومية المتكاملة للسياسة الدفاعية والأمنية والخارجية والتنموية الدول المعادية للمملكة المتحدة “التي تعمل بشكل متزايد مع لاعبين غير دول لتحقيق أهدافها بما فيها حروب الوكالة”. وهو ما يعطيها فرصة للإنكار وطمس الخط الفاصل بين تهديدات الدول وغيرها من التهديدات الأمنية الأخرى، مثل الإرهاب والجرائم الخطيرة”. وكشف الصور الفضائية التي نزعت عنها السرية والتقطتها الأقمار الاصطناعية الأمريكية أن نظام الصواريخ الدفاعية أس إي-22 وطائرات الشحن أي إل- 76 العسكرية والدبابات المضادة للألغام تعمل داخل ليبيا.

 وقال والاس إن الجمع بين ما هو عسكري وغير عسكري من أرصدة هو بمثابة العمل “داخل محور رمادي”. وتعتقد وكالات الاستخبارات الأمريكية أن روسيا زودت شركة فاغنر في ليبيا بمقاتلات عسكرية وعربات مصفحة وأنظمة دفاعية وغير ذلك من الإمدادات العسكرية. وتظهر الصور التي بثتها القيادة المركزية الأمريكية في أفريقيا عن معدات عسكرية روسية متقدمة في ليبيا تديرها إما شركة فاغنر أو القوات النظامية الروسية والتي تدعم على ما يزعم أنها شركة خاصة. وعمل كهذا يخرق القرار 1970 الذي يوصي بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا الصادر عن الأمم المتحدة في 2011.

وقال وزير الدفاع البريطاني “صور كهذه يجب أن تدفعنا لأن نغير تفكيرنا بشأن التهديد”. و “هو ذلك التهديد الذي حذرت منه دراسة القيادة والتي حددت البنية الأساسية للقوات العسكرية”. وتقول القيادة المركزية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم” أن حوالي 14 طائرة ميغ 29 وسو- 24 طارت من روسيا إلى سوريا وتم تغيير لونها لحجب العلامات الروسية ثم نقلت إلى ليبيا بشكل خرق حظر الأمم المتحدة. وقيمت الأمم المتحدة أن الطائرات نقلت قوات عمليات إلى ليبيا. وقال الجنرال برادفورد غيرينغ من قيادة المارينز “تواصل تركيا لعب دور غير مساعد في ليبيا وعبر توفير الإمدادات والمعدات لشركة فاغنر”. والصور تظهر وبشكل مستمر الإنكار المتواصل من الروس. وقال المتحدث باسم أفريكوم إن “تورط روسيا واضح وهو ما يكذب عنه الكرملين في كل مرة ينكرونه”.

وامتدت نشاطات روسيا أبعد من توفير المعدات العسكرية. فقد كشفت صحيفة “التايمز” في حزيران/يونيو العام الماضي عن اعتقال شخصين مرتبطين بمؤسسة بحث تابعة ليفغيني بريغوجين، الذي ترتبط به فاغنر، وذلك بعد الكشف عن محاولتهم مساعدة سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي العودة إلى السلطة. واعتقل كل من ماكسيم شوغالي، 54 عاما وهو استراتيجي سياسي من سانت بطرسبرغ وسمير سيفان، 37 عاما، مترجم من موسكو ويحمل الجنسية الأردنية والروسية. وكان يعملان في منظمة اسمها المؤسسة لحماية القيم الوطنية. ويديرها ألكسندر مالكيفيتش، 45 عاما وهو مستشار إعلامي للحكومة الروسية وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في 2018 بسبب علاقاته مع بريغوجين. وبحسب “التايمز” فقد عرض شوغالي وسيفان على القذافي المساعدة في تشويه معارضيه وتنظيم احتجاجات أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهيغ بهولندا لو تم اعتقاله ومحاكمته أمامها.

وتظل جذور شركة فاغنر مغلفة بالغموص، إلا أن ظهورها مرتبط بمحاولات الجيش التعاقد مع الشركات الخاصة للقيام بنشاطات عسكرية تجنب الجيش الخسائر، ذلك أن عودة جثث الجنود الروس من أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي أسهمت في انهيار النظام الشيوعي وأضعفت الإتحاد السوفييتي السابق وهو ما قاد لهذا التفكير. وتقوم شركات التعهدات الأمنية بتدريب الجيوش وحماية القادة وتأمين منشآت الطاقة والمصادر الطبيعية مثل الذهب والماس والأحجار الثمينة الأخرى. ومقابل هذه الخدمات منحت شركات المرتزقة ميزات على شكل رخص لشراء الأسلحة والتكنولوجيا والمصادر الطبيعية. وتفضل روسيا استخدام قوات عسكرية ليست مرتبطة بها وفي مناطق مثل أوكرانيا وسوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطي لتحقيق أهدافها السياسية والحصول على المال.

 ويحرص بوتين على توسيع التأثير الروسي في أفريقيا، ففي ليبيا مثلا يمنحه التأثير السيطرة على منابع النفط والتحكم بتدفق المهاجرين إلى جنوب أوروبا. وفي العام الماضي قال وزير الخارجية الألماني أن روسيا “ضمنت تعاقديا” أنها “ستحصل على بناء قواعد عسكرية في ست دول” وهي جمهورية أفريقيا الوسطى ومصر وإريتريا ومدغشقر والسودان وموزامبيق. وتؤكد الوثيقة السرية أن بوتين جعل أفريقيا “أولويته الكبرى”.

وتظل العلاقة بين الدولة الروسية وفاغنر غير واضحة حيث يقول المسؤولون الأمريكيون إن الجيش الروسي استخدمها في سوريا لتأمين آبار النفط للنظام السوري مقابل مميزات لموسكو، إلا أن حادثة في 2018 أدت لمواجهة مباشرة مع القوات الامريكية في دير الزور وقتل في حوالي 200 مرتزق روسي. ويقول المسؤولون الأمنيون الغربيون أن الإهانة واستمرار الاعتماد على دعم الجيش الروسي أدت إلى تدهور العلاقة بين بريغوجين، 59 عاما ووزير الدفاع سيرغي شويغو، 65 عاما.

 وقال مرتزق سابق في شركة فاغنر إن الرجلين اختلفا بعد المعركة على مدينة تدمر 2016 والتي كشفت عن العلاقة بين الدولة الروسية والشركات العسكرية الخاصة. وقال: “قبل تدمر كان كل شيء على ما يرام واستمرت الإمدادات من الجيش الروسي، ولكن بعد السيطرة على تدمر لأول مرة، كان لدى الشركات العسكرية دبابات تي-90 وهوتزر وتايغرز وعربات مصفحة لنقل المقاتلين. ولكن عندما أعلن شويغو للقائد الأعلى “لقد سيطرنا على تدمر” رد بريغوجين غاضبا “نحن من سيطر وليس أنت”. وقال “قامت شركة فاغنر بالسيطرة على المرتفعات حولها ثم دخلت قوات وزارة الدفاع بهدوء إليها من الصحراء وبدون أن تلقى أية مقاومة. وكل العمل الصعب قامت به فاغنر”. وقال الرجل إن الجيش بعد ذلك امتنع عن توفير الأسلحة المتقدمة وكان على فاغنر الاعتماد على المعدات المنهوبة أو الأسلحة القديمة.

وفي آذار/مارس 2018 قرر مجلس الدوما التصويت لحظر شركات التعهدات الأمنية، إلا أن بوتين في مؤتمره الصحافي السنوي في كانون الأول/ديسمبر أكد على حق الشركات الأمنية الخاصة متابعة مصالحها في اي مكان من العالم طالما لم تخرق القانون الروسي. وفي شهادة امام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس العام الماضي قالت البرفسور كيمبرلي مارتن، استاذة العلوم السياسية بجامعة كولومبيا إن عدم حظر الشركات الأمنية الخاصة في روسيا يمنح الدولة غطاء للإنكار ويعطي الكرملين الفرصة لإبعاد نفسه عن أفعال مشينة وخطيرة.  وقالت إن عدم شرعيتها يخدم هدفين الأول، الحفاظ على ولائها للكرملين وبوتين. وثانيا “تقيد السوق وتؤكد على أن من يستفيد منه هي الجماعات المفضلة لدى بوتين. وقالت مارتن إن قوات في فاغنر حصلت على ميداليات تكريم بعد وفاتها وهي ميداليات مخصصة فقط للجيش النظامي. وقالت إن العلاقة الغامضة بين التجارة والحكومة وأصدقاء بوتين وقانون روسيا تعني أن فاغنر ليست شركة خاصة عادية. وبدلا من وصفها بالجماعات الخاصة أو المرتزقة فمن الأفضل إطلاق اسم “جماعات أمنية شبه رسمية”.

وراكم بريغوجين ثروته من عمليات تزويد الوجبات للكرملين بحيث أطلق عليه اسم “طاهي بوتين” وجاءت شركة فاغنر بعد محاولة أولى فاشلة عام 2013 وهي مجموغة سلافونيك والتي سجلت في هونغ كونغ وفشلت عملياتها في سوريا. وأنشأ المجموعة روسيان وهما فاديم غوسيف ويفغيني سيدروف اللذان كانا يعملان في شركة تعهدات أمنية اسمها موران.  وسجن الرجلان بعد عملية فاشلة في سوريا. وثم قام ديمتري أوتكين المولود في أوكرانيا بتجميع ما تبقى من موران وأنشأ بتمويل من بريغوجين شركة أطلق اسم الموسيقار المفضل لدى هتلر “فاغنر” عليها، ذلك أن أوتكين كان معجبا بالرايخ الثالث. والتقطت صورة له في 2016 بالكرملين أثناء حفل استقبال ومنح وسام الشجاعة لخدماته في أوكرانيا.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي