مخاوف أمريكية من تناميها.. 8 أسئلة تضع يدها على أهم مواقع النفوذ الصيني في إسرائيل

متابعات الامة برس:
2021-04-07

عدنان أبو عامر: تشهد العلاقات الإسرائيلية الأميركية توترا بين حين وآخر بسبب تنامي النفوذ الصيني في إسرائيل، والخشية الأميركية من زيادة حضور التنين الآسيوي لدى حليفتها المدللة، وإمكانية أن يتسلل لأسرارها العسكرية والأمنية.. الأسئلة التالية تضع يدها على أهم مواقع النفوذ الصيني في إسرائيل، وأبرز مشاريع الصين الاقتصادية والاستثمارية، وطبيعة المخاوف الأمنية الإسرائيلية والأميركية من تناميها.

متى تم استئناف العلاقات الصينية الإسرائيلية؟

رغم أن الصين بدأت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 1992 فإن حقبة الثمانينيات شهدت اتصالات غير رسمية بين بعض دوائر الدولتين في مناسبات متفاوتة اكتسبت منها إسرائيل إمدادات من التكنولوجيا العسكرية، وبعد مقتل الطلاب في ميدان تيانانمين أواخر الثمانينيات اعتقدت الصين أن إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل ستساعد على تحسين صورتها في الغرب.

ومنذ استئناف هذه العلاقات نمت تجارة الصين وإسرائيل بمعدل 10% كل عام، ومن بين 42 ملحقا اقتصاديا إسرائيليا يعملون حول العالم هناك 6 ملحقين في الصين.

ما أبرز أوجه الاختراق الاقتصادي الصيني في إسرائيل؟

سمحت إسرائيل للصين بتحقيق اختراق عميق للغاية في منظومتها الاقتصادية، حيث يعمل عشرات آلاف الصينيين بمختلف مجالاتها التشغيلية، وحفرت الصين سلسلة من الأنفاق في الكرمل والقدس وغوش دان، واستحوذت على شركة الأغذية الكبرى "تنوفا"، وتدير المشاريع الإستراتيجية كأعمال التعدين وبناء الميناء الجنوبي في أسدود وتأسيس السكك الحديدية الخفيفة في تل أبيب وبناء خط القطار إلى إيلات، وباتت تعرف جميع مفاصل الاقتصاد الإسرائيلي.

أما عملية التصدير الرئيسية لإسرائيل إلى الصين فتتركز في المكونات الإلكترونية بنسبة 51%، وهناك 3 صناعات رئيسية ومتنامية من الصادرات الإسرائيلية للصين، هي معدات القياس والتحكم الصناعية، والمواد الكيميائية، والمعدات الطبية، وبينما تعتبر صناعة التكنولوجيا الفائقة المحرك الرئيسي للنمو في إسرائيل تم تصميم "شراكة الابتكار الشاملة" مع الصين في 2017 لتعزيز العلاقة بين الابتكار التكنولوجي الإسرائيلي وطلب الصين عليه.

ورغم أن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية لا تشمل إسرائيل رسميا في خرائطها فإن موقعها الجغرافي، والمشاركة الاقتصادية الصينية المهمة فيها، واتفاقيات التطبيع تضعها في نقطة إستراتيجية رئيسية في المبادرة الصينية.

كم يبلغ حجم التبادل التجاري الصيني الإسرائيلي؟

يتراوح العدد الإجمالي لصفقات الاستثمار الصينية في إسرائيل بين 40 و45 صفقة سنويا، 12 في البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، و4-7 في الرقائق وأشباه الموصلات، ورغم أن الاستثمارات الصينية لم تزد بعد على 10% من إجمالي رأس المال الأجنبي في إسرائيل لكنها فازت بمناقصات كبيرة للبنية التحتية للمواصلات في إسرائيل، وبدأت بالتقدم لمناقصات في مجال البنية التحتية للمياه والكهرباء.

ووثقت الإحصائيات إبرام 463 صفقة استثمارية وعمليات اندماج وشراء في إسرائيل من الشركات الصينية بين 2002 و2020، وأصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، وقبل كل دولة أوروبية على حدة، وبينما وصل حجم تجارتهما البينية في 2001 إلى 1.07 مليار دولار ارتفع في 2018 إلى 11.6 مليار دولار.

وتعتبر بكين ثالث أكبر وجهة للصادرات الإسرائيلية بعد واشنطن ولندن بقيمة 4.7 مليارات دولار، وتصدر لها السيارات والإلكترونيات والمنتجات الكيميائية والطبية والمعدات البصرية، ويأتي الاستيراد الإسرائيلي من بكين في المرتبة الثانية بعد واشنطن بقيمة 11.4 مليار دولار في صناعات الإلكترونيات والمنسوجات وألعاب الأطفال والأثاث والمعادن والكيميائيات رغم أن علاقة الإسرائيليين بالصين تشبه "نملة على ظهر التنين".

كم تبلغ معدلات السياحة بين الصين وإسرائيل؟

تركز التوجهات الاقتصادية الإسرائيلية على استقطاب المزيد من السياح الصينيين، لأنهم يعدون سوقا إستراتيجيا لها، وافتتحت وزارة السياحة مكتبين لها في بكين وشنغهاي، لتسويق المواقع السياحية الإسرائيلية للصينيين الذين يصلون بعشرات الآلاف لإسرائيل للمشاركة في معارض للمبيعات والمشتريات.

ووضعت الدوائر الاقتصادية الإسرائيلية الصين ضمن أحد أهم أهدافها السياحية، لأنها تدر مدخولات مالية كبيرة، ويقع ترتيب سوق السياحة الإسرائيلي القادم من الصين في المكان السابع، بمعدل 105 آلاف سائح في 2018، وارتفع العدد في 2019 إلى 150 ألفا، بزيادة قدرها 50%.

لماذا تغضب واشنطن من التقارب الصيني الإسرائيلي؟

مارست الولايات المتحدة ضغوطا في السنوات الأخيرة على إسرائيل لإعادة النظر في علاقاتها الاقتصادية مع بكين لأنها تثير مخاوفها، فهي تستثمر في قطاعات التكنولوجيا التي تعتبرها واشنطن بالغة الأهمية لأمنها القومي، ويكمن القلق الأميركي في ترجمة استثمارات الصين إلى نفوذ إستراتيجي، وخلق اعتماد إسرائيلي متزايد على شركاتها في بناء وتطوير وتشغيل منشآتها للبنية التحتية، بعضها في مناطق حساسة من الناحية الأمنية.

وتنتقد المحافل الأميركية الآليات الرقابية الإسرائيلية غير الفعالة على "التورط" الصيني في اقتصادها، لأن التدخل الصيني بصناعة التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية يحمل خطر التجسس الصناعي عليها، ولا يمكن استبعاد المحاولات الصينية المستقبلية للتدخل في النظام السياسي الإسرائيلي.

وقد أسفرت ضغوط واشنطن على تل أبيب عن حرمان بكين من تشغيل منشأة سوريك لتحلية المياه لمدة 25 سنة، لأنها تجاور قاعدة بالماخيم الجوية، حيث تتمركز القوات الأميركية، وقرب مركز ناحال للأبحاث النووية.

كيف تسعى إسرائيل للحد من النفوذ الصيني لديها؟

مع تنامي الضغوط الأمنية الداخلية، والأميركية الخارجية قررت إسرائيل تشكيل "لجنة استشارية للأمن القومي والاستثمار الأجنبي" كخطوة ضرورية لمنع الصين من الاستمرار في توسيع استثماراتها لديها، والتعامل معها ضمن الحدود التي رسمتها الولايات المتحدة، فأوقفت صادراتها العسكرية للصين بناء على طلب واشنطن.

ما أبرز المواقف الإسرائيلية الرافضة للاختراق الصيني؟

يتحفظ الأمنيون الإسرائيليون على العلاقة المتنامية مع الصين بوصفها تشبه علاقة "القزم الممتلئ مع عملاق مهدد"، ويعتقدون أن الصين ليست صديقة وليست بديلا عن الدعم الأميركي، ويبدو الأمر كما لو أن إسرائيل أعطت الاتحاد السوفياتي السيطرة على مواقعها الإستراتيجية قبل حربي 1967 و1973.

بدورهما، يعتقد العميد البحري المتقاعد الجنرال شبتاي ليفي، ورئيس مركز السياسة البحرية والبحوث الإستراتيجية البروفيسور شاؤول حوريف أن "المشاريع الاقتصادية الصينية في إسرائيل -ولا سيما في مجال البنى التحتية الإستراتيجية- غير محبذة، فالصين تحاول استخدام العقل اليهودي".

أما الرئيس السابق للموساد أفرايم هاليفي فحذر من أن "السيطرة الصينية على استثمارات إستراتيجية قد تضعف السيادة الإسرائيلية، وتضعف قدرتها على التعامل مع تصعيد الصراع أمام إيران".

من جهته، أكد رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) نداف أرغمان أن "النفوذ الصيني في إسرائيل خطير، خاصة عندما يتعلق بالبنية التحتية الإستراتيجية واستثمارات الشركات الاقتصادية الكبرى".

لماذا يتحفظ الإسرائيليون والأميركيون على تنامي النفوذ الصيني؟

يرتبط التحفظ الأول بأن الوجود الصيني في إسرائيل يمنحها موطئ قدم لشن هجمات سيبرانية استخبارية عبر بناها التحتية -ولا سيما شبكات الكهرباء والاتصالات ومخازن المياه- لجمع معلومات تكنولوجية وصناعية وعسكرية، فالأسطول السادس الأميركي يظهر بين حين وآخر قبالة الشواطئ الإسرائيلية.

أما التحفظ الثاني فيتعلق بأن الصين لديها مصلحة لتحقيق اختراق في إسرائيل عبر اتصالات الجيل الخامس، خاصة للشركات المتطورة مثل هواوي المرتبطة بأجهزة الاستخبارات الصينية، وتخوض حرب مقاطعة من الإدارة الأميركية، مما يمكن القوة الصينية العظمى من استغلال الموارد الإسرائيلية للحصول على معلومات تكنولوجية غاية في الخطورة.

التحفظ الثالث يرتبط بخطة الصين الإستراتيجية بعيدة المدى "الصين 2050″، وتشمل السيطرة التدريجية على سوق الاتصالات في العالم، مما يجعل التدخل الصيني بالمشاريع الإسرائيلية خطرا عليها قد يشمل استهدافها واستخدامها كمنصات لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل.

أما التحفظ الرابع فيتعلق بأن الوجود الصيني المستمر في إسرائيل قد يكبل أيديها من مهاجمة إيران، فالصين توجد في صناعة الطاقة والاقتصاد الإيرانيين، وتعتبر شريكها التجاري الأول على مستوى العالم، ولا سيما مع توقيع الاتفاقية الأخيرة لمدة 25 عاما، مما يجعل أي هجوم إسرائيلي على إيران كفيلا بإثارة نزاع مع الصين إن استُهدف أي موقع من مواقعها هناك.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي