انتخابات وحراك شعبي.. اختلاف في الجزائر حول رؤية "التغيير"

2021-04-04

الجزائر-وكالات: بينما تدعو السلطات في الجزائر المواطنين للانخراط في "جهود إعادة بناء مؤسسات دستورية جديدة عن طريق الانتخاب"، يدفع جزائريون رافضون لعملية الانتقال السياسي، وفق رؤية السلطة، لتصعيد المظاهرات الأسبوعية وتشجيع المقاطعة للمواعيد الانتخابية المقبلة.

وبعد حل البرلمان في 21 فبراير الماضي، دعا الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، في محاولة لاستعادة زمام الأمور، في ظل عودة الحراك الاحتجاجي المناهض للنظام، بعد عام على تعليقه بسبب جائحة كورونا.

وحدد الرئيس الجزائري يوم 12 يونيو المقبل موعدا للانتخابات، بحسب ما أكدت الرئاسة الجزائرية أوائل شهر مارس الماضي.

يأتي ذلك وسط تواصل المظاهرات الشعبية، الرافضة لمسعى الانتخابات الذي "تفرضه السلطة" وفق تعبير أحد النشطاء، وإعلان أحزاب كبيرة مقاطعتها للموعد الانتخابي الذي حدده تبون.

والسبت، أعلن حزب جبهة القوى الاشتراكية، وهو أقدم الأحزاب المعارضة في الجزائر، أنه سيقاطع الانتخابات التشريعية، بناء على قرار لمجلسه الوطني.

وقال بيان للحزب إنه "يجدد التأكيد على أن شروط إجراء الانتخابات غير متوافرة، وأن الانتخابات لا تشكل حلا للأزمة المتعددة الأبعاد التي تعيشها البلاد".

قالت "جبهة القوى الاشتراكية" وهي أقدم الأحزاب المعارضة في الجزائر إنها ستقاطع الانتخابات التشريعية المبكرة المقرر إجراؤها في 12 يونيو المقبل، بناء على قرار "المجلس الوطني" التابع للجبهة.

وكان كل من حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب العمال قد أعلنا سابقا مقاطعتهما للموعد الانتخابي الذي أريد له أن يعيد بناء المؤسسة التشريعية التي حلها تبون.

والثلاثاء، تظاهر طلاب وأساتذة في العاصمة الجزائرية في إطار مسيرتهم الأسبوعية، ورفعوا يافطات منددة بـ"تجاهل" السلطات لمطالب التغيير ورفضهم للانتخابات المقبلة.

في المقابل، أعرب حزب حركة مجتمع السلم، وهو أكبر تشكيل سياسي ذا بعد إسلامي في الجزائر مشاركته في الانتخابات المقبلة، وقال، عبد الرزاق مقري، وهو رئيس الحركة، إن الانتخابات المقبلة "فرصة للتغيير والإصلاح الحقيقي لمؤسسات الدولة".

وبينما يقول الرافضون للانتخابات إنهم قرروا المقاطعة بسبب استمرارا نفس الممارسات المتعلقة بتقاسم الحصص مسبقا بين المؤيدين للسلطة، قال مقري إن "عهد توزيع الحصص قد انتهى، وإن حركة مجتمع السلم قد فتحت الباب أمام المواطنين من خارجها للترشح ضمن قوائمها".

ياسين عبدلي، وهو ناشط بارز في الحراك الشعبي المناهض للمسار الانتخابي، يرى بأن تنظيم الانتخابات في وقت يخرج فيه مئات الآلاف من المواطنين "للتعبير عن رفضهم للنظام والمطالبة بالتغيير، يعد مخاطرة".

وفي حديث لموقع "الحرة" قال ياسين إن "تعنت السلطة ينبئ بتأزم الوضع أكثر خلال الصيف القادم، خصوصا وسط الأزمة الاقتصادية المتفاقمة".

ويرى ياسين بأن الشعب الجزائري "قال كلمته" بخصوص رؤيته للتغيير، إذ يؤكد الجزائريون على ضرورة إحداث "تغيير شامل يبدأ بمجلس انتقالي يقصي جميع من شاركوا الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الحكم منذ 1999، وعلى رأسهم تبون" وفق تعبيره.

وانتخب تبون رئيسا للجزائر في 12 ديسمبر 2019، في انتخابات لم تستقطب عددا كبيرا من الجزائريين، حيث لم تتعد نسبة المشاركة 40 في المئة.

لذلك، يرى بلقاسمي عثمان، الأستاذ بكلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر، أن الانتخابات المزمع إجراؤها شهر يونيو المقبل لن "تنجح من منظور المشاركة ولا الهدف الذي تسعى إليه".

وفي اتصال مع موقع "الحرة" قال بلقاسمي إن "السلطة ماضية في تحيين مؤسساتها، بالرغم من علمها بأن الانتخابات لم تعد تستهوي الجزائري الذي يصارع من أجل تحصيل لقمة العيش، بينما تسعى الأغلبية لتحقيق التغيير عن كطريق التظاهر السلمي".

كما لفت بلقاسمي إلى التصعيد الذي يدعو إليه المناصرون للحراك الشعبي، وقال إن ذلك يعد "نتيجة منطقية لإصرار السلطة على التنكر للمطالب الحقيقية للشعب".

لكن،  عامري الخير، من حزب جبهة التحرير الوطني من ولاية جيجل، يرى بأن الشعب الذي يريد التغيير "عليه أن يشارك بصفة إيجابية".

والإيجابية، وفق الخير، هي "المشاركة في الموعد الانتخابي المقبل، من أجل تجديد مؤسسات الدولة وإحداث التغيير من خلالها، وليس من خلال الخروج للشارع كل أسبوع".

وبينما ينادي متظاهرون بـ "مقاطعة عملية الانتقال السياسي في ضوء خطة الحكومة الجزائرية"، تطالب أصوات من داخل الحراك بضرورة "المشاركة الإيجابية في مسعى التغيير"، بتحديد ممثلين عن الحراك للتفاوض مع السلطة.

وقال، عبد النبي محمد، وهو ناشط في الحراك الشعبي من مدينة قسنطينة إن "من الضروري بلورة فكرة الحراك وترجمة المطالب إلى أرضية تغيير تجمع الجزائريين".

يؤكد العديد من النشطاء الجزائريين أن حركة الاحتجاجات السلمية في البلاد، المعروفة باسم الحراك، لم تخبو جذوتها بعد أو تتلاشى، ولكنها تكافح لإيجاد طرق جديدة لتحقيق أهدافها وغاياتها، وذلك بحسب تقرير مطول لموقع  مجلة "ذا أفريكا ريبورت".

وفي حديث لموقع "الحرة" أكد محمد أن "الحراك جزء من خطة التغيير"، وأن فكرة التمثيل أصبحت "أكثر من ضرورة" وفق تعبيره، لكنه رفض كذلك المشاركة في الانتخابات المقبلة، قائلا "إنها تدخل في إطار مسعى إعادة إحياء النظام المدعوم من المؤسسة العسكرية"، وهو "سبب خروج الجزائريين قبل سنتين".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي