
مصدر هذه الجدلية هو الخلط بين الدين والسياسة الذي حولهما إلى أداة بيد السلطات الحاكمة ليبدوا الدين والسياسة معا كأنهما ملك الحكام ومن حقهم إدارتهما كما يشاؤويهووا وسواءً باسم الله أم باسم المبادئ الايديلوجية المختلفة وإن بنسب مختلفة.
حين تتحول الأديان إلى إيديولوجيات جامدة يتحول مفهوم الإله إلى آلة جبارة فتاكة بيد من يسيء استخدامها طالما بقي الخلط بين الدين والسياسة.
يعزز ذلك جهل الأتباع بل وتحويل تجهيلهم إلى منهج مدمر للوعي وإلى جدران تصد كل منافس تنسم الحرية ومنابع الوعي.
الإيديولوجيات تصنع الشر في كل اتجاه ومن حيث تدعي أنها تفعل الخير، تقدس الأنبياء والرسل وهي مطالبة بأن لا تقدس سوى الله!.
تجعل عمل الأنبياء والرسل وتفسير وتأويل فقهاء الدين سلاح فتاك يحول العقول إلى قبور لأصحابها أو من يدع أنه من أصحابها!.
مصدر البؤس أن يتحول دين الله إلى سلطة بيد أيِّ من خلقه يحكم باسمه ويبطش باسمه ويتحكم في مصير الانسان والحياة بأفكار مريضة منسوبة إلى الله.
يستخدم الرعاع والجهلة فيحولهم إلى قتلة ، وقطاع طرق يستبيحون الأرواح والأموال والأعراض والضمائر مستعينا في بث هذا الجبروت بما استولى عليه من علم الغيب يرضع طغيانه وجبروته من جهل الناس وتجهيلهم الممنهج !.
نعم منذ زمن تحول التجهيل إلى سياسة ومنهج يغذي نهم الطاغية المحتمي بالخرافات وبيع الأوهام!.
الايديلوجيا قاتل فتاك لإرادة البحث عن الحقيقة سواء باسم الدين أم باسم أي توجه فكري ، والحقيقة نسبية ومطلقة ومشتركة ، والإيديلوجيات المختلفة تحول السياسة والدين إلى ضرب من ضروب الحكم بالغيب الذي أضر ومازال يضر بالدين بماهو حالة وجدانية شخصية نقية تقويها وتدعمها الحرية ويغذيها العلم والمعرفة، والسياسة بما هي عقد اجتماعي صارم في صياغته وفي تنفيذه يقوم على حفظ التوازن بين حقوق الفرد والمجتمع !.
الحرية وحدها مفتاح الإجابة على سؤال: فأين تكمن الحرية ومن يحق له تقييدها سوى العلم والمعرفة لاالكهانة والخرافة ؟!.
الحرية مفتاح وليس قفل!.
لاتحاول تحويل الإجابة المنشودة إلى قفل لأن ذلك من أهم مداخل وأبواب الطغاة والطغيان!.
الاتباع الجهلة وحدهم هم من يحولون الرسل والأنبياء الى آلهة أو اشباه آلهة!.
هذا التحويل يعطل الرسالة فتتحول الى أداة بيد ورثتها أو مدعي الوراثة بشكل أدق !
ورثة أي رسالة سامية المفترضين هم جميع البشر كل على مستوى قدرته وطاقته وعلمه ، أما اذا تحولت الى ميراث عائلي فهذا يعني أن مدعي الحق الوراثي قد أعطى لنفسه الحق في ميراث لا يمكنه تحمل تبعاته وآثاره !.
وفي كل الأحوال ستكون هذه الدعوى وبالاً عليه أو عليهم أولاً، وعلى كل من لديه أي مستوى من القدرة على تحمل ما يدعي زوراً وبهتاناً أنه حقه الخاص وهوحق عام لكل من تتوفر فيه الشروط من البشر!.
المشاركة في حمل هذا العبئ أجدى وأنفع وأكثر قبولاً ونجاحاً للفرد وللمجتمع!.
لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته كما يقول بعض علماء الاقتصاد والقانون والسياسة ، وفقهاء الدين ، وللعالم تفسيرات متعددة بتعدد العلوم والمجالات.
فعلماء الاقتصاد يفسرون ويحللون مشكلات العالم والحياة من منطلق الاقتصاد وقواعده واصوله النظرية والعملية ، وكذلك السياسيون بمختلف نظرياتهم ومدارسهم.
ورجال القانون ينظرون للعالم على أنه معرض للفوضى إذا انعدمت القواعد القانونية التي تنظم علاقات الأفراد والجماعات ببعضهم وعلاقاتهم بالمؤسسات الاجتماعية والسياسية التي ينشئونها لهذا الغرض، وقسموا أشخاص هذه العلاقات بنظر القانون إلى شخص طبيعي واعتباري!.
واعتبروا الدولة شخصية اعتبارية مكونة من ثلاثة أركان هي: - الشعب - الإقليم -السلطة، وفرعوا السلطة إلى شخصيات متخصصة لكل المهام المناطة بها – التشريعية والقضائية والتنفيذية ويحدد كل ذلك الدستور والقوانين.
أما رجال الدين فقد اعتبروا الأمة مهددة بالهلاك مالم يخضعوا ويطيعوا وينفذوا مايعتبرونه تعاليم الدين وهي في الحقيقة تعبر عن مصالح من يتخفى وراء هذه التعاليم التي ترك الله أمر تنظيمها للبشر وطبق ما يتوصلون إليه من علم الشهادة وليس علم الغيب!.
ومع التطور الفكري والسياسي وصل بعض الملوك المعاصرين إلى مرحلة من الوعي أشعرتهم بالقلق من تبعات المسؤولية التي تقع على عاتقهم جراء التفرد بالقرار الذي يوحي به لقب الملك أو الإمبراطورأو أي حاكم مستبد ، وهي تبعات أكبرعلى من يتولى السلطة باسم الدين ووزرها مضاعف في الدنيا والآخرة إن كان يؤمن بذلك!.
هولاكو ذو الوجه المتنكر
والذيل الممدود بلا لون
مزروع في أوردة الحكام البلهاء
وفي الأتباع .
*من صفحة الكاتب على فيسبوك