![صفقة ترامب…- القدس العربي](/img/grey.gif)
ماذا لو اقترح ترامب إقامة معسكرات إبادة لسكان قطاع غزة؟ ما الذي سيحدث؟ يمكن الافتراض أن دولة إسرائيل سترد بالضبط كما ردت على فكرة ترامب بالترانسفير: نشوة في اليمين، لامبالاة في الوسط، يئير لبيد يعلن أنه سيساعد واشنطن على طرح “خطة مكملة” كما تطوع بفعله بشأن خطة الترانسفير. أما غانتس فسيصف الخطة بأنها “تفكير إبداعي وأصيل ومثير الاهتمام”. في حين سيقول سموتريتش بمسيحانيته “الله أحسن صنعاً لأنه جعلنا سعداء”. سيرتفع نتنياهو في الاستطلاعات.
السؤال المطروح لم يعد افتراضياً. لن يقترح ترامب معسكرات إبادة بالاسم الصريح، لكنه صادق لإسرائيل من قبل على مواصلة الحرب التي لم تعد حرباً، بل هجوم بربري على أرض مدمرة. إسرائيل لن تتراجع، لأن ترامب صادق على ذلك.
ومثلما كشف ترامب مشاعر الترانسفير التي تنبض في قلب كل إسرائيلي تقريباً، لحل المشكلة “بمرة واحدة وإلى الأبد”، فهذا يكشف عن لبنة أكثر ظلامية: مشاعر إما نحن أو هم. ليس بالصدفة أن شخصاً مشكوكاً فيه قد أصبح معلماً للشريعة في إسرائيل. هو بالضبط ما رغبنا فيه وما حلمنا به: مبيض الجرائم. وسيتبين أنه الرئيس الأمريكي الذي تسبب لإسرائيل بأكبر ضرر شهدته في حياتها. لقد كان هناك رؤساء ضيقوا أيديهم في تقديم المساعدات لنا، وآخرون هددونا. حتى الآن، لم يأت الرئيس الأمريكي الذي يقول بأن علينا تدمير ما بقي من الأخلاق الإسرائيلية. من الآن فصاعداً، كل ما يصادق عليه ترامب يعتبر المواصفات والمقاييس الإسرائيلية.
ترامب يدفع إسرائيل الآن نحو استئناف الهجمات في القطاع، ووضع شروط تعجيزية أمام حماس. يجب إطلاق سراح جميع المخطوفين السبت القادم في الساعة الثانية عشرة، ليس بعد ذلك بدقيقة، مثلما في المافيا. وإذا تمت إعادة ثلاثة مخطوفين فقط مثلما ينص الاتفاق، فسنفتح أبواب جهنم، وهي لن تفتح فقط على قطاع غزة الذي سبق وتحول إلى جهنم، بل على دولة إسرائيل؛ فهي ستفقد آخر معتقليها. ترامب سمح بذلك. ولكنه سيذهب ذات يوم وربما سيفقد اهتمامه قبل ذلك، وستبقى إسرائيل مع أضرار، أضرار دولة مجرمة ومنبوذة. ولن يتمكن أي دعاية أو أي أصدقاء من إنقاذها إذا ما سارت في ضوء وحيها الأخلاقي الجديد. أي اتهام باللاسامية لن يسكت صدمة العالم إذا سارت إسرائيل إلى جولة أخرى للقتال في غزة. لا يمكن المبالغة في شدة الإضرار. واستئناف الهجمات في القطاع، بموافقة وبصلاحية من الإدارة الأمريكية، يجب وقفه في إسرائيل. النضال الوحيد الذي يجري هنا من أجل إطلاق سراح المخطوفين هو إزاحة نتنياهو، لكنه غير كاف.
إن استئناف الحرب هو الكارثة الأكبر التي تقف على الباب وتبشر بالإبادة الجماعية. الآن لم يعد هناك أي نقاش حول التعريف: كيف ستكون الحرب إذا لم تكن هجوماً على عشرات آلاف اللاجئين المعوزين؟ ماذا سيكون معنى منع المساعدات الإنسانية، والوقود، والدواء والمياه، إذا لم يكن إبادة جماعية؟ ربما كانت الـ 15 شهراً الأولى من الحرب مجرد مقبلات، والـ 50 ألف قتيل الأوائل كانوا هم المقدمة.
اسألوا كل إسرائيلي وسيقول لكم بأن ترامب صديق لإسرائيل، ولكنه عدوها الأخطر- حماس وحزب الله لن يفسدا إسرائيل أكثر منه – لأنه أمر بتدمير ما تبقى من الأخلاق الإسرائيلية.
جدعون ليفي
هآرتس 13/2/2025